أعلن مجموعة من الباحثين من طلاب وأعضاء هيئة تدريس جامعة نيويوركأبوظبي عن إجرائهم لدراسة حول تأثير درجات الحرارة المرتفعة لمنطقة الخليج العربي على تغير النظم الغذائية للأسماك واستجابتها للإجهاد الحراري، مما سيوفر رؤىً بالغة الأهمية حول آلية تحول النظم الغذائية في مناطق أخرى من العالم مع تغير المناخ مستقبلًا. وقام الباحثون بتحليل محتويات 146 معدة لثلاثة أنواع مختلفة من الأسماك؛ وهي أسماك أنجل العربية (Arabian angelfish)، وأسماك دامسل الداكنة (Dark damselfish) وأسماك دامسل شاحبة الذيل (Paletail damselfish). وأتاحت عينات الأسماك، التي تم جمعها بشكل موسمي على مدار عام واحد، وصفًا تفصيليًا حول الغذاء الذي يتناوله السمك في جنوب الخليج العربي، والذي يدل بدوره على كيفية تغير الأنظمة الغذائية لها تبعًا لتغير درجات حرارة مياه البحر من البرودة في بداية العام ووصولًا إلى أعلى معدلاتها خلال فصل الصيف. وتوصلت الدراسة إلى اكتشاف أهمية المرجان كعنصر أساسي في النظام الغذائي لأنواع الأسماك الثلاث المدروسة. وفي هذا الصدد، صرح جون بيرت، الأستاذ المساعد في علم الأحياء ورئيس مختبر البيولوجيا البحرية في جامعة نيويوركأبوظبي: "أسفرت نتائج البحث عن اكتشاف فريد من نوعه، لأن أنواع الأسماك الخاضعة للدراسة غير معروفة بتَغَذِيها على المرجان بشكل مهم في مناطق أخرى من العالم". وأضاف بيرت: "تطرح الدراسة بعض الأفكار الرائعة للتعرف على الطبيعة غير الاعتيادية للأنظمة الغذائية للأسماك في جنوب الخليج العربي ذو الحرارة المرتفعة، الأمر الذي أتاح لنا توقع آلية تغير النظام الغذائي لدى أسماك الشعاب المرجانية في مناطق أخرى حول العالم، تبعًا للتغيرات المناخية التي تساهم في جعل تلك المناطق أكثر دفئا". ويساهم التغير المناخي في تبدل بيئة الشعاب المرجانية حول العالم، وهو ما يؤثر على سلوكيات التغذية والتوافر الغذائي لملايين الأسماك التي يعتمد غذائها الأساسي على الشعاب المرجانية. وبينما تصل حرارة مياه الخليج العربي إلى 37 درجة مئوية خلال فصل الصيف، فإن هذه المنطقة توفر فرصًا ثمينةً لدراسة النظام الغذائي للأسماك المحلية المتكيفة مع درجات الحرارة المرتفعة. كما استطلع البحث أيضًا النظام الغذائي لأسماك أنجل العربية، المعروفة في باقي مناطق العالم باعتمادها على الإسفنجيات في غذائها، إلا أن الإسفنجيات الموجودة قبالة شواطئ الإمارات العربية المتحدة لا تمثل سوى جزءًا ضئيلًا من النظام الغذائي للأسماك. وتابع بيرت: " تعتبر الإسفنجيات كائنات بحرية نادرة إلى حد ما في الشعب المرجانية في جنوب الخليج العربي، مما يدفع أسماك أنجل إلى التخلي عن وجباتها الغذائية المفضلة، مقابل اعتمادها أنواعًا غذائيةً واسعة الانتشار في المنطقة كحيوان المرجان البحري". وبينت الدراسة أن النظام الغذائي لأسماك دامسل يتغير بصورة بارزة على مدار العام، ففي فترات معينة تتغذى هذه الأسماك على الحيوان المرجاني بشكل أساسي، أما خلال فصل الربيع فتتوسع قائمة خياراتها الغذائية لتشتمل أنواعًا أخرى من الكائنات الحية. وقد تبين أن اتساع النظام الغذائي لهذه الأسماك اعتمادًا على الفصل ما هو إلّا استراتيجية عاجلة لتوفير مخازن الطاقة لديها قبل حلول فصل الصيف الحار. يُذكر أن البحث يأتي كجزء من مشروع 'كابستون‘ بقيادة خريجة جامعة نيويوركأبوظبي رشا شريم؛ وهي اختصاصية في علم الأحياء وخريجة دفعة 2016. واعتمد المشروع نهجًا حديثًا لتحليل تسلسل الحمض النووي بغرض فحص محتويات معدة الأسماك كبديل عن عمليات المسح المجهرية. وبهذا الصدد يقول بيرت: "يتوجب على الباحثين بالطريقة التقليدية أن يمعنوا النظر مطولًا في المجهر لفرز محتويات المعدة بصريًا بهدف تحديد أجزاء الطعام الصغيرة وقطع الطعام المهضومة جزئيًا. وقد برهنت طرائق ال'ميتاجينوميكس‘ المستخدمة في الدراسة على أنها وسيلةً سريعةً وفعالةً لتحديد أنواع المواد الموجودة في المعدة، فضلًا عن امتلاكها القدرة على تحديد مجموعة واسعة من العناصر التي يستحيل معرفتها من خلال الطرائق التقليدية".