تتعالى أصوات المتقاضين داخل الرواق الضيق، وتتصارع الأجساد للوصول إلى مكان آمن بعيدا عن الزحام، على مقعد تقاوم بطانته الفناء بالقرب من قاعة المداولة بمحكمة الأسرة بمدينة نصر، جلست الزوجة التي تغادر عامها ال37 معلقة ناظريها بالحاجب الثلاثينى، متتبعة كافة تحركاته خشية أن تفوتها صيحاته المعلنة عن بدء جلسة دعوى بطلان حكم الخلع التى أقامها زوجها الستيني ضدها مدعيا استخدامها إعلانات مفبركة للحصول على حكم بتطليقها منه طلقة بائنة فى غيبته. تقول الزوجة الثلاثينية فى بداية روايتها:"تزوجت لأول مرة عن قصة حب تحديت أهلى من أجلها ووقفت أمامهم معلنة رفضى لكلماتهم عمن اخترته كى أكمل ماتبقى من عمرى معه، بأنه شخص مستهتر وغير مناسب لى ولن يحافظ على عشرتى ولن يصون كرامتى، وأن مصير هذ الزيجة هو الفشل مهما طالت السنوات، واصريت علي الارتباط به رغم ظروفه المالية الصعبة، وياليتنى مافعلت واستمعت إلى تحذيرات المقربين منى، فقد أذاقنى مرارة الخيانة والقهر، وفى النهاية أدار ظهره لى ولأولاده الثلاثة ولهث كعادته وراء نزوة جديدة من نزواته التى لا تنتهى، والتى كنت اتحملها خوفا من أن أرى نظرة لوم أو شماتة فى عين أحد لكن هذه المرة لم أصمت وتم الإنفصال". تشرد الزوجة الحسناء ببصرها صوب باب القاعة المتهالك وهى تواصل روايتها:"خرجت من تلك الزيجة محطمة وكافرة بكل معانى الحب، وأقسمت ألا افتح باب قلبى مرة أخرى لأى رجل، وأن اعيش لتربية أولادى ورعايتهم فقط، لكنى أدركت مع مرور الأيام والسنوات أننى غير قادرة على تحمل مسئوليتهم بمفردى وأننى أضعف من أواجه مجتمع ينظر للمطلقة باعتبارها امرأة مباحة، ليس لديها محظورات ويحق لأى أحد الإقتراب منها وإزعاجها، لذلك عندما رشحت لى أحد زميلاتى زوجى الثانى، وقالت لى عنه أنه يشغل منصب مرموق بإحدى الشركات بالخارج وماله وفير وعلى علم بظروفى وموافق على كافة بشروطى، لم أبالى بفارق السن بينا والذى كان يتعدى ال 25 عاما، فكان كل مايهمنى أن محفظته ممتلئة عن آخرها ، غير ذلك أنه سيتولى معى العناية بالأولاد وسيوفر لهم كل احتياجاتهم ونفقاتهم بعد أن تخلى والدهم عنهم". تنهي الزوجة روايتها مسرعة فقد حان موعد نظر دعوى بطلان حكم خلعها:"وما أن أغلق علينا باب واحد حتى سحب زوجى العجوز كافة تعهداته ولم يرع أولادى كما قال لى سابقا، وبدأت اصطدم بوجهه القبيح وقلبه القاسي ومعاملته الغير آدمية وطلباته الشاذة وتصرفاته المقززة أثناء لقاءاتنا الحميمة، لدرجة أننى صرت أكره جسدى ونفسى وأشعر بالدونية، ومر عام وأنا صابرة لكنى لم أتحمل أفعاله أكثر من ذلك، وطلبت الطلاق لكنه رفض فلجأت إلى محكمة الأسرة، وأقمت ضده دعوى طالبت فيها بتطليقى منه طلقة بائنة للخلع مقابل التنازل عن كافة حقوقى المالية والشرعية ،وبالفعل صدر حكم لصالحى، فأقام فى المقابل دعوى يطالب فيها ببطلان حكم الخلع، وأدعى أننى استخدمت إعلانات مفبركه وأدخلت الغش والتدليس على المحكمة، ولا أعلم مصيرى حتى الآن هل أنا مطلقة أم لا".