* بندوة "إنقاذ أبو سمبل.. نظرة هندسية بين الماضي والحاضر" * النبراوى: نقابة المهندسين تتعاون بجميع المشاريع القومية وفقا للقانون * معماريو مصر يعرضون معاونة وزارة الآثار في إنقاذ معبد "أبوسمبل" * إنقاذ آثار المعبد تكلف 40 مليون دولار أمريكى وشارك في التمويل مصر واليونسكو و40 دولة * الولاياتالمتحدة اقترحت على مصر شراء معبدين بدلا من مد يد العون وثروت عكاشة رفض * تم تقطيع المعبد إلى 5 آلاف قطعة ثم رفعها ثم تجميعها في المكان الجديد عقب الجدل الذى أثارته الطريقة التي تم بها رفع تمثال رمسيس من منطقة المطرية قبل أيام باستخدام لودر، نظمت شعبة الهندسة المعمارية بنقابة المهندسين برئاسة ماجد سامى إبراهيم، وبالتعاون مع جمعية المعماريين برئاسة سيف الله أبو النجا، ندوة مشتركة بعنوان "إنقاذ أبو سمبل.. نظرة هندسية بين الماضي والحاضر"، استضافتها قاعة عثمان أحمد عثمان بالنقابة العامة. حضر الندوة المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، وشارك فيها عدد من المشاركين في إنقاذ معابد أبو سمبل، وخبراء العمارة والترميم، وتخللتها محاضرة للمعماري حمدى السطوحى- مقترح ومُصمم متحف "أبو سمبل" - استعرض فيها التفاصيل الكاملة لعملية إنقاذ معابد "أبو سمبل" من الغرق في مياه بحيرة السد العالي. واتفق المشاركون فى الندوة على ضرورة مخاطبة وزارة الآثار، للتأكيد على استعداد المعماريين المصريين على تقديم يد العون لحل جميع المشكلات التي يعاني منها معبد "أبو سمبل"، خاصة ما يتعلق بتهوية القبة الخرسانية للمعبد، مؤكدين ضرورة توثيق جميع العمليات الإنشائية والمعمارية التي تم بها نقل المعبد، والمواد التي استخدمت في تقطيع آثار المعبد، وأيضا التي تم استخدامها في عمليات تركيب قطع المعبد بعد نقله، والمواد المستخدمة في بناء القبة الخرسانية التي احتضنت تماثيل معبد "أبوسمبل". وأكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أن النقابة تتعاون في جميع المشروعات القومية ذات الطابع الهندسي، وقال: "هذا هو دور النقابة القومي الذي حدده القانون، وسنستمر في القيام بهذا الدور، وسنناقش كل قضية هندسية بكل صراحة وسنعلن رأي النقابة بكل وضوح". من جانبه، أكد المعماري حمدي سطوحي أن عملية إنقاذ معابد "أبو سمبل" من الغرق بمياه بحيرة ناصر كانت عملية عبقرية بكل المقاييس، استلهم فيها المصريون إبداع أجداهم الفراعنة العظماء. وسرد "سطوحي" الحكاية من البداية، منذ نداء اليونسكو في 8 مارس 1960 لكي تشارك الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد في العالم كله في إنقاذ معبد "أبو سمبل"، وهو العمل الذي وصفه مدير اليونسكو وقتها ب"المهمة التي ليس لها مثيل في التاريخ"، ومنذ هذا التاريخ بدأت العملية التي انتهت بنجاح في 22 سبتمبر 1968. وقال إن الولاياتالمتحدة عرضت على ثروت عكاشة - وكان وزيرا للثقافة وقتها - أن تشتري معبد أو اثنين من المعابد التي ستغرقها مياه بحيرة السد العالي، ولكن عكاشة رد على طلبهم متهكما "كنت أتصور أن تمدوا لنا يد العون لإنقاذ تلك المعابد، ولكنكم جئتم تطلبون شراءها، وطلبكم مرفوض". وأضاف: "كانت هناك 4 مقترحات لنقل المعبد، أولها للنحات النوبي أحمد عثمان الذي اقترح تقطيع المعبد ونقلها ثم إعادة تجميعها، ولكن قيل إن هذه الفكرة مجنونة وتم رفضها، وظهرت أفكار أخرى منها نقل المعبد كله هيدروليكيا، أو بناء سد حوله يحجب عنه الماء، أو نقله خلال 6 سنوات باستخدام قانون الطفو، ولكن كل هذه المقترحات كانت شديدة الخطورة، وتم في النهاية اعتماد فكرة تقطيع المعابد ونقلها ثم إعادة تجميعها". وتابع: "إنقاذ معابد "أبو سمبل" ، شمل نقل أكثر من معبد منها معبد فيلة، ولكن ما حدث مع معبدي رمسيس ونفرتاري كان معجزا، لأن المعبدين كانا منحوتين داخل قلب الجبل، وليس منفصلا، والفكرة العبقرية التى قدمها الآباء خلال ستينيات القرن الماضى كانت إنشاء جبل اصطناعى عن طريق قبة خرسانية ضخمة، ووضع المعبد داخلها، وذلك لنقل المعبد بنفس الهيئة التى كان عليها". واستطرد: "فتم تقطيع المعبد إلى 5 آلاف قطعة ثم رفعها ثم تجميعها في المكان الجديد فوق جبل صناعي قائم على كتلة هائلة من الحديد والخرسانة على شكل نصف دائرة، وقد أقيم البناء على فكرة عبقرية وبارتفاع 65 مترا وبمسافة تبعد 200 متر عن موقع المعبد الذي تم تفكيكه ونقله إلى أعلى الجبل الصناعي". وأشار سطوحى إلى أن مشروع إنقاذ "أبو سمبل" تضمن عدة خطوات، والبداية كانت إقامة سد مؤقت عازل بين ماء البحيرة والمعبدين، وكان يهدف إلى حماية المعبدين من المياه التي ترتفع بسرعة، ثم بعد ذلك تمت تغطية الواجهة بالرمال، ثم جاءت مرحلة تقطيع المعبدين فكانت كتل المعبدين تقطع بمناشير يدوية وبعناية، وقد تجلت مهارة العامل المصرى، حيث كان صمم الخبراء الإيطاليون مناشير تقطيع المعبد بحيث لا تتعدى واصل القطع 6 ملليمتر، ولكن عبقرية العمال المصريين خفضت هذا المسافة إلى 4 مم، وفى النهاية تم بناء القبة الخرسانية فوق المعبدين لكي تحميهما من ثقل وزن صخور الجبل الصناعي. وأوضح أن تكلفة هذا العمل 40 مليون دولار أمريكى وشارك في التمويل مصر واليونسكو ومساعدات من 40 دولة، واستغرقت عملية فك وإعادة تركيب معبد أبو سمبل قرابة 4 سنوات (1964 - 1968) تحت إشراف 6 شركات عالمية. وأكد السطوحى أن الإعجاز الذى قام به آباؤنا فى الستينيات خلال نقل المتحف لا يقل عن الإعجاز الذى قام به أجدادنا منذ آلاف السنين، وقال: "أجدادنا وآباؤنا قدموا إعجازا ولكننا حتى الآن لم نقدم شيئا".