بعد عام ونصف من المناوشات السياسية المستمرة في محاولة من الكثيرين لجعل مصر افضل.. وفي محاولة اخري من البعض لنيل ما سعوا اليه خلال سنوات عديدة مضت .. وفي محاولات اخري للافلات من العقاب –هذا بالطبع بالنسبة لمن يجب ان يعاقبوا – في وسط كل هذا الزخم المرير الذي لم تعان طبقة منه كما عانت الطبقات الكادحة في المجتمع وعزاء الثورة الوحيد انها قامت لاجل هؤلاء ولكي تجعل حياتهم افضل بعد هذا الوقت غير القصير تطل علينا حكومتنا المعينة من قبل رئيس دولة منتخب ساهم هؤلاء الفقراء والكادحون في صعوده سلم السلطة عبر انتخابات هي الاولي من نوعها _تقريبا_ في مصر بمشروع الاقتراض من صندوق النقد الدولي وهنا ينقسم المجتمع الواعي بقضايا الوطن الي قسمين: قسم يؤيد القرض كما لو انه سينقذ مصر من مجاعة حتمية تحيط بها برًا وبحرًا وقسم اخر يرفض القرض وكاننا سنسدده بع بيع ملابسنا او ربما سيأخذ صندوق النقد الدولي نهر النيل _رهنا_ حتي نسدد القرض او اذا ما تعثرت مصر في التسديد ربما ياخذون الشعب ليحبسونه في سجن كبير من الديون المتراكمة.وعلي اية حال فان الحكومة تقع في خطأ ضخم مازلنا نحن المصريين لا نعي اننا جميعا نقع في هذا الخطأ الذي تربينا عليه. فحين يسأل الطفل الصغير اباه الي اين انت ذاهب -يا بابا- فيرد عليه الاب انا ذاهب الي الدكتور وهاخد حقنة كبيرة ..او لو الاراد الاب ان يصطحب الابن لقال له انا رايح العب كورة تيجي معايا ؟!! الحكومة تلعب معنا نفس الدور الذي لعبته معنا حكومات سابقة في الترهيب والترغيب وتلعب معنا لعبة قديمة اصبح الشعب يعيها بالفطرة النابهة ..لعبة الصندوق ..العصا..والجزرة ان هذا القرض المزمع اقتراضه من صندوق النقد الدولي ليس اختراعا حديثا وانما قد اقترضت مصر اربعة قروض منذ الثمانينيات وحتي الان وكان اخرها في عام 1993 و من حينها لم تطلب مصر قرضا الا في ظل حكومة الجنزوري وهنا مربط الفرس . ففي حكومة الجنزوري تصدت الجماعة وذراعها السياسي للقرض معللين بان هذا القرض سيغرق مصر في الديون وانهم سيجنون علي اجيالا جديدة بالدين لمجرد سد عجز الموازنة العامة للدولة وقد ابدت أيا بان هناك اساليبا اخري كثيرة يمكن سد عجز الموازنة العامة بها وقد تم رفض القرض من مجلس الشعب في هذا الوقت والذي كانت تحتل كراسيه اغلبية اسلامية رفضت القرض بشقيه الاقتصادي والديني علي اساس انه ربا ولا يجوز طبقا للشريعة وبالرغم من ذلك فيصدر بيان صندوق النقد الدولي الرسمي عن مباحثات القرض مشيرا الي ان مصر في صدد اخذ القرض من صندوق النقد الدولي لكن الصندوق يشترط ان يكون هناك تأهيل مجتمعي لهذا القرض كي يضمن نجاح هذا المشروع ويضمن تأييد ما قد يترتب علي القرض مما اسموه هم بالاصلاحات ومما قد يسميه البعض بالاشتراطات "وتؤكد البعثة مجددا ضرورة ان يحظي اي برنامج اقتصادي وطني بتأييد قاعدة عريضة من المواطنين لكي تزداد الثقة ويمكن ضمان التنفيذ الناجح في لافترة اللاحقة علي مرحلة التحول السياسي الراهن (بيان صحفي رقم127/12 بتاريخ 10 ابريل 2012-صندوق النقد الدولي - واشنطن) وهنا اصبح علي الحكومة بعدما انتهت من لعبة الصندوق ان تلعب لعبة الجزرة وان تحشد المواطنين لهذا القرض و تستخدم كل قواها السياسية والدينية في هذا المشروع الذي سينقذها حتما من عجز موازنة قوي ربما يعصف بالاقتصاد خاصة في ظل عدم وجود برنامج (نهضة) واضح للتعامل مع هذه الازمة ..فقد كان الشغل الشاغل في الفترة الماضية ليس التركيز في مشروع النهضة وانما في النهوض باكرا للحصول علي الكرسي .. نوع من الفساد المجتمعي بطل علينا من شاشات التلفزيون و يعتلي احيانا المنابر لينسخ افتاءات سابقة بان القرض حرام حرام حرام (ايام ان استخدموا العصا) وان من يفعل ذلك يجزي عذاب السعير فقد تحولوا بقدرة قادر الي ان القرض حلال -بالثلث- لان الفائدة الخاصة به هي فائدة ضئيلة وانها لو تعدت ذلك لاصبحت ربا ..لا لشيء الا لانهم ارادوا تأييد العامة لهذا القرض ..وللعلم فان هذا القرض هو ليس الهدف النهائي لهذه الحكومة فهناك تحليلات اقتصادية تشير الي ان الاقتراض من البنك الدولي يحدث علي شرائح وفي حال نجاح اول شريحة -طبعا بالتأييد الشعبي- فان صندوق النقد الدولي يعطي شهادة للدولة يمكن بموجبها الاقتراض من دول اخري وبهذا تدخل مصر في دوامة من القروض. وبالرغم من ذلك فان مصر تحتاج الي هذا القرض لسد عجز الموازنة العامة والتي من بنودها لقمة العيش المتمثلة في الرغيف للفقراء وهنا يقع الناس في حيص بيص حيث نقف وامامنا الديون وخلفنا ازدياد هوة الفقر وهنا تستخدم الحكومة لنا فكرة العصا بان تجرنا نحو الموافقة علي اشياء خوفا من الجوع متناسية ان دورها ليس الجلوس علي المقاعد الفخمة والتفكير في مصارف القرض وما اذا كان شرعيا ام لا فقط وانما محاولة طرح خطط بديلة لعدم الاقتراض من الخارج خاصة أنهم هم من كانوا يتحدثون عن ذلك قبل الجلوس علي مقاعد الحكم. وفي النهاية قبل ان تطمح الحكومة في التأييد الشعبي مستخدمة جزرتها ..وقبل ان تلعب معنا لعبة العصا وتهش علينا لننجرف نحو الموافقة علي قرارات ربما نتخبط نحن فيها بعد زوال تلك الحكومة او بقائها لا فرق ..كان يجب عليها ان تفتح لنا الصندوق المغلق وان تطلعنا علي الامر برمته بسلبياته وايجابياته الحقيقية دون مواراة او مواربة حتي نستطيع أخذ القرار.