* خبراء عن "تعويم الجنيه": * اختفاء السوق السوداء فوائد متوقعة ل"تعويم الجنيه" * آثار القرار على الاقتصاد المصري «ضبابية» * الواردات ستتأثر سلبيا.. والتجربة نجحت في 1991 * «تعويم الجنيه» ضربة قاضية للسوق السوداء * ونقدم روشتة للحفاظ على قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف قرر البنك المركزي، اليوم، الخميس، تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، على أن يتم شراء الدولار من العملاء في البنوك بسعر استرشادي 13.1 جنيه وبيعه بسعر 13.50 مع منح البنوك حرية ومرونة التعامل في حدود 10% خفض أو زيادة عن السعر المحدد من البنك المركزي. فماذا يعني قرار تحرير الجنية المصري أمام العملات الأجنبية، وما فائدته على الاقتصاد وعوائده، وهل نجحت مصر في تحرير صرف الجنيه قبل ذلك، وما الأثر السلبي من هذا القرار. السطور القادمة تجيب عن ذلك.. قرار تأخر كثيرًا في هذا الصدد، رحبت الدكتورة شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بقرار البنك المركزي بتعويم الجنيه، قائلة: "القرار تأخر كثيرا، ولكن من الجيد أنه صدر الآن لما يكون له من آثار إيجابية، على رأسها القضاء على السود السوداء وتوفير العملة الأجنبية في البنوك الرسمية". وأضافت "الشواربي"، في تصريح ل"صدى البلد": "قرار تعويم الجنيه كان لابد من اتخاذه منذ فترة، إلى جانب أن تحرير سعر الفائدة على الصرف أمر جيد، ولكن حرية البنوك في تحديد سعر الصرف تحتاج إلى ضوابط حتى لا تحدث فجوة في أسعار الصرف"، لافتة إلى أن القرار صعب ولكن ليس لدنيا اختيار وهو القرار الحاسم في المرحلة الحالية، والأهم إدارة المرحلة بطريقة جيدة وفعالة وسريعة وعدم التباطؤ في اتخاذ القرارات حتى لا تأتي بنتيجة عكسية". وفيما يتعلق بثبات سعر صرف الدولار عند 13 جنيها، أكد الخبيرة الاقتصادية أن البنك المركزي في هذه الحالة يطرح أعلى سعر ممكن للدولار بحيث يجهض أي مضاربات على سعر الصرف، إلى جانب أنه يتوقع أن يكون لديه خطط بديلة للقضاء على السوق السوداء ومنع المضاربة على الدولار، كما أنه من المتوقع أن يساهم هذا القرار في توفير العملة الأجنبية في البنوك واختفاء السوق السوداء، لأن السوق السوداء ستتحول إلى القنوات الرسمية، ويتم تحرير السعر حسب العرض والطلب. وبخصوص تأثير القرار على الاستثمار، أوضحت أن هذا القرار سيشجع الاستثمار في مصر، لكنه لن يكون كفايا بمفرده فلابد أن تصاحبه قرارات حاسمة لتشجيع المستثمرين مثل القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للاستثمار غدا. محتاجين وقت من جانبه، علَّق الدكتور شريف دلاور، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، على قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، قائلا: "لا يمكن الوقوف على معالم تأثير تعويم الجنيه على الأوضاع الاقتصادية المصرية إلا بعد أسبوع على الأقل من بدء تنفيذ القرار ويمكن وصفها بال"ضبابية". وأضاف "دلاور"، في تصريح ل"صدى البلد": "الصورة ستضح أكثر خلال شهر نوفمبر بعد توقيع قرض صندوق النقد الدولي، أما فيما عدا ذلك فلا يمكننا التنبؤ بآثار هذا القرار إلا بعد متابعة حركة الصرف والسوق المصرية خلال الأيام المقبلة". ضربة قاضية للسوق السوداء أيضًا، قال الدكتور مصطفى النشرتي، الخبير الاقتصادي، إن البيان الذي أصدره البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في هذا التوقيت كان يحتاج لبعض الاشتراطات المسبقة قبل تنفيذ التعويم. وأوضح "النشرتي"، في تصريح خاص ل"صدى البلد"، أنه لابد من فتح الاعتمادات الاستيرادية عن طريق البنوك المصرية وربط الجنيه المصري بسلات العملة للتبادل التجاري بالعملات المحلية وتقليل الضغط على الدولار، مشيرًا إلى ضرورة عودة تفعيل القانون الذي يجرم بيع الدولار خارج البنوك كما يحدث من قبل. ولفت إلى أن خطوة التعويم ضربة قاضية للسوق السوداء لأن سعر الصرف يترك وفقًا لآليات العرض والطلب. مصر نجحت في التعويم قبل ذلك في السياق ذاته، أكد السفير جمال بيومي، رئيس اتحاد المستثمرين العرب، أن تثبيت سعر صرف الدولار ب13.50 جنيه، سيفتح مجالا جديدا للتصدير ويشجع المستثمر لضخ أمواله للاستثمار في مصر، مشيرًا إلى أن أكثر ما كان يؤرق المستثمر في مصر هو عدم تثبيت سعر صرف الدولار بشكل رسمي والتخبط والاختلاف في السعر يوم بعد يوم. وأوضح "بيومي"، في تصريح ل"صدى البلد"، أن تحرير سعر صرف الجنيه له جوانب مميزة عديدة، لكن الأثر السلبي له أن سعر الواردات سيرتفع وبالتالي سترتفع أسعار بعض السلع المستوردة، ويجب على الدولة تشديد الرقابة على السوق الفترة المقبلة منعًا لاستغلال التجار. وعن مدى نجاح تجربة التعويم في مصر قبل ذلك، قال: "عام 1991 نجحت تجربة التعويم لدرجة أننا لم نحتج لقرض صندوق النقد الدولي الذي كانت قيمته 400 مليون دولار". إجراءات من أجل الحفاظ على الجنيه على صعيد متصل، أكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية والدولار ب13.1 جنيه ليس تعويما للجنيه، لكنه تحرير للعلاقة بين الجنيه والعملات الأخرى، مشيرًا إلى أن هناك إجراءات يجب أن تتبع من أجل الحفاظ على قيمة الجنيه. وقال "عبد الحميد"، في تصريح ل"صدى البلد": "يجب أن يتم فتح الاعتمادات الاستيرادية عن طريق البنوك فقط، وغير ذلك مرفوض، كذلك الاتجاه إلى رفع سعر الفائدة على المدخرات والاعتمادات". وأضاف: "والإفراج عن ما هو موجود بالجمارك"، مشيرًا إلى أن هذا التحرير سيقضي على وجود السوق السوداء واستقرار التعاملات والاقتصاد، فضلًا عن أنه سيعمل على زيادة الاستثمار والسياحة. كما أشار إلى أن عنصر التكلفة بقيمة الجنيه سيصب في صالح الاقتصاد المصري. أول تعويم تعرفه مصر كان أول تعويم حقيقي للجنيه، قام به الرئيس محمد أنور السادات، عندما سمح بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة الاقتراض من الغرب، التي تحولت بعد ذلك لما يسمى "ديون نادى باريس"، لكن مع عدم قدرة السادات على تحرير الموازنة العامة "سنة 1977" وعدم استمرار تدفق استثمارات الخليج والضعف الاقتصادى العام في الثمانينيات حدثت أزمات الدولار مرة أخرى, وتحرك الدولار رسميًا من 1.25 جنيه إلى حوالى 2.5، ما أدى لإفلاس كثيرين، حيث كان القطاع الخاص المصرى يقترض بالدولار من البنوك و يعمل بالجنيه. وفي 29 يناير 2003، أعلن رئيس الوزراء آنذاك الدكتور عاطف عبيد ذلك، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار بنسبة اقتربت من 50%، بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 3.70 جنيه إلى 5.35 جنيه.