* خبراء عن المقصرين في التصدي للسيول: * الأمطار كشفت فشل الحكومة ويجب إقالة عدد من الوزراء * السيول ستجرف المقصرين.. وأمريكا لم تستطع مواجهة "ماثيو" * «الكارثة» تلقن رئيس الوزراء درسا في «غارب» * لا يمكن السيطرة على السيول.. ولكن تقليل خسائرها رغم أنها كارثة ليست جديدة، قتلت السيول العشرات وتهدم البنية التحتية ل9 محافظات؛ هي الغردقة وسفاجا والقصير ومرسى علم، وتصيب الطرق التي تربط العاصمة بمدن الصعيد بالشلل التام. التحقيق التالي يناقش الأسباب التي تقف وراء عدم استعداد المحافظاتللسيول رغم أنها ظاهرة متكررة، ويسعى لتقديم المقصرين للعقاب حتى يتم وقف موت المصريين تحت السيول، وذلك وفق رؤى وتحليل الخبراء والمتخصصين. في هذا السياق، أعرب الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية، عن استيائه من الإدارة الضعيفة للأغلبية العظمي من المحافظين وقيادات الإدارة المحلية ووزارة الري تجاه ملف السيول، لافتًا إلى أن عدم قدرتهم على التعامل مع ملف السيول نتج عنه خسائر أودت بحياة 15 شخصا وإصابة العشرات. وأوضح "عرفة"، أن أمطار السماء كشفت فساد أجهزة الإدارات المحلية من التقصير في وضع خطة للتصدي للسيول والاضرار المتوقع حدوثها لافتقادها الرؤية العملية، مشيرًا إلى أنهم يعملون في جزر منعزلة لا صلة لها بالواقع ولا يوجد تنسيق بين عمل الوزارات. وشدد على إقالة كل من محافظ البحر لأحمر وجنوب سيناءوسوهاج وأسيوط وقنا ووزير الري نظرا للأضرار التي لحقت بالمواطنين. وأكد أنه لا وجود لخطة قومية من المسئولين للتعامل مع ملف السيول حتى هذه اللحظة، موضحًا أن الإدارة التي تتم في هذا الصدد عشوائية حيث يوجد 126 محطة أرصاد كان يمكن الاستفادة منها في إدارة الأزمات التابعة لمركز دعم واتخاذ القرار. وأكد أن عدد المخرات في المحافظات لا يتناسب مع كميات الأمطار التي تستقبلها المحافظات إذ انها لا تتعدى 692 مخرا، وكان هناك 34 تم إنشاؤها منذ عقود كان يجب التنسيق مع وزارة الري لصيانتها دوريا من حيث وجود مخرات للطرق منعا لحدوث حوادث، حيث يمكن الاستفادة منها في الزراعة ومياه الشرب وشحن للمياه الجوفية. وشرح "عرفة" بالأرقام والإحصائيات، أن وصول منسوب المياه في السيول على الطرق من 3 إلى 5 أمتار ووصل عرضها من 300 إلى 500 متر على الأقل، حيث يوجد 692 مخرا للسيول، وهذا غير كاف نهائيا في 27محافظة، وأن المبلغ المخصص لكل محافظة لمواجهة السيول ضعيف جدا يصل ل500 ألف جنيه، في حين أن كل محافظة تحتاج إلى 400 مليون جنيه على الأقل لتطهير وصيانة وإنشاء عدد من المخرات. فيما، قال اللواء رضا فرحات،محافظ الإسكندرية، إنه رغم كل الاستعدادات والاحتياطات التي أعدتها المحافظات استقبالا لموسم الامطار والسيول، إلا أنها لم تمنع من حدوث الكارثة الجارفة ب9 محافظات التي أوت لخسائر فادحة من وفاة أكثر من 15 وإصابة 50 شخصا إضافة للتضررات في المنشآت. وأوضح "فرحات"، أن المحافظات نفذت نموذج محاكاة للأمطار والسيول وطهرت الشبكات وشنايش الأمطار وأعدت طلمبات رفع استعدادا لموسم الشتاء ، ورغم ذلك جاءت الرياح بما لاتشتهي السفن وكانت السيول أعلي من المعدلات المجهزة لها، قائلا:هل استطاعت أمريكا أن تواجه إعصار ماثيو برغم الامكانيات والتجهيزات "دي إرادة ربنا". وأضاف أن المقصرين والمتسببن في حدوث الخسائر التي نتجت عن سيول 9محافظات لن تتهاون معهم الدولة وسيحاسبون فورا بعد تقديمهم للنيابة العامة. فيما، قال الدكتور سعد الزنط، مدير مكتب الدراسات السياسية والاستراتيجية: إن كارثة السيول التي جرفت عددا من محافظات مصر وتسببت في خسائر وصلت إلى 15 حالة وفاة و50 مصابا، لم تكن مفاجئة للحكومة، لافتًا إلي أنها متكررة وتحدث سنويًا ولم تبال الحكومة باتخاذ الاحتياطات الوقائية لإدارة الأزمة. وأضاف "الزنط"، أن الحكومة تفتقد أسلوب إدارة الأزمات، مؤكدًا أنها المسئول الأول أمام الخسائر التي نتجت عن السيول وهي تعلم بتوقيتها والتحذيرات التي أعلنتها الأرصاد من قبل ولم تحرك ساكنًا. وتابع أن الحكومة تشعر بحجم الكارثة بعد وقوعها وتتكبد تكلفة علاجها ضعف تكلفة الحلول الاستباقية. وأشار إلي أن رفض أهالي غارب استقبال رئيس الوزراء عند تفقده أضرار السيول يعد أقل رد على التقصير في أداء وزاراته وتلقين درس له. وقال إن الفساد لايزال موجودا داخل كل الإدارات المحلية والوزارات ولم نعد نثق في محاسبة الحكومة للوزراء، مشددا على ضرورة محاسبة المقصرين بأقصى سرعة. وفي السياق ذاته، أكد اللواء محمود عتيق محافظ سوهاج السابق، أنه لا يمكن تحديد الجهات أو الأشخاص المسئولين عن كوارث السيول المتكررة، لأن ظاهرة السيول ليست ثابتة وتتغير كل سنة، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك بعض المناطق المعرضة دائما للسيول مثل محافظات الصعيد والبحر الأحمر وسيناء، وتلك المحافظات يجب أن كافة أجهزة الدولة بها من محافظة وري وطرق وكباري ووحدات محلي، للتصدى لهذه الظاهرة، لافتا إلى أنه لا يمكن السيطرة على السيول ولكن ما يمكننا فعله هو تقليل الخسائر. وقال "عتيق": كل عام يتم عقد المؤتمرات لمواجهة موسم السيول وتقليل الخسائر قدر الإمكان سواء المادية أو البشرية، لكن هناك أمكان يصعب التعامل فيها مع السيول مثل المحافظات التي تقع في مناطق جبلية، وما يحدث هو اتخاذ الإجراءات لتقليل الخسائر البشرية والمادية، وهناك حالات يكون المسئول فيها شركات الطرق ويجب أن تتم محاسبتها؛ لأنها لا تتخذ الإجراءات الكفيلة بالتصدي للسيول على هذه الطرق، مثلما حدث في طريق قناسوهاج الذي تكررت عليه عدة حوادث بسبب السيول. وأضاف أن السيول خير ونعمة يجب استغلالها وترويضها كما تم مع نهر النيل الذي كان يفيض فيغرق الأراضي الزراعية، عن طريق السدود والخزانات وتوجيه المياه للترع والأنهار، فالمهم أننا يجب أن نكون على استعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة وتوفير المعدات لنجدة المتضررين، لذا لا يمكننا تحديد المقصرين في كوارث السيول لأنها غير ثابتة في مكان واحد، إلا إذا تكررت الخسائر دون اتخاذ اللازم. وفيما يتعلق بتشكيل لجنة دائمة لمكافحة السيول، أكد محافظ سوهاج الأسبق أن هناك لجنة أزمات موجودة في كل محافظة لإدارة الأزمة وتتشكل من المحافظة ووزارة الري والشرطة والمحليات والقوات المسلحة، ويتم عمل مؤتمرات وسيناريوهات موازية تجريبية للتصدي لهذه الظاهرة عند حدوثها، وبمجرد اقترابها يتم تحذير أهالي المنطقة المتوقع تساقط السيول عليها، وإذا عجزت المحافظة عن التصدي للسيول تتدخل القوات المسلحة لإنقاذ المتضررين والحد من تفاقم الأزمة.