واصلت القوات السورية يوم الثلاثاء هجومها على مقاتلي المعارضة في حلب، أكبر المدن السورية، بعد أن فر رئيس الوزراء السوري رياض حجاب من البلاد، واصفًا نظام الرئيس بشار الأسد بأنه "نظام إرهابي". ينتمي حجاب للأغلبية السنية في سوريا مثله مثل غالبية المعارضين للأسد، وكان انشقاقه يوم الاثنين كأبرز مسئول مدني ينشق عن النظام ضربة رمزية قوية لمؤسسة حاكمة تزداد عزلة وتتمحور حول الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس. وتحدثت شخصيات من المعارضة - تشعر بتفاؤل رغم الانتكاسات التي حدثت في الآونة الاخيرة في معارك حول دمشق وحلب - عن عملية مكثفة تم التخطيط لها منذ فترة طويلة لنقل حجاب وأعداد كبيرة من عائلته عبر الحدود الأردنية. وقال حجاب، في بيان تلاه متحدث باسمه ونقلته قناة "الجزيرة": "أعلن اليوم انشقاقي عن نظام القتل والإرهاب وأعلن انضمامي لصفوف ثورة الحرية والكرامة، وأعلن أني من اليوم جندي من جنود هذه الثورة المباركة". وأشاد متحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بانشقاق حجاب بوصفه علامة على أن حكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 عامًا "ينهار من الداخل" وطالب الأسد بالتنحي. ولم تتحقق تكهنات غربية سرت منذ أشهر بأن انهيار النظام بات وشيكًا وبدت سابقة لأوانها. وتتمتع القوات السورية بتفوق كبير في قوة النيران في مواجهة مقاتلي المعارضة الذين يقاتلون بأسلحة خفيفة وتدفقوا على العاصمة دمشق ومدينة حلب خلال الشهر المنصرم. وبعد أن زادت جرأة مقاتلي المعارضة بعد تفجير في دمشق أسفر عن مقتل أربعة من كبار مسئولي الأمن في نظام الأسد الشهر الماضي حاول المقاتلون السيطرة على دمشق وحلب المركز التجاري الواقع قرب الحدود التركية. لكن مقاتلي المعارضة الذين يعانون من نقص السلاح يواجهون تفوق الجيش السوري، وتم إخراجهم بصورة كبيرة من دمشق وهم يجدون صعوبة بالغة في التمسك بالمكاسب التي حققوها في حلب التي يسكنها 2.5 مليون نسمة أمام هجوم القوات الحكومية بالدبابات وطائرات الهليكوبتر. وقسمت الحرب في سوريا المنطقة بدرجة كبيرة على أسس طائفية، حيث وقفت المعارضة وغالبيتها من السنة ومن ورائها قوى إقليمية سنية هى تركيا ودول الخليج العربية في مواجهة حكومة يقودها العلويون في دمشق وتدعمها إيران الشيعية. وعبرت إيران عن قلقها على مصير 40 إيرانيًا تقول طهران إنهم كانوا في زيارة لمزارات شيعية في سوريا وخطفهم مقاتلو المعارضة من حافلة في دمشق. ويقول مقاتلو المعارضة الذين احتجزوهم يوم السبت إنهم يشتبهون في انتمائهم للحرس الثوري الإيراني، وإنه تم إرسالهم إلى سوريا لمساعدة الأسد. وقال متحدث باسم مقاتلي المعارضة المتمركزين حول دمشق يوم الاثنين إن ثلاثة إيرانيين من بين مجموعة تضم أكثر من 40 يحتجزون كرهائن قتلوا خلال قصف للجيش على مواقع المعارضة، وأضاف أن مقاتلي المعارضة سيقتلون المحتجزين الإيرانيين الباقين إذا لم يوقف الجيش هجومه. وكان رئيس الوزراء السوري السابق، وهو في أواخر الأربعينات، مسئولا كبيرًا في حزب البعث الحاكم لكنه مثل كل من انشقوا حتى الآن عن الحكومة والقوات المسلحة ينتمي للسنة ولم تكن له أي سلطة حقيقية على دولة تحكمها أسرة الأسد العلوية منذ أربعة عقود، ولم يظهر أي مؤشر على أن أفرادًا من الدائرة العلوية المقربة من الأسد بدأوا يفقدون رغبتهم في مواصلة القتال. وقال بيتر هارلنج، في مجموعة الأزمات الدولية وهى مؤسسة بحثية: "تحدث الانشقاقات في جميع مكونات النظام ماعدا الدائرة الداخلية المقربة التي لم تظهر عليها بعد مؤشرات للانشقاق". وأضاف: "يتآكل النظام منذ أشهر وتنفصل الطبقات الخارجية له في الوقت الذي يعيد فيه بناء نفسه حول قوة مقاتلة كبيرة وقوية"، موضحًا "أن النظام كما نعرف قد ضعف كثيرًا بالتأكيد، ولكن يبقى السؤال وهو ما هى الطريقة التي نتعامل بها مع ما أصبح عليه (هذا النظام)؟". وفي أحياء بحلب زارها مراسلو "رويترز" خلال الأيام القليلة الماضية بدا مقاتلو المعارضة في حالة إنهاك ويعانون من نقص الذخيرة بعد أيام من القصف المكثف لمواقعهم بالدبابات وبنيران الرشاشات الثقيلة من طائرات الهليكوبتر الحربية. وقصفت دبابات الجيش السوري الأزقة التي احتمى بها مقاتلو المعارضة في الوقت الذي أمطرت فيه طائرة هليكوبتر حربية مواقع مقاتلي المعارضة بوابل من نيران الرشاشات، وفر النساء والأطفال من المدينة وتكدس بعضهم في الشاحنات في حين ترجل آخرون متجهين إلى مناطق ريفية أكثر أمنًا نسبيًا.