اهتمت وسائل الإعلام الأمريكية الصادرة اليوم "الأربعاء"،بتداعيات أعمال القتال التي تدور على مشارف مدينة الفلوجة العراقية المحاصرة من جانب القوات الحكومية التي تطمح في شن هجوم قريب لتحرير المدينة من قبضة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي...وحذرت من وقوع "كارثة" جراء هذا النزاع الراهن. فمن جانبها، ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن معركة "الفلوجة" اصبحت تطوق الفلوجة نفسها. وأصبحت القوات العراقية الحكومية التي تحاصر المدينة تتعثر وتتعرقل بشكل ملحوظ نتيجة الهجمات المضادة الشرسة التي يشنها مسلحي داعش. وفيما تمكن قلة من المدنيين من الهروب من المدينة عند اقتراب القتال، فإن الأوضاع الراهنة لعشرات الالاف من المحاصرين داخلها مازالت تثير تساؤلات ملحة. وأشارت الصحيفة –في تقرير لها بثته على موقعها الألكتروني- إلى أن معركة الفلوجة تدور رحاها الآن بين "كوكبة " من قوات الأمن الحكومية والميليشيات الشيعية ومقاتلي القبائل السنية، وجميعهم يقتربون من المدينة من جهة الشمال والجنوب، ولا يقاتلون حتى الأن للإستيلاء على مركزها. ولفتت إلى أن هناك نحو 50 الف مدني لايزالون يعيشون داخل الفلوجة، وهم محرومون منذ فترة طويلة من شحنات المواد الغذائية والدواء نتيجة الحصار الذي تفرضه الحكومة إلى جانب تعرضهم الأن لنيران المدفعية حيث يشتد القتال حول المدينة. وقالت الصحيفة:" إن المجلس النرويجي لشئون اللاجئين حذر امس من احتمالات وقوع كارثة في الفلوجة في ضوء تدهور الأوضاع الانسانية هناك بسرعة كبيرة حيث تزداد حدة القتال. بينما حذرت الأممالمتحدة بناء على معلومات من داخل المدينة من أن المدنيين هناك يسقطون قتلى جراء قصف القوات الموالية للحكومة، ومن بينهم سبعة من عائلة واحدة لقوا حتفهم قبل بضعة أيام". من جانبها، أعربت ليز جراندي، وهي مسئولة بارزة في اعمال الاغاثة لدى الأممالمتحدة في العراق، عن قلقها "العميق" مما يتعرض له المدنيون في الفلوجة. كما أوضحت الصحيفة أن الفلوجة انعزلت تماما عن العالم منذ ان سقطت في ايدي داعش قبل أكثر من عامين.فيما يؤكد عمال الاغاثة في العراق انهم يسابقون الزمن لتجنب ما يخشون وقوعه من حمام دم عندما تهاجم القوات العراقيةالمدينة.وهذه المخاوف قد تكشفت امس الاول عندما غادرت قوات مكافحة الارهاب العراقية المدعومة من جانب الولاياتالمتحدة مواقعها وتقدمت من الجنوب في اتجاه المدينة. أما مجلة (تايم) الأمريكية فقد كان عنوان مقالها عن الفلوجة هو " تحقيق الانتصار على داعش في الفلوجة من شأنه أن يؤذي العراق برمته". ورأت المجلة –في تقرير لها بثته على موقعها الألكتروني- أن العراق ربما ينتصر على داعش في نهاية المطاف، لكن مع وجود احتمالات ومخاطر بشأن مستقبل هذا البلد المنقسم..واعتبرت أن معركة الفلوجة تمثل اختبارا حاسما للقوات المسلحة العراقية في حربها الاوسع نطاقا ضد داعش، التي سيطرت على اجزاء كبيرة من البلاد في منتصف عام 2014. وقالت المجلة:"إن وجود المدنيين داخل الفلوجة يشكل تحديا اخر امام القوات الموالية للحكومة. فبينما تزداد خسائر داعش حاليا في سورياوالعراق، يرى محللون أن التنظيم الإرهابي ربما يحول تكتيكاته لزيادة الخسائر البشرية لأي انتصار عسكري يحققه معارضوه". وأضافت:" أن الجيش العراقي والميليشيات الشيعية الموالية له يواجهون –وهم يحاولون الان تحرير الفلوجة من قبضة داعش- المهمة الأصعب على الاطلاق والمتمثلة في ضرورة كسب ثقة العراقيين السنة الذين تشككوا في مصداقية الحكومة المركزية في بغداد التي جاءت في اعقاب الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 وسقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين". وأشارت المجلة إلى أن الفلوجة كانت دوما قاعدة للتمرد على مركز السلطة في بغداد، سواء كانت امريكية ام عراقية، حيث اصبحت المدينة بمثابة المعقل الرئيسي للمتمردين ضد الاحتلال العسكري الأمريكي بعد عام 2003، كما كانت بؤرة الاحتجاجات التي قادها السنة ضد حكومة بغداد عام 2012. ونقلت المجلة مخاوف المحللين بشأن اشتراك الميليشيات الشيعية في معركة تحرير الفلوجة "السنية" ومدى امكانية تمخض ذلك عن اندلاع موجات العنف الطائفي من جديد. واختتمت (تايم) تقريرها بالتحذير من أن معركة استعادة الفلوجة تخاطر بإمكانية تكرار بعض الاخطاء التي وقع فيها كل من الاحتلال الأمريكي والحكومات العراقية السابقة – وكانت تتمثل في كسب المعارك القتالية على الأمد القصير مع الولوج في نفق استعداء المسلمين السنة لهم على الأمد الطويل، ومن ثم زيادة حدة الاحتقان الطائفي في العراق برمته.