لم يكن حادث الإرهاب الغشيم الذى وقع مؤخرا فى سيناء ، وأدى إلى استشهاد 15 أو يزيد من أفراد قوة أمنية تابعة للقوات المسلحة فى كمين "الصفا" أثناء تأديتهم لواجبهم الوطنى، سوى حلقة جديدة من مسلسل الكفر بالوطن من جانب جماعات الإرهاب والتضليل ، التى تريد أن تأتى على الحرث والنسل ، وتهدم الدولة باسم الدين. فحوادث الإرهاب والتفجير التى أخذت فى الظهور بعد الاطاحة بنظام جماعة الاخوان "المسلحين" ، التى قفزت على نظام الحكم فى بلادى مصر بعد أحداث يناير من العام 2011، مستغلة بل سارقة لجهود الشباب الذى كان يطمح إلى دولة العدالة والحرية والقانون ، لها علاقة وثيقة بالجماعة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. تظهر ملامح تلك العلاقة فى أن كليهما كفر بالوطن، فقد سبق وأن كفرت الجماعة بالدولة ، وبأجهزتها بل وبأرضها حينما حاولت تغيير خريطتها سواء كانت الجغرافية أو الديموجرافية، وظهر ذلك فى حلايب وشلاتين وموقفهما من خريطة مصر، والتى كانت تشير إلى أنهما من حق السودان الشقيق، وأيضا فى النظر الى التركيبة السكانية والعمرانية فى سيناء، والتفكير بمنح 40 بالمائة منها لحماس كما كشفت وثائق مسربة فى وقت سابق، واتجهت الجماعة إلى التفكير فى كل ما يخدم مصالحها وفروعها سواء فى غزة أو فى الداخل المصرى وكذلك فى الخارج، مما دفع بأبناء بلادى مصر للخروج على هذا النظام الذى أراد أن يهيمن ويسيطر على كل مفاصل الدولة لصالح التنظيم الدولى. وخرجت حالة الكفر من السر إلى العلن والاشهار الكامل ، فى عدد من التفجيرات وحوادث الإرهاب التى تستهدف رجال الشرطة والجيش، باعتبارهما عصب الدولة وقوام بقائها ، لتكون بذلك حوادث التفجير والإرهاب ، سلسلة من عمليات إشهار بالكفر بالدولة المصرية. وبالنظر إلى طبيعة تلك الحوادث وعمليات الإرهاب ونوعياتها ، يتأكد للجميع أنها خدمة لجماعة الاخوان المسلحين ، ورغبة من أنصارها ، وفى بعض الأحيان أعضائها، فى تدمير الدولة التى لم يعد لديهم ذرة ايمان بها، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الرغبة الفجة فى مقاضاتها دوليا ، حينما حاول بعضهم تحريض الجنائية الدولية ضد مصر من خلال ما يزعمون بأنه جرائم بحقهم ، متناسين أنهم أصل الجرائم وأنها صنيعة افكارهم الهدامة وأهدافهم المدمرة التى يروجون لها باسم الدين الاسلامى الحنيف. وأمام تلك الحالة من العناد والكفر بالوطن ، والنية المسبقة للإتيان على البلاد والعباد ، لم يعد هناك مجال للحديث عما يروج له البعض بأنها ممارسات تعبير عن معارضة ، فالمعارضة التى تهدم الوطن وتسعى لتدميره وترهيب أبنائه ليست لها علاقة بالوطنية ، ولا يجوز أن تنخرط فى المعترك السياسى فى الدولة ، ولا يجوز بحال من الأحوال الحديث عن الإرهاب وحوادث التفجير وقتل أفراد من القوات المسلحة والشرطة ، على أنها جزء من التعبير السلمى عن معارضة نظام الحكم ، وإنما هى رسائل مسلحة تطلقها جماعات تكفيرية لاتريد الخير لمصر وأهلها ، وهو مايعنى أن الرد عليها لابد أن يكون من جنس العمل، بعيدا عن الحديث الذى يبرر لتلك الأعمال ويفتح لها مجالا للدفاع عنها. وحتى هذه اللحظة فإن تعامل الدولة مع تلك المخاطر التى تهدد سلامة أراضيه وشعبه ، لم يرق بعد إلى درجة الخطورة التى تشكلها تلك الأعمال، ومازالت تتعامل الحكومات المتعاقبة معها على أنها مجرد حوادث فردية ، فى وقت يتساقط فيه يوميا شهداء من أفراد الجيش والشرطة ، فالارهاب فى حالة حرب بمعنى الكلمة مع الدولة، بعد أن اعلنتها صراحة تلك الجماعات، وهى حالة فى حاجة إلى استراتيجية جديدة للتعامل من جانب الدولة ، تتعامل من خلالها على أنها فعلا فى حالة حرب ، بما يتطلبه ذلك من إجراءات وفقا للقانون والدستور ، حتى يمكن للدولة أن تستقر وأن تسير فى طريق الاستقرار. ويبقى على الإعلام فى الدولة سواء كان المملوك للدولة أو لرأس المال الوطنى الخالص ، أن يعى أبعاد خطورة الإرهاب على الدولة ، وأن يقوم برسالته التنويرية فى فضح ممارسات تلك الجماعات ، وأن يبرز دور الدولة وجهودها فى مكافحة الإرهاب، خدمة للدولة وأركانها وشعبها ، وهى الرسالة الإعلامية التى يجب ألا تفوت كل إعلامى مصرى بل عربى أيضا ، طالما أراد لبلادى مصر وشعبها استقرارا وأمنا وسلاما.