مع اقتراب الساعات الأخيرة من غلق باب الاقتراع، وجدت أننى لا ملك حق المقاطعة لانتخابات الإعادة؛ وذلك لأننى كنت من المؤيدين لأحد المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ فى الوصول للجوالة الثانية، وبالتالى فكنت من المعترفين بالعملية الانتخابية طالما وجدت بها مرشح ينتمى للتيار الثورى، ومن الطبيعى أنه كان سيستمر دعمى له فى حالة وصوله لتلك المرحلة، فليس من المنطقى الآن ان اتخذ موقفاً يتناقض تماماً مع موقفى السابق فى الجولة الأولى وهو عدم المشاركة أو المقاطعة، وكذلك فلم يكن من ضمن اختياراتى فى الأساس مرشح منتمى للمؤسسة العسكرية واتخذ موقفاً عدائياً للثورة والثوار، وكان من المساهمين فى توجيه الرأى العام ضد الثورة فبالنسبة لى إذاً كان الفريق شفيق مستبعداً من كافة خياراتى، وبالمثل أيضاً رغم اتفاقى أن الإخوان المسلمين كانوا فصيلاً ثورياً شاهداً على بدايات الثورة وانطلاقها، وشريكًا أساسيًا فى أيامها الأولى، إلا أنهم تخلوا عن الثورة والثوار فى العديد من المواقف والأزمات، وتحول إلى فصيل فاقد للمصداقية السياسية، لعدم ثبات مواقفه، وإصراره على المغالبة وليس المشاركة فى المشهد السياسى، معتمداً على بناء علاقات جيده مع المجلس العسكرى فى البداية والسعى لتأييد مواقفه التى لم تكن فى صالح الثورة، فلم أجد إذا فى تأييد أو انتخاب الدكتور محمد مرسى انتصاراً للثورة أو تحقيقاً لأهدافها أوثأراً لدماء شهدائها، ولذلك فلم اجد هناك ما يجبرنى على اخيار الدكتور محمد مرسى ، وهنا وجدت ان الابطال ربما يكون هو الخيار الأمثل – بالنسبة لى- وهو الخيار الوحيد المعبر عن قناعاتى والذى يتسق مع ضميرى ويرضيه ويجعلنى صادقاً أمام نفسى. ففى كافة الأحوال لن أكون مؤيداً ان تكون مصر هى دولة المرشد وجماعته والذين يسعون للاحتكار السياسى بدعوى الإسلام، ولا ان تكون هى دولة المشير وجنرالاته، والذين يسعون لفرض السيطرة والهيمنة العسكرية على البلاد، فلم أجد ما يجبرنى إذا الى اعلان موقف مؤيد إلى أحد الطرفين، وخاصة أننى لا أرى أن الأمر يعد حاسماً فى أى من الأحوال حتى أرجح إحدى الكفتين. فكلاهما يسعى بطريقته للهيمنة وفرض القوة والاحتكار السياسى، وهو مالم تقوم من أجله الثورة أو يقع لأجله آلاف من الشهداء والمصابين، دفاعاً عن الحرية والكرامة وهما المطلبان اللذان يفتقدهما كلا المرشحان ويعجزان عن تحقيقهما. وربما لا أجد فى فكرة الأبطال موقفاً سلبياً، أو عدائيا للثورة، ولكنى أراه ممارسة سلمية وحضارية، تعبر عن احتجاج سياسى وسلمى، ربما لن يكون له نتيجة مادية ملموسة فى التأثير على العملية الانتخابية ونتيجتها، ولكنه بلاشك سوف يؤثر على شرعية الرئيس القادم فى ركنها المعنوى، بأنه قد جاء بإرادة ضعيفة غير مكتملة، فقيمة الأبطال هى قيمة سياسية بالمقام الأول وليست قيمة قانونية. ولذا فكان الخيار الثالث هو الخيار الوحيد الذى انقذ حيرتى، وعبرت من خلاله عن رفضى للفاشية العسكرية والفاشية الدينية وحكمهما للبلاد. • محمود مجدى الأعرج - باحث سياسي