أخبرنا الله تعالى أن الإنسان عجولا وأنه يستعجل كل شىء فى حياته، حتى أن المشركين كانوا يستعجلون أنبياء الله بإنزال العذاب عليهم تكذيباً وجحوداً وكفراً وعناداً وإستبعاداً فى أن يحل عليهم العذاب، وذلك مصدقا لقوله تعالى: «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُون* وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»، سورة الأنبياء: آية 37 و38. وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، فى تفسيره للآية الكريمة، إن المراد من قول الله تعالى: « خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ»، أي متعجلاً كأن في طينته عجلة، والعجلة أن تريد الشيء قبل نضجه وقبل أوانه، وقد يتعجل الإنسان الخير وهذا أمر جائز، أما أن يتعجل الشر فهذا هو الحمق بعينه والغباء، فالإنسان خلق عجولاً يبادر الأشياء ويستعجل وقوعها فالمؤمنون يستعجلون عقوبه الله للكافرين ويتباطئونها ، والكافرون يتولون ويستعجلون العذاب تكذيباً وعناداً. وبين الشعراوى أن الحكمة من ذكر عجلة الإنسان فى هذه الآية أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وقع فى النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك فقال الله تعالى: «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ» لأنه سبحانه يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل وينظر ثم لا يأخر. وتابع: «ثم يخاطب الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- ويقول له: «سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُون»، أى سنريك فيهم آياتنا وسترى ما وعدناهم من العذاب فإن قبضناك إلينا فسترى ما ينزل بهم في الآخرة». وأشار إمام الدعاة إلى أن الله تعالى قال: «وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»، فإن هذا القول اغترار واستبطاء منهم لوعد الله بالآخرة والعرض عليه سبحانه وتعالى يوم القيامة وأنه سيعذبهم بالنار التي تُنضج جلودهم ويبدلهم الله جلوداً غيرها لأنهم لا يصدقون هذا ولا يؤمنون به إلا عندما يحق عليهم العقاب وينزل بهم العذاب لأنهم لو تيقنوا وقوع العذاب بهم لا محالة لما استعجلوه.