فى مجموعته القصصية " وجع الرمال" ، الصادرة مؤخرا عن دار العين، يكتب عبد العزيز الراشدي نصوصا عميقة ووازنة ،وذلك راجع، بغض النظر عن موهبته وقراءاته الشاسعة-إلى تواجده بعيدا عن العالم،عن صخبه وضجيجه،ذلك أننا يجب أن نبتعد زمانيا ومكانيا عن التجربة التي عشناها بمسافة تتيح لنا رؤيتها بوضوح، والكتابة عند الراشدي، تمتلك لغة قصصية معجونة بالدهشة والأسئلة ،ويمتاز قاموسها وصورها وتمويهاتها بحذر المتمرس، وهي بذلك تخلق جمالا طافحا يؤكد جدارة الكاتب ،ورغبته في صياغة صوت صادم للمتلقي عن المجموعة يقول الناقد تامر عفيفى: حاول الكاتب المغربي عبد العزيز الراشدي التماسك في مجموعته القصصية "وجع الرمال" والصادرة حديثا عن دار العين، يبدو أن هذه التصورات تؤلمه حقا، الفكرة مزعجة، والتفاصيل كثيرة ومرهقة، وهو ما جعله يصدر بمقولة كونديرا السابقة إحدي قصص مجموعته في يقين تام بأنه يدرك هذه الحقيقة، ولكن هذا لم يصبه بالتوقف والانزعاج بقدر ما دفعه للمخاطرة والصمود، أمامه أمكنة بعيدة وغريبة، تتوغل في الذاكرة، وأمامه أزمنة هو يلمح تفاصيلها جيدا، وأمامه الكتابة، كان لا بد أن يروض جملته القصيرة الصارمة لحكي التفاصيل بالعدالة المطلوبة، تسخير الدال من الكلمات لاستقطاب الملامح وسجنها كي يستطيع القارئ مراودتها عن نفسها بقوة، ستصنع إذن جدالا بينك وبين لغة "الراشدي"، الجدال الذي يناسب ذاكرتك الهشة، بقدر مناسبته لحياتك العظيمة. ينقل الراشدى الخطي بين الدروب الملوثة القديمة، فيطالعه المكان بكل تفاصيله، وعلي مشارف الذاكرة، يمكن أن نلمح شخصا مثل "سهام" بكل عبثها وأخطائها، عندما يصفها فيقول "كنت في الماضي ألتد بهفواتها لكن ذاك الخطأ كان طعنة باهظة، كنت أحاول أن أطرد ذكراها عن ذهني، لكنها كانت تلتصق دون كبير عناء" وبينما هي تلتصق دون عناء، ساقه هذا الالتصاق وانقاد خلفه فتورط، وما شجعه علي التورط هذا الباب الصغير المهترئ، فأرسل بصره بين المنازل المتآكلة، فتذكر طفولته التي لم يكن يعبأ فيها بالأذهان المعبأة بالخيالات والأشباح، يتذكر الجدة الشاحبة، ومشهد الفراق بينه وبين حبيبته، حين اختفي وقع حذائها، المخلوط بنشيج خافت، لقد رأي كل التفاصيل أمامه عند هذا القصر المهجور، رأي الفقدان والعاصفة، فاستسلم للتذكر، الذي يبدو أنه كان قاسيا بالدرجة الكافية.