عقد البرلمان اللبناني أولى جلساته التشريعية اليوم الخميس منذ أكثر من عام لإقرار القوانين المالية التي تحتاجها الدولة للنهوض بمؤسساتها. وتركت القضايا السياسية الشائكة خارج جدول الاعمال مع التركيز في المقام الاول على قروض للتنمية والديون والبنوك بالاضافة إلى قانون استعادة الجنسية للمغتربين من أصل لبناني. وجاء انسحاب حزب الكتائب المسيحي ولديه خمسة نواب من الجلسة احتجاجا على عدم تحويلها الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد ليؤكد استمرار الانقسامات والخلافات. تواجه البلاد التي تستضيف اكثر من مليون لاجيء بسبب الحرب السورية خطر خسارة الملايين من الدولارات في صورة قروض للتنمية من البنك الدولي يجب أن يوافق عليها البرلمان بحلول نهاية العام. ووافق النواب الذين وقعوا تحت ضغوط من الاممالمتحدة وهيئات اخرى والبنك المركزي على مجموعة من القوانين من بينها قانون يسمح للحكومة باقتراض المزيد بالعملة الصعبة. ويحتاج لبنان إلى موافقة البرلمان لإصدار سندات دولية جديدة العام المقبل. وأصدر في الشهر الماضي سندات دولية بقيمة 1.3 مليار دولار. وتبلغ نسبة الدين العام للبلاد حوالي 140 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويتناول جدول الاعمال مشروعات قوانين متعلقة بالتصريح بنقل الاموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة تبييض الاموال. ويتضمن جدول الاعمال أيضا اقتراح قانون يهدف إلى فتح اعتماد إضافي بقيمة 3.5 مليار دولار لسد العجز في مشروع موازنة عام 2016 وفتح اعتماد إضافي قيمته 570 مليون دولار لتغطية العجز في الرواتب والاجور. لكن رغم انعقاد الجلسة ظلت الصراعات السياسية قائمة بين الاطراف المتنافسة في البلاد لارتباطها بصراع اوسع نطاقا في المنطقة مما يرجح ان أمد الازمة سيطول. وقال وزير المال علي حسن خليل لرويترز على هامش الجلسة "نظرا لغياب الموازنة نحن بحاجة لتغطية قانونية للانفاق نأخذها من البرلمان بشكل استثنائي بموجب قانون خاص. هذه التغطية كانت عادة تمنحنا اياها الموازنات العامة...منذ عام 2005 ونحن نقوم بمثل هذه الخطوات." وأضاف خليل "هناك امران تشير لهما هذه الجلسة. اولا تغطية حاجة لبنان من القروض التي تم اقرارها اليوم بالاضافة لتثبيت مصداقية لبنان امام الجهات المانحة الدولية والعربية وهذا امر بغاية الاهمية في هذه اللحظة التي نمر بها." ولم تكن الكتل السياسية الرئيسية في البلاد قادرة على الاتفاق على جدول أعمال الجلسة مما عرقل الجهود المبذولة لانعقاد البرلمان. وهدد معظم النواب المسيحيين بمقاطعة الجلسة حتى وقت متأخر من يوم الأربعاء. وقال رئيس الحكومة تمام سلام في بداية الجلسة "آمل أن يتجسد ما سبق هذه الجلسة من مناخ ايجابي عمليا في مناقشة البنود المطروحة... كما نأمل أن نتمكن من أن نقول لكل اللبنانيين بأن التمسك بلبنان ووحدته ومؤسساته هو الأساس". وتواجه حكومة سلام صعوبات كبيرة لممارسة عملها وتضم حزب الله الشيعي المدعوم من إيران وتيار المستقبل بزعامة السني سعد الحريري المدعوم من المملكة العربية السعودية. وعجز السياسيون اللبنانيون المنقسمون بين الفريقين السياسيين الكبيرين في البلاد على خلفية الأزمة السورية بشكل أساسي عن اتخاذ القرارات الاساسية بما في ذلك إيجاد أماكن لاستيعاب أكوام القمامة في البلاد. ولم تقر الحكومات المتعاقبة أي موازنة منذ أكثر من عشر سنوات حيث تعاني البنية التحتية من ترهل ويحتاج معظمها إلى إعادة تأهيل. كان البرلمان قد فشل في انتخاب رئيس جديد للبلاد في غياب اجماع حول شخصية الرئيس الذي سيملأ المقعد الشاغر منذ انتهاء ولاية ميشال سليمان قبل 17 شهرا. وأرجأ مجلس النواب أمس الاربعاء انتخاب الرئيس بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للمرة الواحدة والثلاثين على التوالي.