جولة آسيوية لمدة ثلاثة أيام تضم الصينوكوريا الجنوبية ، في إطار التحضير لمؤتمر الأممالمتحدة الحادي والعشرين حول المناخ والذي تستضيفه باريس في الفترة من 30 نوفمبر حتى 13 ديسمبر 2015. ويرافق الرئيس أولاند خلال زيارته وفد من حكومته يضم عدد من الوزراء من بينهم وزراء الخارجية والبيئة والمالية فضلا عن مجموعة من رجال الأعمال ورؤساء أكثر من 40 شركة فرنسية. ويستهل الرئيس أولاند جولته الأسيوية بزيارة رسمية للصين ، يحاول خلالها إعطاء دفعة حاسمة للمفاوضات الجارية بهدف التوصل إلى اتفاق عالمي لخفض الانبعاث الحراري خلال مؤتمر باريس المقبل ، وكانت المحادثات قد تعثرت في الأيام الأخيرة بين الجانبين الفرنسي والصيني حول آليات متابعة التعهدات المرتقبة من 195 دولة في باريس ، حيث تؤيد فرنسا تبني نظام ملزم قانوني مع آلية مراجعة كل خمس سنوات ، بينما ترفض الصين تطبيق نظام عقابي. وتولي فرنسا أهمية كبرى للدور الذي يمكن أن تلعبه الصين في نجاح مؤتمر المناخ حيث أن الأخيرة تنتج 25% من انبعاثات الغازات الدفينة في العالم مما يجعلها أكبر مصدر للتلوث على كوكب الأرض. وقد وعدت الصين بالحد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون "حوالى 2030"، وهو ما تم الإعلان عنه خلال زيارة رئيس الوزراء لي كه كيانغ إلى فرنسا في يونيو الماضي ، كما التزمت بكين بإقامة سوق وطنية لحصص ثاني أكسيد الكربون في 2017 وذلك من خلال إعلان مشترك مع الولاياتالمتحدة في سبتمبر الماضي. ويتفق المحللون على أن التزام الصين على أعلى مستوى بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرارى يعد مؤشرًا يبشر بنجاح قمة المناخ القادمة نظرا للدور الجوهري والحاسم الذي قد تلعبه في إنجاح المفاوضات. كما تعول فرنسا على الصين ، باعتبارها رئيس مجموعة ال 77 للدول النامية ، في إقناع بعض شركائها وعلى رأسهم الهند بالحد من الانبعاثات السامة المسببة للاحتباس الحراري. وترفض الهند - رابع أكبر ملوث عالمي بالغازات السامة - تقليص استهلاكها للفحم الحجري ، معتبرة أن نمو البلاد لا يمكن أن يكون مشروطا باهتمامات بيئية لاسيما وأن الدول الغنية هي المسؤولة تاريخيا عن ارتفاع حرارة المناخ ، وهو الأمر الذي قد يقف حائلا أمام التوصل إلى الاتفاق المنشود في مؤتمر باريس. ولا يمكن أن يغيب الشق الاقتصادي عن زيارة الرئيس الفرنسي للصين - ثاني أقوى اقتصاد في العالم - حيث من المقرر أن يلتقي أولاند أعضاء النادي الصيني لرجال الأعمال ، الذي يضم كبار أرباب العمل والصناعيين ، لإجراء محادثات تتمحور حول كيفية تطوير علاقات التعاون بين الجانبين. ومن المنتظر أن ينهي الرئيس الفرنسي زيارته باختتام منتدى للمؤسسات الصينية والفرنسية حول الاقتصاد والمناخ ، وعقد لقاءات مع رئيس الوزراء الصيني ورئيس الجمعية الوطنية ، لبحث الشراكة الثنائية في أسواق أخرى خاصة في أفريقيا. وترتبط فرنساوالصين بعلاقات تاريخية حيث احتفل البلدان العام الماضي بمرور 50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. وتجمع البلدين علاقات قوية وشراكة استراتيجية بارزة انعكست في كثافة الزيارات رفيعة المستوى التي تمت خلال السنوات القليلة الماضية ، فمنذ تولي الرئيس أولاند رئاسة فرنسا في مايو 2012 ، أجريت العديد من الزيارات المتبادلة بين الجانبين كان من أبرزها زيارة الرئيس أولاند الأولى للصين في أبريل 2013 والتي زار خلالها كل من بكين وشنغهاي ، وزيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لفرنسا في مارس 2014 والتي شهدت توقيع عقود تجارية بقيمة 18 مليار يورو. كما قام رئيس الوزراء مانويل فالس بزيارة لبكين في مطلع العام الجاري أبدى خلالها انفتاح فرنسا أمام المستثمرين الصينيين حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في فرنسا حوالي 3.1 مليار دولار. وأعقب ذلك زيارة رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ لفرنسا في يونيو الماضي والتي تم خلالها توقيع أكثر من خمسين اتفاق للتعاون كان أهمها مع شركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات ومجموعة ألستوم للطاقة ، وصنفت العلاقات خلال هذه الزيارة بأنها في "أفضل مستوياتها التاريخية" . وبعد اختتام زيارته للصين يصل الرئيس أولاند إلى كوريا الجنوبية ، المحطة الثانية والأخيرة في جولته الأسيوية ، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس فرنسي كوريا الجنوبية منذ زيارة الرئيس السابق جاك شيراك عام 2000. وتأتي زيارة الرئيس أولاند بناء على دعوة من نظيرته الكورية بارك جيون هاي في إطار إطلاق العام الفرنسي الكوري (2015 - 2016) بمناسبة مرور 130 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. ومن المتوقع أن تلاقي دعوة الرئيس أولاند بشأن الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ترحيبا واسعا في كوريا الجنوبية ، خاصة أنها تستضيف مقر الصندوق الاخضر من أجل المناخ - وهو آلية مالية تابعة للأمم المتحدة - وتنتهج سياسة فعالة في هذا المجال. إلى جانب قضايا المناخ ، ينتظر أن يجري الرئيس أولاند مباحثات ثنائية مع الرئيسة بارك جيون هاي تتناول الأزمة مع كوريا الشمالية ، وسبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وترتبط فرنساوكوريا الجنوبية بعلاقات اقتصادية جيدة حيث تحتل كوريا المركز الرابع من بين الشركاء التجاريين لفرنسا في القارة الأسيوية ، بينما تمثل فرنسا المورد الأوروبي الثاني لكوريا وتحتل المرتبة الخامسة من بين الدول المستثمرة هناك والمرتبة الثانية بين الدول الأوروبية بعد هولندا ، وقد تضاعفت الاستثمارات الفرنسية في كوريا خلال السنوات القليلة الماضية وزادت قيمتها عن 530 مليون دولار. أما الاستثمارات الكورية في فرنسا فلا تزال محدودة حيث تحتل فرنسا المركز الثالث من بين الدول الأوروبية التي لديها استثمارات كورية تخلق فرص عمل ، ويعتبر القطار السريع ، الذي تم افتتاحه في أبريل 2004 ، من أبرز المشروعات التي تجسد التعاون الفرنسي الكوري.