شرعت الأممالمتحدة هذا الأسبوع في محاولة استئناف المفاوضات بشأن الانتقال السياسي في سوريا، الذي يدخل صراعها سنته الرابعة بعد فشل السابقين في قمم رفيعة المستوى فقد بدأ المبعوث الخاص للأمم المتحدةلسوريا ستيفان دي ميستورا مشاورات هذا الأسبوع لكن فشل من سبقوه، الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان،يدعو للتساؤل: ما هي فرص نجاحه؟ ووسط انخفاض للتوقعات دعا دي ميستورا إلى اجتماع في سويسرا الحكومة السورية وعدد من جماعات المعارضة، للعمل جنبا إلى جنب مع غيرها من الجهات الفاعلة بما في ذلك إيران في محاولة منه للتمييز بين هذه الاجتماعات وجهود عنان والإبراهيمي، والتي لم تحصد سوى الكثير من الضجيج. وقد بدأت رحلة الاممالمتحدة بالطريقة الصعبة وهي مؤتمرات السلام رفيعة المستوى التي ثبت أنها لا تمثل الحل للحرب السورية فجلب عنان الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن إلى جنيف لمناقشة الانتقال السياسي في سوريا في منتصف عام 2012، ووقع الحضورعلى اتفاق إطاري في غياب النظام السوري وزاد الطين بلة ضمان روسيا للأسد ألا يواجه أي ضغوط حقيقية للامتثال للاتفاق ليستقيل عنان بعد ذلك بوقت قصير. وأمضى خليفته، الإبراهيمي، شهرا في محاولة للضغط على الحكومة السورية والمعارضة المعتدلة ليجتمعوا في لوزان وجنيف في بداية عام 2014، لكن تعامل ممثلو الأسد الإبراهيمي والأمين العام بان كي مون بازدراء وتلاشت المحادثات . إن دي ميستورا يريد الواضح لتجنب هذا النوع من الانهيار لكن دعوته إلى وقف إطلاق النار بين قوات الأسد وخصومهم كأساس لاتفاق سلام أعم فشلت في وقف الحرب بحلب بل اتهمه المتمردون بالتعاون بشكل وثيق جدا مع الأسد. لذلك يمكن أن نتنبأ باثنين من السيناريوهات لنهج المبعوث الأممي الجديد الأول أن دي ميستورا يعتقد أنه يمكن استخدام هذه المحادثات لتأطير شروط المفاوضات المباشرة في وقت لاحق من هذا العام. والثاني أنه بدأ يفقد صبره وببساطة يريد وضع علامة في مربع المشاورات قبل أن يستقيل ومجرد تذكير الجميع أن المسار الدبلوماسي لا يزال متاحا. على أي حال يمكننا القول ان الأممالمتحدة بلا أنياب في مواجهة الفظائع في سوريا ولا نبالغ عندما نقول إن القوى الكبرى تستخدم الأممالمتحدة كذريعة للتقاعس عن العمل في . سوريافروسيا تبتعد عن العملية السياسية لحماية حليفها الأسد من الضغط كما تواطأت الولايات حينما ضغطت إدارة أوباما للتوصل الى اتفاق في محادثات جنيف الأولى، في عام 2012، لمجرد التقليل من آثار الحرب السورية السياسية خاصة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية. كما أن دي ميستورا يسعى للحفاظ على العملية السياسية ودعم الحياة بينما تركز واشنطن على تأجيج الحرب ضد داعش، التي احتلت محل التسوية السورية كأولوية قصوى للغرب ففشل الوسطاء ما هو إلا أعراض انهيار أوسع في السياسة بين القوى العظمى. وهكذا يسافر زعماء المعارضة إلى سويسرا، ترافقهم عدم الثقة في دي ميستورا ما يجعلهم أقل رغبة لتقديم تنازلات كما أن المفاوضات النووية بين القوى الكبرى وايران لديها مهلة حتى 30 يونيو وقد تغير هذا الحسابات فرص التسوية التفاوضية في سوريا؟ بالإضافة إلى تصاعد الحرب بالوكالة سعودية إيرانية في اليمن وليس من الواضح أن الغرب أو إيران لديهم عرض للتوصل إلى صفقة كبرى تحتضن كل هذه المشاكل دفعة واحدة كما أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأخرى تتعامل مع عملية السلام في سوريا بازدراء بل يرغبون إفشال المحادثات دي ميستورا، وقد يفكرون في دفع وكلاء لهم بين الجماعات المتمردة للسير بعيدا وتصعيد القتال. من ناحية أخرى فإن روسيا على قناعة بأنها دافعت عن الأسد حتى الآن بنجاح، وحان الوقت للبحث عن الاتفاق الذي يحافظ على نفوذها في سوريا مع رغبتها في أن تظل الولاياتالمتحدة وحلفاؤها عالقين في عملية دبلوماسية مفتوحة وعلى أي حال فإن محادثات دي ميستورا التي قد تستمر ستة أسابيع فإن أقصى وأكثر نتائجها تفاؤلا هو الوصول لأساسيات صفقة قابلة للتفاوض، وتبقى مجموعة من الأسئلة المتخيلة على لسان بشار الاسد يريد طرحها على المبعوث الأممي : هل ترسل الاممالمتحدة قوات حفظ السلام لفرض وقف إطلاق النار ؟ هل هناك أي فرصة للعدالة بعد الصراع؟ وقبل كل شيء، ماذا سيحدث لي وأنا في السلطة.