وجدت المبادئ الإنسانية للرقى بالبشر وتحريرهم من ظلام الجهل وقيود التخلف.. ومن هذه المبادئ: الكرامة والعدالة والمساواة وحرية التعبير. وعندما تستخدم حرية التعبير عن الرأي للسخرية من الأديان واعتقادات الغير بأسلوب يستفز المشاعر وينشر البغض والكراهية، فهى لا تحقق أي نسبة من الرقي أو الرفعة للإنسانية أو لأي مجتمع أيا كانت انتماءاته أو اعتقاداته. وأخالف في الرأي الإعلامي الفذ إبراهيم عيسى الذي وصف صحفيي "شارلي إيبدو" ب"شهداء الصحافة وشهداء الحرية"، وأصفهم بشهداء الإسفاف والرأي المبتذل الذي لا يقدم فكرة ولا يعرض وجهة نظر بأسلوب يستحق الرد والحوار المتزن، فما أسخف الرسم الكاريكاتيري إذا تبنى فكرة السخرية من شخصية بعينها ووصمها بأي صفة لمجرد التعبير عن الرفض لهذه الشخصية، وما أعظم حرفيته إذا حاول تقديم وجه نظره برقى واحترام للرأي المضاد. وكما ذكرت من قبل، فإن الإرهاب ينشأ نتيجة لثلاثة، أولها الاستهزاء بالمعتقدات الدينية والاستخفاف بمقدسات البعض، وثانيها الظلم وعدم المساواة واليأس من تحقيق مستقبل كان يوما مأمولا، وثالثها التعصب لانتماءٍ وفكرٍ محدد واتخاذ الحق في التخلص من كل من يخالفه، فالقتل إرهاب، والتعبير عن الرأي بأسلوبٍ يجرح ويؤذي مشاعر الغير إرهاب، والمنبعان يصبان في نفس النهر، ألا وهو الإرهاب المضاد وتفشي العنف والإيذاء، فصحفيو جريدة "شارلي إيبدو" ومن قتلهم، وجهان لعملة واحدة، وجهان للاستهانه بالمقدسات، سواء قدسية الرسالة ومن حملها أو قدسية الروح ومن حواها.