أمينة.. زوجة لموظف يعمل بأحد مصانع اللحوم الضخمة، حيث تم الاستغناء يوما عن نسبة كبيرة من الموظفين ومن بينهم رب هذه الأسرة التي تحتضن أربعة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة، لم تكن هذه السيدة اعتادت العمل من قبل، خاصة أنها تنتمي لعائله ميسورة الحال، لكنها لم تحل الأزمة بطلب العون من أهلها، بل لم تكشف حقيقة تقاعد زوجها عن العمل، فبدأت تبيع وجبات من صنعها، لكن لم يكف العائد لسد حاجة أبنائها وتعليمهم، فاضطرت لمساعدة بعض السيدات في التنظيف والأعمال المنزلية، فهى كما قال لي أحد أبنائها، لم تضح بالوقت والصحة والراحة فقط، بل ضحت بكرامتها من أجل فلذات كبدها، وكانت النتيجة أن أنهى أبناؤها الأربعة تعليمهم. هى نفس المرأة التي كانت تتفقد مريضة أصيبت في حادث قطار وتعاني من قرحة الفراش، ولها من الأبناء ثلاثة ومنهم رضيع كان غذاؤه الوحيد بعض السكر المذاب في الماء، ولكن حال المريضة تدهور واضطروا لنقلها إلى المسشفى، فتولى جيرانها رعاية الطفلين، أما الرضيع فأخذته أمينة إلى منزلها لرعايته، إذ بلغ وقتها الثمانية أشهر، واستقبلته الأسرة بفرح وشفقة وأحبوه كفرد منهم، وأراد القدر أن تتوفى أم الرضيع، فهرب زوجها بابنتها الكبرى لاستغلالها والكسب من ورائها في التسول والشحاذة، والابنه الوسطى تولت رعايتها عاقر، ولكن الفتاة عندما بلغت الثانية عشرة، استغنت عنها المرأة، فاستقبلتها أيضا أمينة في بيتها لترعاها هى وأخاها، فكانت أحن عليهما من القدر ومن أقرب أقربائهما الذين لم يحاولوا يوما التواصل معهما أو حتى السؤال عن أحوالهما، فضمتهما إلى أسرتها البسيطة، واثقة أن الله سيؤتيهم رزقهم.