سلطت صحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية الضوء على المخاطر التي يشكلها الجهاديون العائدون من الحرب في سوريا على أمن العالم واستقراره. ولفتت الصحيفة الأمريكية -في تقرير نشرته على نسختها الإلكترونية اليوم السبت- إلى عدة حوادث وقعت مؤخرا على سبيل الذكر لا الحصر وهي تفجير شاب -22 عاما- من فلوريدا نفسه في سوريا ومقتل جهاديين هولنديين في اشتباك مع وحدات من الجيش السوري وقتل فرنسي عاد لتوه من سوريا اربعة اشخاص في معبد يهودي في عاصمة الاتحاد الاوروبي " بروكسل ". وقالت إن هذه ما هي الا قصص مروعة خلقت في رحم الحرب الاهلية السورية التي انتقلت الان إلى العراق بينما يغادر إسلاميون متطرفون الولاياتالمتحدةوبريطانيا واوروبا للانضمام إلى الحرب العقائدية التي يقودها الجهاديون في انحاء الشرق الأوسط. وأضافت أن اعداد المقاتلين الاجانب نما لما لا يقل الان عن سبعة الاف مقاتل وفقا لمسؤولين استخباراتيين في الولاياتالمتحدة، وأن العديد من هؤلاء المقاتلين يتواصلون عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والتي تلهمهم افكارهم العنيفة إلى مساجد يسيطر عليها الفكر الجهادي في بريطانياوفرنسا تحديدا. وقالت الصحيفة إن القضية ليست بسيطة وليست مجرد أن هؤلاء المتطوعين يقاتلون في الخارج في ظل ظروف مريبة لكن أكثر ما يبعث على الازعاج هو أن بمجرد عودتهم من سوريا سيتحول الكثير منهم إلى " قنابل موقوتة " في الولاياتالمتحدة واوروبا، وإن جهاز المخابرات الخارجية البريطاني " إم أي 6 " يقول ان 300 مقاتل اجنبي ربما يكونوا قد عادوا بالفعل إلى المملكة المتحدة من مناطق الحرب في الشرق الأوسط. ونقلت عن وزير العدل الامريكي إريك هولدر قوله إن الصراع السوري تحول إلى " مهد للتطرف العنيف " قد يهدد الدول الغربية عندما يعاود القاتلون الاجانب إلى اوطانهم. وقالت الصحيفة ان الحكومة الفرنسية فرضت على اشخاص محددين حظرا على السفر إلى سوريا لمدة ستة أشهر وذلك في اطار تعاملها مع هذا الملف الشائك. وتابعت الصحيفة بالقول إن التقديرات تشير إلى أن اثنين او ثلاثة فرنسيين يغادرون يوميا للانضمام إلى جبهات القتال الاسلامية في الخارج، وإنه حتى تنظيم القاعدة اصبح قلقا من جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام التي اصبحت قبلة مفضلة للمقاتلين الاسلاميين ليجاهدوا في صفوفها. وذكرت أن الوصول إلى سوريا ليس معقدا وان غالبية المسلحين يسافرون جوا إلى تركيا مشيرة إلى أن الحكومة التركية ذات التوجه الاسلامي المعتدل تتسامح مع وصول المقاتلين المعتدلين إلى سوريا رغم ان المقاتلين المعتدلين الذين يصلون سوريا عبر تركيا يتخللهم متطرفون ايضا. وأشارت إلى أن المشكلة الحقيقية هي أن أمر هؤلاء الذين يسافرون إلى سوريا ليس مثل امر الجهاديين المتشددين في افغانستان وباكستان واليمن ، حيث انهم لا يحملون جوازات سفر يتعين توقيف أصحابها - والا كان الامر سهلا - بل يحملون جوازات سفر امريكية وبلجيكية وبريطانية وفرنسية والمانية. ومضت الصحيفة تقول إن الوصول والتنقل السهل داخل دول الاتحاد الاوروبي البالغ عددها 28 دولة مكفولة باتفاقيات شنجن والتي تسمح بحرية الحركة بين الدول الاعضاء ولهذا فبمجرد عودة مواطن إلى الاتحاد الاوروبي فهو يتمتع بحرية الحركة والتنقل بين دوله دون اي اجراءات دخول فيما عدا المملكة المتحدة. كما أن حاملي جوازات السفر الاووربية من فرنسا وبلجيكا والمانيا -وفقا للصحيفة- يدخلون إلى الولاياتالمتحدة دون تأشيرات دخول، وفي الوقت الذي تعتبر فيه حرية الحركة محركا قويا للتجارة والسياحة غير انها تسهل حرية الحركة ايضا للمقاتلين الاجانب وهذا ينطوي على خطورة، ويعي وزراء داخلية الاتحاد الاوروبي الخطورة التي يشكلها هذا الباب الخلفي جيدا،وكذلك تعي وزارة الأمن الداخلي الامريكية هذا الخطر ولهذا تعزز مراقبة العديد من الرحلات الاوروبية في ضوء هذه الحقيقة. وقالت الصحيفة ان المقاتلين في سوريا يستوحون فكرة " الكتائب الدولية " في الحرب الاهلية الاسبانية (1936 إلى 1939) التي كانت تقودها فكرة الالتزام ب " مكافحة الفاشية " ودعم الجمهورية الاسبانية ضد القوميين المتمردين التابعين للجنرال فرانكو والذين كانوا يحظون بدعم المانيا وايطاليا انذاك اما كتائب سوريا الدولية مختلفة فهي تضم متعصبين دينيا العديد منهم اعتنقوا الاسلام وكل قضيتهم إقامة خلافة اسلامية في منطقة الشرق الاوسط في حين يحظى النظام العلماني السوري (حسب رؤية الصحيفة) بدعم روسيا.