أدى نقص غرف العناية المركزة بمستشفيات الإسكندرية والبحيرة، وعدم قبول الحالات بالمستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة، إلى وفاة العديد من المرضى يوميًّا، بعد تركهم فريسة للمستشفيات الخاصة والاستثمارية التي تطالبهم بدفع تأمين كبير قبل أن يتلقى المريض الرعاية الطبية المطلوبة، وبسبب الفقر وضعف الحالة الاجتماعية للسواد الأعظم، يظل أهل المريض حائرين بين طرق أبواب المستشفيات المختلفة، حتى يلفظ المريض أنفاسه الأخيرة. ورغم أن جميع المنشآت الطبية الحكومية والاستثمارية والخاصة ملزمة باستقبال ومعالجة الحالات الحرجة والطارئة على نفقة الدولة لمدة 48 ساعة، حتى استقرار حالة المريض، ثم نقلها فيما بعد إلى المسشفى الذي يختاره المريض ليستكمل علاجه به، وذلك بناء على قرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب في عهد وزير الصحة الأسبق الدكتور عادل عدوي، إلَّا أنه لم يفعَّل حتى الآن، ولا تكترث به كل مستشفيات الصحة أو الجامعة، ولا حتى مستشفيات القوات المسلحة. تقول محسنة عبد الرؤوف، من كفر الدوار: ابني كان يعاني من وجود مياه على المخ، ولأني من كفر الدوار أقع في نطاق المعالجة بالمستشفى الأميري بالإسكندرية، وبعد إجراء العملية احتاج ابني إلى دخول العناية، وقال لي الطبيب المعالج: لا يوجد مكان بالعناية هنا، انتظري حتى يكون هناك مكان خالٍ أو اذهبي به إلى عناية خارجية بإحدى المنشآت الخاصة، وأنا سيدة فقيرة لا أستطيع تحمل أي نفقات بالمستشفيات الخاصة، وظل الوضع هكذا حتى تدهورت حالة ابني وتوفي. ورصدت «البديل» حالات كثيرة تعاني من رفض دخولها العناية المركزة بمستشفيات الجامعة والصحة، ومعظم تلك الحالات توفيت، رغم وجود عدد كبير جدًّا من غرف العناية المركزة والحضانات بمستشفى سموحة للطوارئ، الصرح الطبي الذى تم بناؤه بمنحة هولندية، وبه أحدث الأجهزة الطبية على مستوى العالم، لكن لم يتم تشغيل 5% به؛ بسبب المستشفيات الخاصة المحيطة به، ويطالب المواطنون بفتح أبواب المستشفى لهم وجعله بالمجان؛ لأنه تعليمي جامعي. وطالب النائب أحمد الشريف، عضو البرلمان بغرب الإسكندرية، وزير الصحة بزيارة الإسكندرية، حيث لا توجد أدوية أطفال أورام الدم منذ فترة طويلة، مؤكدًا أن العلاج على نفقة الدولة لا ينفذ، وأن الإسكندرية تحتاج إلى زيادة غرف العناية المركزة عامة، وزيادة حضانات الأطفال خاصة. وقال حسني حافظ، النائب الوفدي عن دائرة سيدي جابر وعضو لجنة الصحة: التقيت بوزير الصحة منذ يومين، وعرضت الوضع الصحي المتردي بالإسكندرية، من نقص غرف العناية ومعاناة مرضى السرطان وغيرهما، وقدمت طلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بشأن ضرورة سرعة تخصيص أحد الأماكن بمستشفيات وزارة الصحة بالإسكندرية لعلاج مرضى السرطان، مع توفير جهاز تخطيط إشعاعي بالأشعة المقطعية، حيث يعاني مئات مرضى السرطان بمدينة الإسكندرية من قوائم الانتظار لتحديد وعلاج المرض. وأضاف: حصلت على موافقة صريحة من وزير الصحة، الذي اتصل على الفور بالدكتور مجدي حجازي، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية؛ لتجهيز مستشفى رأس التين وتخصيص قسم أورام به وجلب الجهازين اللذين يقدران بملايين الجنيهات، وجارٍ تقديم طلبات إحاطة أخرى؛ حتى تستقيم المنظومة الصحية بالإسكندرية. وأكد الدكتور طارق خليفة، مدير المستشفى الأميري الجامعي، أن المشكلة تتلخص في أن أَسرَّة العناية المركزة في المستشفى الأميرى الجامعي مجانية، وهناك 115 سرير عناية مركزة فقط، يخدم 1800 مريض داخلي بالمستشفى، كما يخدم طوارئ المحافظة، وحالات السموم الحرجة وثلاث محافظات مجاورة هي كفر الشيخ والبحيرة ومطروح. وتابع خليفة أن هناك أكثر من 20 سرير عناية مركزة كاملة التجهيز، لكن لا يوجد تمريض كافٍ لتشغيلها، فالحمل ثقيل على المستشفى الرئيسي الجامعي، ولا نرفض أي حالة، إنما يقوم الأهل بالتنفيخ اليدوي بدل الأجهزة وهم في قائمة انتظار الدور؛ تحقيقًا لمبدأ المساواة، ونرفض قبول حالات محولة من مستشفيات أخرى بدون تنسيق مسبق. وأكد خليفة أهمية دور مستشفيات وزارة الصحة قائلًا: نحن مستشفى جامعي تعليمي بحثي، فإذا فرضنا مثلًا عدم وجود المستشفى الأميري الجامعي ومستشفى جمال عبد الناصر للتأمين الصحي في الإسكندرية، فأين سيذهب الفقير للعلاج؟ وعن الصرح الطبي الكبير الذي شنت «البديل» حملة ضد المسؤولين لأجل تشغيله، فتمت إقالة أسامة إبراهيم، رئيس جامعة الإسكندرية وقتها؛ لتقصيره الكبير، وافتتحه رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب. يذكر أن الدكتور الراحل عبد العزيز الجندي وضع عام 1995 حجر الأساس لمستشفى الأطفال ومستشفى الطوارئ بسموحة ومستشفى برج العرب، من خلال حصوله على منحة هولندية لإنشاء ذلك المستشفيات، وتم الانتهاء من الإنشاء والتجهيز بأحدث أجهزة طبية عام 2004. مستشفى سموحة للطوارئ يضم قسم الطوارئ الذي يحتوي على 210 أسرة، وقسم الأطفال ويحتوي على 400 سرير و47 حضانة، كما يضم المستشفى 44 جهاز تنفس صناعي و16 غرفة عناية مركزة و4 سيارات إسعاف ووحدة غسيل كلوي ووحدة أشعة. ومن عام 2004 إلى 2014 لم يتم تشغيل المستشفيات دون معرفة السبب، حتى 25 سبتمبر الماضي؛ لينتهى بتمثيلية وهمية على رئيس الوزراء ووزير الصحة. ففي اليوم السابق للافتتاح الوهمي، أصلحوا التكييفات، وأخرجوا الأجهزة الطبية، وفرشوا الأسرة، وانتدبوا التمريض من مستشفى الميري، كما انتدبوا أطباء من مستشفى الميري لمدة أسبوع فقط، بل والأدهى جلبوا حالات مرضية للجلوس على الأسرة، وانتهى كل ذلك بعد خروج محلب من المستشفى، وعاد غلق المستشفى لمدة عشر سنوات كاملة بعد تأسيسه بأحدث الأجهزة الطبية؛ لأنه مستشفى بالمجان، كما أنه كان سيتسبب في غلق بعض المستشفيات الاستثمارية الكبرى بالإسكندرية؛ بسبب وجود أجهزة طبية وأجهزة أشعة عالية الجودة، والتي لا تتواجد ببعض المستشفيات الخاصة، كما أن معظم أصحاب تلك المستشفيات أساتذة بكلية الطب بجامعة الإسكندرية.