في الوقت الذي يتم فيه إهدار الملايين على مكاتب التمثيل الدبلوماسي بالخارج والجهاز الإداري للدولة، قررت الحكومة خفض التمثيل الخارجي في البعثات الدبلوماسية التابعة للوزارات بنسبة 50% والاعتماد على كوادر وزارة الخارجية في تنفيذ ومتابعة الأعمال وضغط الإنفاق في الوزارات والهيئات والجهاز الإداري للدولة بنسبة تتراوح بين 15 و20% دون المساس بالأجور والرواتب والاستثمارات، وهو ما رآه البعض خطوة جيدة إذا تم تطبيقها فعليًّا. ووصلت أعداد البعثات المصرية بالخارج حاليًّا حوالي 162 سفارة وقنصلية ومكتب رعاية مصالح ومكتب تمثيل، ويقدر عدد الدبلوماسيين العاملين بالبعثات المصرية بالخارج وديوان وزارة الخارجية بالقاهرة إجماليًّا ب 980 دبلوماسيًّا من كافة درجات السلك الدبلوماسي والقنصلي، يتم تعيينهم في الوزارة وإيفادهم للخارج عبر مرحلتين مختلفتين من الامتحانات، حسبما نُشر على موقع وزارة الخارجية. ومع وصول التمثيل الدبلوماسي المصري إلى 162 بعثة دبلوماسية حول العالم، ما بين بعثة مقيمة وغير مقيمة، تمثل مصر لدى دولتين أو أكثر، ومقسمة ما بين سفارة وقنصلية عامة وقنصلية ومكاتب تمثيل فى الأممالمتحدة، تحصل وزارة الخارجية على ما يقرب من ملياري و100 مليون جنيه من الموازنة العامة للدولة، مقابل توريد ما يقرب من مليار و300 مليون لخزينة الدولة من المتحصلات القنصلية، وبالإضافة إلى ذلك لدى مصر 79 مكتبًا فنيًّا حول العالم، ما بين ملحقيات عسكرية وإعلامية وثقافية، ولا تتحمل تكلفتها وزارة الخارجية، فى حين تتحملها الدول التى لا توجد بها مكاتب فنية. وقبل 11 عامًا وُضعت مسألة تخفيض عدد البعثات الدبلوماسية فى الخارج محل دراسة من جانب وزارة الخارجية، وتوصلت إلى إمكانية إغلاق عشر بعثات دبلوماسية، لتوفير ما يقرب من 10 ملايين دولار فى العام ولكن في المقابل كانت هناك وجهة نظر أخرى، تم العمل بها، أن هذه الدول لها سفارات ودبلوماسيون يتجاوز عدد الدبلوماسيين المصريين لديهم، وبالتالى فالحساب الاقتصادى يصب في الإبقاء عليها. وعندما تطور الطموح المصرى لتمثيل إفريقيا في مجلس الأمن، تم الابتعاد بشكل مطلق عن التفكير فى تقليص البعثات أو أعداد الدبلوماسيين، فى ظل المنافسة الشرسة مع جنوب إفريقيا في هذا الملف؛ باعتبار أن التمثيل الدبلوماسى جزء رئيسي من أدوات التحرك العملى للخارجية المصرية وأعضائها، الذين وصلوا الآن لنحو 930 دبلوماسيًّا من بينهم 400 فى الخارج و400 فى الداخل، وحوالي 100 دبلوماسي في مرحلة الإعداد داخل المعهد الدبلوماسي، فضلًا عن 30 دبلوماسيًّا منتدبًا من وزارة الخارجية إلى هيئات دولية ووزارات حكومية داخل مصر. السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية سابقًا، يقول إن قرار تخفيض التمثيل الخارجي للبعثات الدبلوماسية لا شك أنه جيد إذا تم تنفيذه بذكاء؛ حتى لا نقع في أخطاء الماضي، عندما قرر بطرس غالي إغلاق المكاتب التجارية بالدول الإفريقية نهائيًّا؛ مما أحدث أزمة، موضحًا أن الدبلوماسيين المصريين لديهم خبرات، ويستطيعون تنفيذ مجموعة من المهام التي تقوم بها المكاتب الفنية التابعة للسفارات بالخارج. وأكد أن المكاتب التي لييت لها فائدة أو أهمية يجب إغلاقها ورفع أعداد الدبلوماسيين؛ ليقوموا بدورها؛ لأن معنى إغلاقها زيادة المهام، خاصة وأن هناك سفارات بها سفير ودبلوماسي فقط، لافتًا إلى أن المكاتب التي تتكلف ملايين دون أن تكون لها فائدة إلاقها سيحل أزمات المصريين، وكذلك المكاتب الإعلامية والسياحية التي تسيطر عليها المحسوبية والفساد، سوف يقوم الدبلوماسي بمهامها؛ ليوفر الملايين التي يتم إنفاقها عليها. وقال الدكتور محمد عيسوي، الخبير الاقتصادي، إن القرار خطوة جيدة نحو نحو تقشف مؤسسات بالدولة، طبقًا للواقع الحالي، الذي تعيشه البلد في الأزمة الاقتصادية، موضحًا أن هذه الخطوة متوقفة على تنفيذها لا كونها مجرد تصريحات في الإعلام فقط. وأوضح أن هذه الخطوة رغم أنها لا تمثل رقمًا كبيرًا في سد عجز ميزانية الدولة، إلا أنها من الممكن أن تساهم بجزء في حل الأزمة، كما أنها من الممكن أن تكون بداية لاتخاذ نفس الأمر في مؤسسات أخرى من التي يتم إنفاق الأموال فيها دون أن تكون لها عوائد اقتصادية.