«تتعدد الهدن والنار تحت الرماد».. كلمات تلخص الأوضاع في سوريا واليمن؛ فبعد كل هدنة تشتعل الحروب والمعارك الطاحنة بين جميع الأطراف المتنازعة في البلدين، بحكم الواقع الذي أفرزته قوى الاستكبار في المنطقة؛ فمنذ اللحظات الأولى للأزمتين السورية واليمنية، غلّبت الولاياتالأمريكية وحلفاؤها الغربيين لغة الدم والقتل على لغة الحوار والمفاوضات. الهدنة في اليمن بعدما أشارت الولاياتالمتحدة وبريطانيا خلال اجتماع دولي في لندن الأحد الماضي، إلى ضرورة وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في اليمن، أعلنت الأممالمتحدة أمس، عن وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء اليمن لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد على أمل تسوية الأزمة اليمنية. وقال مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن الهدنة ستدخل حيز التنفيذ الأربعاء 19 أكتوبر عند الساعة 23:59 بالتوقيت المحلي، موضحا أنه تلقى تأكيدات من جميع الأطراف اليمنية التزامها بأحكام وشروط وقف الأعمال القتالية. ودعا المبعوث الأممي إلى إعادة تفعيل فوري لدور لجنة التهدئة والتنسيق وانتقال أعضائها إلى ظهران الجنوب، بحسب ما تم الاتفاق عليه خلال مشاورات الكويت، مضيفا أن وقف الأعمال القتالية يسمح ببيئة عمل لحركة المساعدات والموظفين الإنسانيين دون أية عوائق إلى المناطق كافة. وأكد ولد الشيخ أحمد أن الهدنة الجديدة بمثابة استئناف لنظيرتها التي اتفقت عليها أطراف النزاع سابقا في ال10 من أبريل الماضي، لكنها انهارت لاحقا، موضحا أن أطراف الحرب في اليمن وافقت على 72 ساعة مدة للهدنة. موقف السعودية وأتباعها من الهدنة كانت السعودية أكدت موافقتها على لسان وزير خارجيتها، عادل الجبير، على وقف إطلاق النار في حال وافقت حركة أنصار الله، ولم تختلف الجبهة اليمنية التابعة للرياض عن موقف المملكة، حيث أكد وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، الاثنين الماضي، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، وافق على هدنة في البلاد لمدة 3 أيام قابلة للتجديد، وكرر شرط الرياض بالتزام حركة أنصار الله والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح بوقف إطلاق النار وتفعيل لجنة التهدئة وفك الحصار عن تعز. ومن جهته، قال وزير الإعلام اليمني، معمر الأرياني، إن الموافقة النهائية للهدنة وتحديد الموعد الزمني لها سيكون بعد لقاء الرئيس هادي بالمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يوم الخميس المقبل. المبعوث الأممي يتوجه إلى روسيا لمناقشة التسوية في اليمن يتوجه ولد الشيخ أحمد، إلى موسكو لإكمال المشاورات حول التسوية اليمنية، حيث سيجري عدة لقاءات مع شخصيات روسية رسمية ويناقش خلالها رؤيته للخطوات في المجال السياسي ومجال الأمن لتقريب الحل السياسي في اليمن، سبقها مشاورات مع ممثلي السعودية والإمارات وبريطانيا والولاياتالمتحدة، حول الأمر ذاته، بحسب تأكيدات الناطق الرسمي باسم السكرتير العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك. ويرى محللون سياسيون أن الهدنة قد تكون محاولة أمريكية لتخليص السعودية من ورطتها في اليمن بسبب فاتورة الحرب الكبيرة التي تدفعها المملكة في عدوانها على اليمن، في ظل أزمتها الاقتصادية جراء تراجع أسعار النفط، خاصة أن مقترح الهدنة جاء من قبل السعودية، حيث أبلغ ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، محمد سلمان، الأمريكيين رغبته في التوصل إلى هدنة مع اليمن قابلة للتجديد في حال قبل بها الجيش اليمني وأنصار الله، حسبما نقل موقع وزارة الخارجية الأمريكية. ويتوقع بعض الخبراء أن تكون الهدنة محاولة سعودية لإلهاء المجتمع الدولي عن المجزرة التي ارتكبتها بحق اليمنيين وراح ضحيتها 140 مدنيا، ويرى آخرون أن الهدنة مراوغة من المملكة للملمة أوراقها وحشد قواتها وأسلحتها لجولة جديدة من المعارك في اليمن. الهدنة في سوريا أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويجو، أن القوات الجوية الروسية والسورية أوقفت الثلاثاء، قصف المسلحين في منطقة حلب، داعيا الدول ذات النفوذ لإقناع قادة المسلحين بضرورة مغادرة المدينة. وقال شويجو في اجتماع أمني أمس: "تتوقف ابتداء من الساعة العاشرة صباح اليوم، ضربات طيران القوات الفضائية الجوية الروسية والقوات الجوية السورية في منطقة حلب"، موضحا أن وقف الضربات الجوية بشكل مبكر مطلوب لفرض "هدنة إنسانية" في 20 أكتوبر، مؤكدًا أن الطيران الروسي والسوري سيعلق الضربات من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الرابعة بعد الظهر. وأشار شويجو خلال الاجتماع إلى أن وفدا من الخبراء العسكريين الروس وصل إلى جنيف، حيث تبدأ الأربعاء مشاوراتهم من عدد من الدول حول فصل الإرهابيين عن المعارضين في حلب، مضيفا أن المبادرة الروسية حول إعلان "هدنة إنسانية" في حلب في 20 أكتوبر ستساعد على إنجاح عمل الخبراء العسكريين. من جانبها، رحبت الأممالمتحدة بالخطوة الروسية، لكن اعتبرت مدة الهدنة غير كافية لإدخال المساعدات، وكعادة واشنطن، التي تحاول النظر إلى نصف الكأس الفراغ لأي خطوة روسية، وصفت الهدنة بالخطوة المحدودة والمتأخرة.