القنبلة الديموغرافية هي تعبير عن الزيادة الطبيعية لدى مجموعة معينة من السكان في نفس المجتمع مقارنة بالمجموعات الأخرى، وفيما يتعلق بالكيان الصهيوني فإن التهديد الديموغرافي يكمن في الزيادة الطبيعية للسكان العرب داخل الخط الأخضر، وكذلك الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويجمع باحثو الديموغرافيا (علم السكان) في الكيان الصهيوني على أن أحد أهم المخاطر التي تحدق بالاحتلال الميزان الديموغرافي بين السكان العرب والصهاينة، وغالبًا ما كانت تقام هذه الدراسات لمعرفة ما إذا كان الفلسطينيون سيتفوقون عدديًّا على الصهاينة، ولكن هذه المرة هناك خطر حقيقي سيهدد الأمن الإسرائيلي، ويتمثل في زيادة عدد الفلسطينيين المتواجدين في قطاع غزة، ذلك القطاع الصغير الرازح تحت الحصار، الأمر الذي يوشك على الانفجار على المدى القريب. غزة تحطم سقف ال2 مليون نسمة أعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة أن عدد سكان القطاع تجاوز مساء الثلاثاء مليوني نسمة، بنسبة 50.66% ذكورًا، و49.34% إناثًا. وأوضحت الإدارة العامة للأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة أن القطاع كسر حاجز المليوني نسمة بعد ولادة طفلين خلال ساعات المساء. اللافت أن بيانًا سابقًا أصدرته الإدارة مؤخرًا كشف عن تسجيل 4983 مولودًا جديدًا خلال شهر سبتمبر الماضي بواقع 166 مولودًا يوميًّا، ونحو 7 مواليد جدد كل ساعة، خاصة أن قطاع غزة والبالغ مساحته 360 كيلومترًا مربعًا فقط يعتبر من أكثر بقاع الأرض ازدحامًا بالسكان، حيث يسجل لكل كيلومتر مربع 4661 فردًا، حسب تقرير صادر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني مطلع العام الجاري. مخاطر الزيادة على غزة في البلدان المتقدمة لا يبدو ال 2 مليون رقمًا كبيرًا، بل على العكس من ذلك يعتبر هؤلاء طاقة بشرية إنتاجية، بل تسعى بعض الدول كألمانيا لاستقبال أكثر من مليون لاجئ؛ لتعويض نقصها في الموارد البشرية، لكن في غزة يبدو هذا الرقم عبئًا اقتصاديًّا في منطقة تعاني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر المدقع، فزيادة السكان يعني زيادة في البحث عن فرص عمل، حيث يسير قطاع غزة في اتجاه ارتفاع معدلات البطالة في ظل الأعداد الكبيرة التي تعيش على الإعانات والمخصصات التي ترد من الغير وزيادة معدلات الفقر؛ بسبب انعدام الدخول وانخفاض معدلات الأجور، فقد أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية بلغت 27%، بما يزيد على 338 ألف عاطل عن العمل خلال الربع الثاني من العام 2016، كما أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 41.7%، وقد سُجلت أعلى معدلات للبطالة في صفوف الشباب من الفئة العمرية 20-24 سنة حيث بلغت 42.6%. وتعتبر هذه النسب من أعلى معدلات البطالة في العالم، وذلك نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للغاية وتراجع مستوى النشاط الاقتصادي، والأحداث السياسية والأمنية التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار مستمر منذ عام 2006، وثلاث اعتداءات إسرائيلية خلال السنوات 2008، 2012، 2014، فعلى سبيل المثال قطاع غزة قبل الحرب كانت المياه المتوفرة "مالحة" وبالكاد توفر ثلث حاجات القطاع، أما الآن وبعد أن دمرت الحرب الكثير من الآبار وشبكات الصرف فإن الوضع بات أسوأ، والتلوث الحاصل في المياه يهدد بتفشي الأمراض، وتأتي الزيادة السكانية الأخيرة لتزيد من تفاقم الأوضاع سوءًا في القطاع، فالموارد الأساسية من ماء وكهرباء باتت شحيحة، كما لا يمكن تدفئة المنازل في الشتاء؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والبديل الوحيد المتاح أمام الفلسطينيين هو الغاز، في المقابل التعداد السكاني في تزايد مستمر، فضلًا عن أن القطاع ومن الناحية الجغرافية يعاني من سوء الانتشار والتوزيع الجغرافي للسكان الذين ينتشرون في بقعة جغرافية صغيرة داخل المدينة، وتبقى الأطراف النائية فارغة من سكانها. وكان منسق الأممالمتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف قد حذر من ممارسة الضغط على الناس في غزة لفترة طويلة، مشددًا على أنه على إسرائيل كدولة احتلال تفهم هذا الأمر، وأن الأممالمتحدة تسعى للحفاظ على استمرار حالة التهدئة في القطاع. في المقابل قال الخبير الصهيوني في الشؤون الفلسطينية آفي يسسخاروف الخبير بموقع وللا الإخباري إن تزايد معدلات البطالة والضائقة الاقتصادية، فيما وصفه بسجن غزة، يقرب لحظة العملية العسكرية الإسرائيلية القادمة ضد القطاع، الذي ينتظر سكانه بفارغ الصبر رفع الحصار المفروض عليهم. وأضاف يسسخاروف أن استمرار هذه الظروف الصعبة قد يزيد ضغوط الرأي العام الفلسطيني الداخلي على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لا سيما الجناح العسكري كتائب عز الدين القسام لمهاجمة إسرائيل، كما حصل عشية الحرب الأخيرة الجرف الصامد 2014، حين عجزت حركة حماس عن دفع رواتب موظفيها، وتوقعت أن تأتي الحرب بتغيير في وضع الحصار على غزة. وتابع الخبير أن الكثيرين في غزة يعتقدون أن الشارع الفلسطيني لا يريد تصعيدًا عسكريًّا مع إسرائيل، ويبدو أنهم محقون في ذلك، مع أن الظروف الاقتصادية تبعث لدى السكان حالة من اليأس والإحباط الكبيرين، وقد يؤدي ذلك إلى المطالبة بكسر الحصار على غزة بأي ثمن، حتى لو كان من خلال حرب جديدة مع إسرائيل. ويرى مراقبون أن الحصار المفروض على غزة، وزيادة السكان، وانتشار البطالة، ستؤدي في نهاية المطاف إلى حرب مع الكيان الصهيوني؛ لفك الحصار عن القطاع الفلسطيني.