بعد مرور 3 أيام على غرق مركب الهجرة غير الشرعية برشيد الذي وقع الأربعاء الماضي، وكان على متنه نحو 500 مهاجر، وراح ضحيته أكثر من 167 شخصا، خرجت الحكومة عن صمتها، إلا أنها بدلا من أن تضع الحلول الجذرية لمعالجة أسباب المشكلة لمنعها مستقبلا، فإنها اعتمدت الحل الأمني والعقابي لمواجهة الظاهرة. المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، قدم تقريرا، أمس السبت، إلى رئيس الجمهورية، عن الاجتماع الذي عقد مع وزراء الداخلية، والتضامن الاجتماعى، والتنمية المحلية، وانتهى إلى ضرورة تغليظ العقوبات ضد جماعات المهربين، وتكثيف الرقابة على مراسي المراكب التي تقل المهاجرين، ومراقبة الشواطئ، إلى جانب عرض مشروع تعديل قانون الهجرة غير الشرعية الذي انتهت الحكومة من إعداده وأرسلته إلى البرلمان متضمنا عقوبات رادعة على المشاركين في تلك الجريمة من ملاك المراكب والسماسرة. التقارير الإعلامية التي نشرت عن اجتماع مجلس الوزراء أشارت إلى تبني حلول أمنية ووضع مزيد من العقوبات، بينما لم تتطرق إلى الأسباب الجذرية الاجتماعية والاقتصادية التي تعد جوهر أزمة الهجرة غير الشرعية، فيما كانت دراسة قد صدرت بداية الشهر الجاري من المجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالتعاون مع وزارة الخارجية، تحت عنوان "الهجرة غير الشرعية للشباب المصرى"، وضعت 16 توصية تجب مراعاتها خلال وضع خطة قومية لمنع الظاهرة. وقالت الدراسة، إن هناك ارتباطا بين الهجرة غير الشرعية وعدد من المشكلات الاجتماعية المزمنة والتى يلزم حلها وهى الفقر والبطالة والفساد وغياب العدالة الاجتماعية ومحدودية فرص العمل، وأوصت الدراسة برفع كفاءة البنية التحتية للعديد من قرى الوجهين القبلى والبحرى ومزيد من الأبنية التعليمية وتخصيص جزء من مناهج التعليم للتوعية بأضرار الهجرة غير الشرعية. الدراسة حملت الدولة الجانب الأكبر من المسؤولية عن انتشار الظاهرة، وأوضحت النتائج أن توفير فرص عمل يأتى على رأس مطالب الشباب بنسبة 61.8%، وتلاه مطلب تسهيل الهجرة الشرعية بنسبة 41.4%، وبلغت نسبة مطلب القضاء على الفساد 38.7%، ثم مطلب التوزيع العادل للموارد داخل الدولة بنسبة 25%، فيما أكدت أن 29.9% ضحية عدم توافر فرص عمل، و56.8% ضحية الفقر، فيما رأى نسبة 63.2% من الشريحة العمرية من "30 -35" أن تجربة الهجرة كانت مفيدة السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، قالت إن الحلول الأمنية وحدها لن تجدي نفعا ولن تكون رادعة، مؤكدة ضرورة توفير فرص عمل للشباب للحد من الظاهرة. من جانبه، طالب الدكتور عادل عامر،مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية، الأمر بتدخل خبراء علم الاجتماع لتفسير الظاهرة ودراسة نتائجها، وقال إن غياب الاستراتيجية الموحدة لمواجهة ظاهرة الهجرة ساعد على انتشارها، ودعا لإطلاق مبادرات مشتركة بين الدول لتوفير فرص عمل للشباب، باعتبار أن المواجهة الأمنية فقط ليس ذات جدوى.