تحل علينا اليوم ذكرى رحيل أحمد عرابي، قائد الثورة العرابية، الذي رحل عن عالمنا في 21 سبتمبر عام 1911، بعدما خلد اسمه في التاريخ المعاصر؛ بقيادة بأول ثورة للمصريين في العصر الحديث، ومقولته الشهيرة أمام الخديو توفيق "لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا، فوالله الذي لا إله إلا هو لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم". ولد عرابي في 1 أبريل عام 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية، حفظ القرآن في مرحلة الطفولة، ثم أرسله والده عمدة القرية بعد ذلك إلى التعليم الديني الذي أتمه عام 1849، وفي عام 1854، أصدر والي مصر آنذاك، سعيد باشا، قرارًا بالسماح لأولاد العمد والمشايخ بدخول الجيش ليلتحق بالمدرسة الحربية في سن الخامسة عشر. ترقى عرابي في سلم المناصب العسكرية حتى وصل إلى رتبة أميرلاي "عميد" بسرعة كبيرة، وكان من المصريين القلائل الذين وصلوا إلى هذه الرتبة بسبب انحياز كفة قادة الجيش إلى الضباط الشركس والأتراك، كما أنه شارك في حروب الخديدو إسماعيل بالحبشة. لمع نجم عرابي بعد قيادته الثورة العرابية بمساعدة مجموعة من زملائه، وقدم فيها مجموعة مطالب تمثلت في عزل رياض باشا، وتشكيل مجلس شورى النواب، وزيادة عدد الجيش، فما كان من الخديو توفيق إلا أن رفض هذه المطالب. وتحت الضغط الشعبي استجاب الخديو توفيق للمطالب، فقرر عزل رياض باش من منصبه وإسناد مهمة تشكيل الوزارة إلى شريف باشا، وتولى محمود سامي البارودي في هذه الوزارة حقيبة الحربية، وتوجت جهودها بوضع شريف باشا دستورًا للبلاد عرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، غير أن الأمور لم تستقر كثيرًا، حيث قررت إنجلترا وفرنسا إرسال مذكرة مشتركة في 7 يناير عام 1882 أعلنتا فيها مساندتهما للخديو، فما كان من شريف إلا أن استقال من منصبه، وشكل البارودي حكومة جديدة، كان فيها عرابي وزيرًا للحربية. تطورت الأمور بعد ذلك وتدخلت إنجلترا في شؤون مصر الداخلية وانتهت الثورة بهزيمة عرابي في معركة التل الكبير واحتلال الإنجليز مصر، لتبدأ بعدها المعاناة في ظل الاحتلال الإنجليزي، الذي استمر 74 عامًا. عوقب عرابي إلى جانب مجموعة من قادة الجيش، ومنهم محمود سامي البارودي وعبدالله النديم بحكم الإعدام ثم خفف بالنفي إلى جزيرة سيلان "سريلانكا حاليًا"، حيث غادروا القاهرة إلى المنفى ومكثوا في مدينة كولومبو لمدة 7 سنوات، وانتقلوا بعدها إلى مدينة كاندي، وبعد فترة من الزمن صدر عفو من الخديوى عباس حلمي الثاني عن عرابي الذي عاد إلى مصر من جديد. جلب عرابي عند عودته من المنفى شجرة المانجو، حيث يعتبر أول من أدخل زراعة فاكهة المانجو إلى مصر، بعد عودته استقر في القاهرة ورحل عن عالمنا في 21 سبتمبر عام 1911.