حمل هذا الصيف المزيد من الويلات أكثر من المعتاد بالنسبة لركاب مواصلات مدينة نيروبي، فبجانب المظاهرات كانت هناك حوادث طرق وأمطار غزيرة تسببت في جمود العاصمة الكينية، بالإضافة إلى زيارة شخصيات أجنبية مهمة، مما أدى إلى إغلاق الطرقات وشعور الناس بالضيق. غالبية الشخصيات الأجنبية كانت من الولاياتالمتحدةوالصين، بالإضافة إلى دول أخرى في المنطقة، وكانت دول الشرق الأوسط متواجدة بشكل ملحوظ، وزيارتها تؤكد التحول الكبير في المعركة التي تمتد منذ قرون بين القوى الأجنبية على النفوذ، حيث التجارة والموارد والمعدات العسكرية، في جزء حساس من الناحية الاستراتيجية من العالم. في 5 أسابيع خلال شهري يونيو ويوليو، استقبلت كينيا مسؤولا إيرانيا، ووفودا من دول الخليج، وقادة من تركيا وإسرائيل، كما توجه الزعماء إلى دول أخرى في شرق إفريقيا. يحاول المحللون فهم التأثير المحتمل لموجة الاهتمام الجديدة من قبل الشرق الأوسط، وبات من الواضح بالفعل أنه ستجري إعادة للتحالفات والصياغات إلى حد كبير فيما يخص الصراعات والخصومات والمصالح الجيوسياسية لآلاف الأميال بعيدا عن مصالح المجتمعات المحلية، كما أن هناك قدرة لتقويض النفوذ الغربي وجداول الأعمال. من جانبه، يقول أحمد سليمان، خبير بمنطقة القرن الإفريقي، بمؤسسة تشاتام هاوس، وهي مؤسسة بحثية في لندن: "هناك طبقة جديدة هامة من التعاقدات". يأتي التحول نتيجة عوامل كثيرة حيث الربيع العربي، والحرب السورية، والصراع في اليمن، كل ذلك دفع دول الشرق الأوسط للحصول على ميزة من خلال التحالفات والتجارة والتواصل الثقافي مع جيرانهم، كما أن التنافس بين السعودية وإيران، والضغوط الاقتصادية على الدول الفردية، ووصول قادة جدد إلى الحكم يجعلهم حريصين على ترك بصماتهم، وفي نفس الوقت، كما يقول الخبراء، الصين أكثر حذرا من ذي قبل، وسط تشتت الولاياتالمتحدة، وضعف الاتحاد الأوروبي وتحمل الأممالمتحدة فوق طاقتها، وفي هذا الوقت، فتحت فضاء جديد، حيث التجارة وزراعة البطيخ وتطوير الموانئ. ما يحدث في كينيا لا يعد أخبارا جيدة بالنسبة لبريطانيا والدول الغربية الأخرى. تعد تركيا أحد أهم اللاعبين الرئيسيين في هذا التدافع الجديد على النفوذ، يقود ذلك الرئيس رجب طيب أردوغان، والذي يركز أيضا على الصومال، وقد زارها 3 مرات، وشملت زيارته العديد من الصفقات التجارية، بالإضافة إلى أجندته الإسلامية، كما طلب من الصومال إغلاق المدارس التابعة لفتح الله جولن. وقال سنان أولجن، خبير في مركز كارنجي أوروبا في إسطنبول: "كانت أهداف تركيا أكبر، تريد أن ينظر لها باعتبارها حامل لواء الدين الإسلامي في كل مكان، وكل هذا يدور حول تحسين القوة الناعمة وصورتها وقد أصبحت تركيا من أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية في العالم، وما تقوم به تركيا في الصومال تقوم به في أماكن أخرى". تتحرك الإمارات العربية المتحدة بسرعة كبيرة في كينيا لتترك أثرا، خاصة بعد المخاوف الأمنية الخاصة بها، فمع دعم تركيا للحكومة الصومالية في الانتخابات المقبلة، تدعم الإمارات مرشحي المعارضة. تتجه المملكة العربية السعودية أيضا إلى شرق إفريقيا، حيث الصومال والسودان، تلقت الأولى مساعدات من الرياض بقيمة 50 مليون دولار بعد قطع العلاقات مع إيران، كما يلعب رجال الأعمال السعوديون دورا هاما في إثيوبيا، في حين أن عددا كبيرا من طلاب شرق افريقيا يدرسون في المملكة، وارتفعت هذه الظاهرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة. واحدة من أنشط اللاعبين الجدد في الشرق الأوسط هي إسرائيل، حيث توجه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو إلى شرق إفريقيا بشكل خاص، ليعزز العلاقات مع الحلفاء القدامى مثل كينيا. ومن المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، قال نمرود غورين، إن جهود إسرائيل في إفريقيا كانت جزءا من رغبة عامة في البحث عن حلفاء "غير تقليدين"، واعترافا بأن الدول الإفريقية يمكن أن تكون مصدرا للدعم في الأممالمتحدة. وذكرت صحيفة هآرتس، الصحيفة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي أن إسرائيل تضغط على الولاياتالمتحدة وأوروبا لتحسين العلاقات مع السودان بعد تحولها ضد إيران. جارديان