«محاولة الِإصلاح الحقيقة في مصر كانت عام 1977، لما حصل عدم قبول من الناس تراجعت الدولة وفضلت تأجيل الإصلاح لحد دلوقتي تراجعوا وتحسبوا من الإصلاح».. كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس، في خطابه أثناء افتتاح مجمع البتروكيماويات بالإسكندرية، استدعى حدث مر عليه أكثر من 39 عاما، ليستشهد بمشروعية زيادة الأسعار ورفع الدعم. ما ذكره الرئيس السيسي بأن ما فعله السادات، كان محاولة إصلاح, تبرر السياسة الاقتصادية التي تسير عليها الحكومة الآن من رفع للدعم وزيادة الأسعار المتتالي, واللجوء أخيراً إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي. في يناير 1977 «انتفاضة الخبز»، التي أطلق عليها الرئيس الراحل أنور السادات «انتفاضة الحرامية»، خرج الشعب إلى الشوارع ضد الغلاء، وسياسات الانفتاح، صاحبها موجة عنف ضد المصالح الحكومية وأقسام الشرطة، واستراحات الرئاسة بطول مصر من أسوان حتى مرسى مطروح، ولم تسلم من الهجوم استراحة الرئيس بأسوان حيث كان يقيم، وتقرر إلغاء اجتماعه ب«هنري كيسنجر» وزير الخارجية الأمريكي في نفس اليوم. وقال الشاعر زين العابدين فؤاد، أحد المشاركين في انتفاضة 1977، إن تخريب الاقتصاد بدأ من عصر الرئيس الراحل أنور السادات, وأن السيسي يسير على نهجه بعدم النظر لاحتياجات الناس, والاتجاه للاستدانة ليصل إلى أرقام كبيرة, وعبء الدين على كل المصريين دون النظر للتفاوت الاجتماعي بينهم. وأضاف فؤاد أن المحتجين عام 1977 لم يتركوا الشوارع حتى عندما تراجع السادات عن قراراته, واستمروا في الميادين، ما جعل السادات يتجه إلى الغرب، وفي القلب منها الولاياتالمتحدةالأمريكية, بجانب السعودية، مدعيا أن الشيوعيين يتزعمون الاحتجاجات في جميع المحافظات، وخرج بعد الانتفاضة مباشرة 5 ملايين مواطن كأيدي عاملة إلى دول الخليج طبقا للاتفاق المصري السعودي الأمريكي؛ لكسر شوكة المعارضة، ما أدى إلى تغيير الهوية المصرية واستبداله بعادات وتقاليد مختلفة نتيجة تأثر العائدين بالفكر الوهابي. وأوضح مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعب وأحد المشاركين في الانتفاضة، أن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحة؛ من خلال أجندة فتح الأسواق وانسحاب الدولة من دعم الخدمات والسلع, والاتجاه الخصخصة, وفتح الباب لحرية الاستثمار. وأضاف الزاهد ل«البديل» أن الرئيس لم يستدع انتفاضة الخبز فقط, بل لجأ أيضاً إلى الحروب رغم أن آخرها مر عليه أكثر من أربعين عاما، وهي حروب دافعت مصر عن استقلالها, إلى جانب اتهامه لثورة 25 يناير بالمساهمة في الأزمة الاقتصادية, مؤكداً أن أسباب الأزمة التي تحدث عنها الرئيس مناقضة لحقوق العمل وحقوق الإنسان, والخطاب بأكمله حمل الشعب الأزمة كلها وحده دون الرؤساء. وأكد الزاهد أن الدعم الذي يتحدث عنه الرئيس ويريد رفعه، تذهب الحصة الكبرى منه للمستثمرين ورجال الأعمال، لكنه لم يتحدث سوى عن دعم الفقراء, مشيراً إلى أن تجاهل السيسي الحشد الشعبي وقت انتفاضة الخبز مصيبة, وطالما أنه لم ينتبه لضرورة تغيير المسار وإعادة توزيع الثروة, والقضاء على رأسمالية المحاسيب والفساد، سيزداد الوضع سواءً. وقالت الدكتورة كريمة الحفناوي، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري وأحد المشاركين في الانتفاضة، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزرائه والبرلمان حنثوا باليمين الذي أقسموا عليه وينتهكوه كل يوم, مشيرة إلى أن نفس السياسات التي أدت بخراب البلاد وأدت إلى انتفاضة الخبز يسيرون عليها اليوم. ولفتت إلى أن القائمين على البلد، لا يريدون تعلم الدرس, بأن السياسات التي تأتي على حساب الفقراء, من خلال الخصخصة ورفع الدعم, لا خير منها, وأن الحل هو الإنتاج ووجود ضرائب تصاعدية مثل جميع الدول, ووضع حد أقصى للأجور, وضم أموال الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة, وإعادة فتح المصانع المغلقة, وتطبيق ضريبة الأرباح على البورصة. وأكدت الحفناوي أن ما فعله السادات لم تكن محاولات إصلاح, بل محاولات إفقار, أدت إلى الفساد والاحتكار, مطالبة الرئيس السيسي بالنظر إلى الدول التي صارت على سياسة القروض ووصلت إلى الإفلاس.