وزير التربية والتعليم: ربط البحث العلمى بالقطاع الخاص ضرورة ملحة لمواجهة نقص التمويل    وزير البترول: حفر 77 بئرًا استكشافيًا وتوقيع 7 اتفاقيات خلال 2024    الرئيس الروسى يعلن اعتماد «إعلان قازان» الختامى لقمة «بريكس»    كولر: الإدارة لم تناقش موقفي مع الأهلي.. وسنفوز بهذه الطريقة فقط    برج العرب يستضيف مباريات المصري مع الأهلي والزمالك والإسماعيلي    «الداخلية»: القبض على 6 متهمين بغسل 150 مليون جنيه من الاتجار بالدولار    طارق الشناوي عن إلغاء فيلم آخر المعجزات بمهرجان الجونة السينمائي: أنتظر أن تراجع الرقابة موقفها    ثقافة الجيزة ينظم لقاءات تثقيفية متنوعة احتفالا بتعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني    توقيع الكشف الطبي على 239 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الفيوم في قرية الغرق    الحكومة توافق على مشروع قانون بتنظيم المراكز الطبية المتخصصة    ما حكم عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول؟ .. المفتى نظير عياد يجيب    مجانا ودون اشتراك.. شاهد مباراة برشلونة وبايرن ميونخ اليوم دون تقطيع بث مباشر - دوري أبطال أوروبا 2024    مهرجان القاهرة السينمائي ينظم ورشة للتمثيل مع مروة جبريل    بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة    محافظ البحيرة تتفقد عددا من المدارس لمتابعة سير العملية التعليمية| صور    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    أحمق يقسم البلد.. ترامب يهاجم أوباما بعد عقد الأخير حملة انتخابية لدعم هاريس    كوريا الشمالية تؤكد على تعزيز قدرات الردع في مواجهة التهديدات النووية    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    التأمين الصحي على الطلاب وإنشاء 8 جامعات.. قرارات وزير التعليم في مجلس الجامعات الأهلية    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    وزير الصحة يُدير جلسة حوارية حول العمر الصحي لكبار السن    بعد إعلان المسموح لهم دخول الامتحان.. خريطة المواد الدراسية للثانوية العامة    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع مسن في حادث سير بطريق مطار الغردقة    مصرع شخص وإصابة 5 في انقلاب تروسيكل بمصرف مياه ببني سويف    وزير الإنتاج الحربي: خطوات جادة لتحديث خطوط الإنتاج والمعدات    «جولدمان ساكس» يتوقع استقرار أسعار النفط عند 76 دولاراً للبرميل في 2025    وزير الصحة: وصول عدد خدمات مبادرة «بداية» منذ انطلاقها ل62.7 مليون خدمة    برغم القانون.. الحلقة 29 تكشف سر والدة ياسر والسبب في اختفائها    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    العد التنازلي لإسدال الستار على الدورة ال 32 لمهرجان الموسيقي العربية.. حفلات طربية كاملة العدد وفرص هامة لمطربي الأوبرا.. مي فاروق تختتم الفعاليات غدًا ونفاد تذاكر الحفل.. ظهور مميز لأطفال مركز تنمية المواهب    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    الضرائب: استجابة سريعة لتذليل عقبات مؤسسات المجتمع المدني    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    رئيس جنوب أفريقيا يطالب بتنفيذ وقف فورى وعاجل لإطلاق النار فى قطاع غزة    في اليوم العالمي للروماتيزم، أهم أعراض المرض وطرق اكتشافه    للتخلص من التخمة قبل النوم.. مشروب الزنجبيل بالليمون الحل    إزالة 148 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بسوهاج    السجن 3 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    السعودية تجهز لقمة عربية إسلامية تستهدف وقف الحرب الإسرائيلية على غزة    إعادة تأهيل 60 منزلا في قريتي الروضة 45 والوفاء والأمل بالإسكندرية    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان وتدعو لوقف القتال    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «ماذا تفعل لو أخوك خد مكانك؟».. رد مفاجيء من الحضري على سؤال ميدو    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقرأ| حديث الأربعاء.. لطه حسين (2)
نشر في البديل يوم 03 - 08 - 2016


ساعة مع لبيد..
كتب طه حسين حديث الأربعاء منذ خمس وسبعين سنة، فكانت هناك عقول غير العقول، وصبر على الفهم غير الصبر. لا أذم في هذا الجيل قدر ما أظهر حقيقته، فجيل اليوم من غير المتخصصين لا يستطيع أن يصبر على فهم بيت من أبيات الجاهليين، فمن الوهلة الأولى التي يقع نظره فيها على بيت قوي الألفاظ جزلها، يهجره هجرة من لا عودة له.
من ثم لما كان عقل طه حسين أكبر من عقلي، وعقول جيله أكثر جلدًا من عقول جيلنا، وعهدنا باللغة العربية أصبح أبعد من عهدهم بها، إذًا سنبعد قليلًا عن طريقة عرض طه حسين، وإن بقينا في دائرته، حيث إننا نورد أبياتًا غير التي أوردها، ونبسط إن استطعنا الشرح الذي شرحه، حتى يتواءم مع جيلنا الحالي، وحتى نصل إلى ما نرنو إليه، وهو جذب الناس للشعر قديمه وجديده.
بدأ طه حسين أولى ساعاته مع شاعر جاهلي عظيم، وهو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.. ينتهي نسبه عند مضر، صاحب معلقة "عفت الديار محلها فمقامها". في الساعة الأولى لم يذكر طه حسين بيتًا واحدًا من شعر لبيد، بل شرع في تعريف لبيد لصاحبه قائلًا: "كان القدماء يعجبون به إلى غير حد، ويكبرون شعره في غير تحفظ، ويجتمعون إليه؛ ليستمعوا له، ويسعون إليه ليسألوه، ويتناقلون شعره معجبين برصانة لفظة، ومتانة أسلوبه، واعتدال وزنه، واستقامة قوافيه، وروعة معانيه؛ في دقة لا تشبهها دقة، ووضوح مع ذلك لا يشبه وضوح…".
فقال صاحبه إن تركه للشعر القديم عامة ليس بغضًا ولا قلى؛ بل عجزًا ويأسًا، فلم يبلغ العشرة أبيات الأولى من معلقة لبيد إلا ضاق وانصرف عنها. من هنا أخبره طه حسين أنه سيكون ترجمانًا بينه وبين لبيد، وبدأ في شرح المعلقة لصاحبه.
في هذا الاسبوع كما أسلفنا لم يذكر طه حسين بيتًا واحدًا من شعر لبيد، واكتفى بشرح المعلقة فقط، فجاء صاحبه في الأسبوع الثاني، وأخبره أن المهتمين بالشعر والناقمين عليه لم يحمدوا حديثه الأسبوع الماضي، قائلين كيف يتحدث طويلًا عن الشعر بهذا الشكل المجمل دون أن يذكر منه البيت والبيتين في كل فقرة؛ حتى يدلل على صدق ما قال، فقال طه حسين إذًا إما أن تصبر على رواية الشعر، وإما أن توافقني في عدم نشر حديثنا معًا. فوافق الرجل على رواية الشعر.
وهنا في الأسبوع الثاني للبيد تناول طه حسين معلقته بالشرح والتبسيط؛ حتى تسهل على صاحبه وغيره ممن يبغضون أو يعجزون الشعر العربي القديم، وقبل أن يبدأ في شرحه سأله صاحبه في شيء من التهكم عن وحدة القصيدة القديمة، وما صنع الله بها، فأجابه قائلًا: "صنع الله بها خير ما يصنع بآثاره، فأوجدها وأتقنها، وأتمها إتمامًا لا شك فيه.." ثم ذكر له سببين لإنكار المنكرين لوحدة القصيدة العربي، الأول أنهم لا يدرسون الشعر القديم كما ينبغي، ولا يتعمقون بأسراره ومعانيه، في حين أن بعضهم قل أن يحفظ قصيدة كاملة، والثاني قبول ما تقوله الرواة في غير تحفظ ولا احتياط ولا تحقيق.
شرع طه حسين في شرح المعلقة التي بدأها لبيد بالغزل والنسيب من حيث وصف الطلل، والشوق لمن أحب، وتصوير الرحيل، والحديث عن حبيبته "نَوار"، ثم وصف الناقة، ويليها الافتخار، وهو نوعان: فخر بنفسه وفخر بقومه.
عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا
بمنًى تأبَّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا
فمدافعُ الرَّيَّانِ عرِّى رسْمُها
خلقًا كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
دمِنٌ تَجَرَّمَ بعدَ عَهْدِ أنِيسِهَا
حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وحَرَامُهَا
…..
فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ
بالجلهتين ظباؤهَا ونعامُها
ورغم رصانةهذه الألفاظ، إلا أن بها الكثير من الدرر التي تستحق أن نجهد أنفسنا للحصول عليها، فمنى مكان وهو غير منى الحرم، وغول ورجام جبلان، وما يود أن يقوله لبيد أنه لم يبقَ له سوى الأثر والطلل ممن أحب، فانمحت آثار كل شيء هناك من أشخاص وغيرهم، سواء كان الأشخاص ممن يقيمون أو ممن يحلون ضيوفًا. والأجمل من ذلك قوله "تأبد غولها فرجامها" أي توحشت الديار وتوحشت الجبال، إذًا فلبيد كان يأنس بالجبال إذا كانت بجوار من يحب.
البيت الثاني يقول مدافع جبل الريان التي تدفع الماء جعلت هذه الديار بالية؛ لغياب أهلها عنها، لكنها لا تستطيع أن تمحو الطلل. والطلل هنا يقوم مقام حب لبيد لحبيبته، فطول الهجر لم ينسه من أحب، ثم يؤبد حفظ آثار طلله وحبه بأن جعل هذا الطلل كما لو كان وحيًاوالله حافظه.
ثم في البيت الثالث يوضح طول الهجر من خلال أنه مر الكثير من السنين وهي الحجج، وهذه الديار خالية من أهلها في أشهرها الحرم وغير الحرم.
يظل لبيد مسترسلًا، حتى يصل إلى بيته السادس راسمًا لوحة فنية ترى فيها الطلل بعينيك، فيقول مر الكثير من الزمان حتى إن الأيهقان وهو نبات بري اكتمل نموه، جذب حوله الحيوانات، فأصبح المكان مرتعًا للوحش، فقد أطفلت الظباء، أي صار عندها صغار، والنعام أيضًا، غير أن النعام يبيض، فيود أن يقول ولد الظباء وباض النعام؛ مما يدل على أن المكان طال أمد هجره.
استمر طه حسين في أسبوعه الثاني مع لبيد، فشرح فيه معلقته، ولم يتعرض لأبيات أخرى للبيد، غير أنه أعطاه ساعة أخرى في أسبوع ثالث مع لبيد، استشهد فيه بأبيات غير المعلقة؛ حتى يكمل وجبة صاحبه التي أصبحت وجبة طيبة لكلمن يقرأ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.