تعتبر سورياوالعراق مرآة لبعضهما بعضا، حيث يشهد البلدان صراعًا مسلحًا وعمليات عسكرية بين القوات الحكومية والتنظيمات الإرهابية، فالعدو مشترك وخطط الدول الغربية لإسقاط الدولتين واحدة تقريبًا والمعاناة والمأسي الإنسانية متقاربة، إضافة إلى أن الدولتين تسيران على خطى واحدة في مكافحة الإرهاب، الأمر الذي يستدعي تعاونًا سياسيًّا وتنسيقًا عسكريًّا وأمنيًّا بينهما، خاصة مع الاقتراب من الحدود الفاصلة بينهما. تنسيق عراقي سوري التقى الرئيس السوري، بشار الأسد الثلاثاء، مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، في حضور سفير سوريا لدى العراق، إضافة إلى الوفد المرافق للمستشار الفياض، حيث نقل الوفد رسالة من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تتعلق بالتعاون السياسي والعسكري والأمني بين البلدين، خاصة مكافحة الإرهاب، ووضع الفياض الرئيس الأسد في صورة التحضيرات الجارية للتقدم باتجاه مدينة الموصل وتحريرها من الإرهاب، وشدد على حرص القياد ات العراقية على استمرار الدعم والتواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، لما لهذا الأمر من نتائج إيجابية في محاربة التنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة والعالم. وهنأ الرئيس الأسد العراق حكومة وشعبًا بالانتصارات والإنجازات التي يحققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في مكافحة تنظيم داعش، وآخرها تحرير مدينة الفلوجة، وأكد أن الحرب التي يخوضها الجيشان السوري والعراقي واحدة وأي انتصار يتحقق ضد الإرهاب في أي من البلدين هو نصر للطرفين ولكل الأطراف الجادة في محاربته والقضاء عليه. الجيشان ومسيرة التحرير الضربات المتلاحقة التي يتلقاها تنظيم داعش على الصعيدين السوري والعراقي أدت بالضرورة إلى إضعافه وانهيار صفوفه، خاصة أن العراق بدأت عمليات عسكرية فعالة منذ تولي رئيس الوزراء حيد العبادي منصبه في عام 2014، حيث بدأ الأخير في لمّ شمل القوات والعشائر العراقية للدخول في حرب حقيقية على الإرهاب في العراق، ومن هنا انطلقت الخطط والتحركات العسكرية التي نجم عنها العديد من الانتصارات، كان آخرها الانتصار في معركة الفلوجة التي هزت الكيان الداعشي، خاصة أنها لاقت مثيلتها في سوريا التي يخوض جيشها حروب مع التنظيم من خمس سنوات، لكنها استعرت بشده بعد دعم القوات الروسية للجيش السوري. الفلوجة وكاستيلو.. انتصارات حققها الجيشان مؤخرًا في الثالث والعشرين من مايو الماضي، أعلنت قيادة القوات المشتركة العراقية بدء عملية تحرير الفلوجة، إحدى أهم معاقل تنظيم داعش في محافظة الأنبار، وبعد ثلاثة وثلاثين يومًا من هذا الإعلان، وتحديدًا في 26 يونيو الماضي، خرج رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، ليعلن تحرير الفلوجة من داخلها رافعًا العلم العراقي فوقها، ويعلن قائد العملية انتهاء المعركة، لتكون بذلك واحدة من أقسى الضربات التي تلقاها تنظيم داعش منذ تأسيس خلافته في العام 2014، وبسطه السيطرة على أراضي واسعة في العراقوسوريا. أما في سوريا فإن المشهد الميداني قد تغير من يوم إلى آخر بشكل سريع، حيث شهدت حلب العديد من المعارك العنيفة خلال الأيام الماضية، والتي تمكن الجيش السوري خلالها من تحقيق تقدم مهم وجديد على الجماعات المسلحة هناك، تمثل في قطع طريق الكاستيلو شمال حلب، الذي يعتبر آخر المنافذ التي تصل مناطق سيطرة المسلحين بالريف المفتوح على تركيا، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة للفصائل المسلحة وصفتها مصادر عديدة مؤيدة ومعارضة بأنها انتحارية انتهت بمقتل ما يزيد عن مائة مسلح بينهم قياديون، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 200 آخرين. البوصلة تتجه نحو الموصل والرقة لا شك في أن الإنجازات العسكرية التي حققها الجيشين السوري والعراقي خلال الفترة الأخيرة منحتهم المزيد من الحماس لتحرير المزيد من القرى والمدن التي تعتبر أهم معاقل داعش في البلدين، ففي العراق نجد الجيش العراقي قد وجه أنظاره إلى محافظة الموصل. خلال الأسبوع الماضي، أعلنت القوات العراقية استعادة السيطرة على قاعدة القيارة الجوية جنوب الموصل، مما اعتبر خطوة مهمة نحو استعادة المدينة التي تخضع لسيطرة داعش منذ يونيو 2014، وقبل أيام، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، أن القوات تتقدم في اتجاه نينوى لتحريرها من قبضة تنظيم داعش، وسيطرت على ضفتي نهر دجلة وعدة قرى آخرها إجحلة، وفي الوقت ذاته أكد وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، أن النصر قادم إلى نينوى بعد تحرير الفلوجة والقيارة، وأضاف أن القوات العراقية التي تتقدم جنوب الموصل استعادت قرية إجحلة شمال قاعدة القيارة، لتلتحم مع وحدات أخرى من الجيش تتقدم من اتجاه آخر، وأوضح العبيدي أن القوات العراقية وصلت إلى ضفة نهر دجلة، والتقت وحدات عمليات تحرير نينوى في مخمور، وألقت القوة الجوية العراقية مناشير فوق مدينة الموصل تدعو أهلها إلى الاستعداد لمعركة تحريرهم من داعش، وطالب وزير الدفاع العراقي أهالي المحافظة بدعم القوات. وأضاف العبيدي: ليكن الأحبة في الموصل على يقين كامل وعقيدة راسخة وجيشهم وقواتهم الأمنية اقتربت من تخوم الموصل وباتت قاب قوسين أو أدنى منها تتوق لمعركة الفصل فيها، ولن نرضى بغير النصر بديلًا عنها. بالتزامن مع تحضير الجيش العراقي والقيادات الأمنية هناك لمعركة الموصل، تدور في الأروقة الأمنية السورية أيضًا محادثات وتنسيقات بين القوات السورية والروسية الداعمة لها بشأن المعركة المفصلية التي ينوي الجيش السوري خوضها في محافظة الرقة، حيث بدأ الجيش بالفعل جس نبض التنظيم الإرهابي هناك، ففي مطلع يونيو الماضي، دخلت القوات السورية إلى محافظة الرقة معقل تنظيم داعش، وقصفت مواقع للتنظيم في ريف الرقة ودير الزور، مما أسفر عن مقتل عدد منهم وتدمير آلياتهم، واقتربت القوات من مطار الطبقة، لكن بعد أن أصبحت على بُعد 7 كيلو مترات من المطار، أجبرت هجمات المسلحين الجيش السوري على التراجع مرة أخرى إلى مسافة 15 كيلو مترًا من المطار.