قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية: أصبحت مصر حينما تحتل عناوين الصحف هذه الأيام، يكون عادة لنفس الأسباب التي في سوريا والعراق، حيث هجمات تنظيم داعش الإرهابي، أو تدمير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء، أو حالات القمع الداخلي، والتي يقول البعض إنها أسوأ من أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وتوضح الصحيفة أنه تم اكتشاف وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة يوم الأربعاء الماضي، ويظهر على جسده علامات تعذيب، مشيرة إلى أن جوليو طالب دكتوراه، يبلغ من العمر 28 عامًا، بجامعة كامبردج، وكان في عداد المفقودين منذ نحو أسبوعين أثناء عودته من حفل عيد ميلاد بوسط المدينة، وعُثِر على جثته في حفرة بإحدى الضواحي. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن ضابطًا كبيرًا بالشرطة اقترح أن حادث جوليو كان بالسيارة، ولكن علامات التعذيب واضحة على جسده، بما في ذلك حرق السجائر، وعلامات أخرى تؤكد التعذيب؛ مما عرضه للموت البطيء. وتضيف الصحيفة أن ريجيني أجرى بحثًا حول النقابات العمالية المصرية بعد الربيع العربي. ورغم أن البحث تم بصورة سليمة، لكنه جعله على خلاف ومعارضة للحكومة المصرية الحالية، التي تشن حملة على كل خيوط المجتمع المدني. وذكرت الصحيفة أنه حتى قبل جوليو، قال طالب دراسات عليا مصري إنه اضطر مؤخرًا لتغيير موضوع رسالة الدكتوراه؛ ليبقى في أمان. وعلى الرغم من أن الشاب الإيطالي كتب بحثه تحت اسم مستعار، إلا أنه قُتِل. وهناك مخاوف على من كانوا معه أو على اتصال به. وترى الصحيفة أنه بالرغم من أن احتمال محاولة السرقة أو الخطف ضعيفة، لكن لم يتم استبعادها، خاصة وأن منتقدي الحكومة يؤكدون أن ما حدث للطالب الإيطالي أبعد ما يكون عن المألوف. وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد مرور ثلاثة أيام من العثور على جثة ريجيني، ادعى أحد المواقع الإخبارية االمصرية أن الشرطة ألقت القبض على عدد من المصريين والأجانب في الجيزة، خلال تنفيذ عملية ضد الهاربين والمخالفين. لكن في ديسمبر وقبل أسبوع واحد من اختفاء ريجيني، نشرت اللجنة المصرية للحقوق والحريات تقريرًا صادمًا عن حالات الاختفاء القسري، ووثقت 340 حالة في الفترة من شهر أغسطس حتى نوفمبر من العام الماضي، أي بمعدل ثلاثة أشخاص في اليوم الواحد. وطبقًا للصحيفة البريطانية فإن الأشخاص الذين تم الإفراج عنهم مؤخرًا وصفوا أنواع التعذيب التي تعرضوا لها بالسجون المصرية، بما في ذلك الصدمات الكهربائية والتعليق من اليدين والتهديد بالاعتداء الجنسي. وأكدت الصحيفة أن اللجنة المصرية تلقي باللوم على الحكومة المصرية في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث تسمح لضباط أمن الدولة بتعذيب الناس مع الإفلات من العقاب. وفي هذا السياق يقول شادي حامد، زميل بارز في مركز دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، إن هناك اتفاقًا بالاجماع بين المنظمات غير الحكومية على ارتفاع مستويات القمع بشكل غير عادي، ربما لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر الحديث، وذلك بعيدًا عن استهداف الإسلاميين؛ لأنه يتم توجيه القمع ضد جميع الأطراف والقوى السياسية التي تتحدى النظام بصورة مباشرة، بما في ذلك الشباب الثوري والليبرالي الذي رأيناه مؤخرًا يحلم بمستقبل مصر الجديدة. وتعتقد الصحيفة أن ما يحدث الآن هو عَكْسُ الآمال الكبيرة التي كانت خلال التظاهرات اليومية في ميدان التحرير، التي أطاحت بنظام حسني مبارك، كما أن حلفاء مصر الغربيين يرتكبون نفس الخطأ مع الحاكم المتشدد في الشرق الأوسط، وتطبيقه إجراءات مروعة من سوء المعاملة؛ بدعوى تحقيق الاستقرار.