تسعى مصر خلال القمة الإفريقية المنعقدة بأديس أبابا، الشهر الجاري، لأن تحصل على عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي لمدة 3 سنوات. ويتبع المجلس الاتحاد الإفريقي، وهو مسؤول عن تنفيذ قراراته، ويتشابه عمله مع مجلس الأمن في الأممالمتحدة، ويتم انتخاب الأعضاء من قِبَل الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي، بحيث تعكس التوازن الإقليمي في إفريقيا، فضلًا عن مجموعة متنوعة من المعايير الأخرى، بما في ذلك القدرة على المساهمة عسكريًّا وماليًّا بالاتحاد. مهام المجلس المجلس تم اقتراحه من قِبَل الأعضاء الأفارقة في مؤتمر قمة لوساكا عام 2001؛ ليتم إنشاؤه عام 2004، بعد اعتماده من الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي يوليو 2002، بموجب بروتوكول القانون التأسيسي. ويعرف هذا المجلس بأنه المحقق للأمن الجماعي للشعوب الإفريقية، ودوره الإنذارات المبكرة للدول والأنظمة في الوقت المناسب للأزمات والصراعات الناشئة بالقارة، كما يسند البروتوكول مسؤوليات أخرى إلى المجلس، تشمل منع وإدارة وتسوية الصراعات، ووضع سياسيات للدفاع المشترك، وإعادة بناء وتأسيس السلام بعد انتهاء الصراعات. ينتخب الأعضاء بالمجلس على أساس إقليمي من قِبَل الجمعية العامة، منها 5 بلدان يتم انتخابها كل ثلاث سنوات، وعشر دول لمدة سنتين، كما أن القوة الإفريقية الجاهزة هي برنامج عسكري يرتبط بمجلس السلم والأمن الإفريقي. ومن أهداف المجلس، بحسب وثيقة البروتوكول التي صدرت بعد التأسيس، تعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة وحماية وحفظ حياة وممتلكات ورفاهية الشعوب وبيئتها، وكذلك خلق الظروف المواتية، وترقب ومنع النزاعات. وفي حال حدوث النزاعات تكون مسؤولية مجلس السلم والأمن تولي مهام إحلال وبناء السلام لتسوية هذه النزاعات، وتعزيز وتنفيذ الأنشطة المتعلقة ببناء السلام، وإعادة التعمير في فترة ما بعد النزاعات؛ لعدم تجدد أعمال العنف، كما يهدف المجلس للتنسيق بين الأعضاء في مكافحة الإرهاب الدولي بكافة جوانبه. ووفقًا لوزارة الخارجية، وضعت مصر خطة تحرك في الفترة الأخيرة؛ من أجل حسم المقعد لصالح مصر، من خلال تحركات ثنائية مع الدول الإفريقية، وعقد اجتماع بمقر الوزارة؛ للترويج لمصر، بحضور سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقى المعتمدين فى القاهرة، مع مساعد وزير الخارجية لشؤون المنمظات الإفريقية السفير أمجد عبد الغفار، الذي أكد أن مصر لا ينافسها أحد في هذا المقعد، لكنها تأمل في الحصول على أكبر عدد من تصويت الدول الإفريقية. وسبق أن انضمت مصر لعضوية المجلس عن مقعد السنتين للفترتين 2006 – 2008، و2012 – 2014، لكن العضوية الأخيرة لم تكتمل؛ نظرًا لتعليق عضويتها بالاتحاد الإفريقي 2013 عقب ثورة يونيو. ويتزامن ترشح مصر لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقى مع عضوية مجلس الأمن، وبحسب الخبراء تستطيع مصر عبر هذين المجلسين أن تكون همزة وصل حقيقية بين القارة الإفريقية ومجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالقضايا التي تهدد السلم والأمن الإفريقي، خاصة مع الترابط الوثيق بين عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وأجندة السلم والأمن للاتحاد الإفريقي. رؤية القاهرة وحول الترشح لمجلس السلم والأمن الإفريقي أكدت وزارة الخارجية أنه جاء من منطلق الحرص على التنسيق بين أجندتي مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن، حيث إن الجمع بين عضوية المجلسين سينعكس بالإيجاب على الدفع بقضايا القارة الإفريقية في مجلس الأمن، خاصة وأن مصر وضعت إبان ترشيحها لمجلس الأمن ملف التعامل مع الأزمات الإفريقية على رأس أولوياتها، خاصة مع الترابط الوثيق بين عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وأجندة السلم والأمن للاتحاد الإفريقي. وتسعى القاهرة، بحسب تصريحات أمجد عبد الغفار، إلى استكمال بنية السلم والأمن الإفريقية، وفي مقدمتها تفعيل القوة الإفريقية الجاهزة التابعة للاتحاد الإفريقي بقدراتها الخمس؛بهدف مواجهةتحديات السلم والأمن في القارة، خاصة مع رئاسة مصر مؤخرًا لقوة إقليم شمال إفريقيا خلفًا للجزائر، فضلًا عن مشاركة مصر في القوة الإفريقية للتعامل السريع مع الأزمات. وأشار إلى أن رؤية مصر للتعامل مع قضايا القارة التي ستُطرَح في مجلس السلم والأمن تقوم على أهمية تبني منظور شامل في التعامل مع قضايا القارة وتحديتها، كالجريمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب، فضلًا عن ضرورة اتباع منهج استباقي في التعامل مع أية أزمات ناشئة في مراحلها الأولى؛ لتفادي تحولها في مرحلة لاحقة إلى نزاعات ممتدة، يصعب معالجتها، وتستنفد العديد من الموارد. وفي هذا الإطار رجح البعض أن تكون أزمة سد النهضة من الملفات المطروحة لوزارة الخارجية في المستقبل خلال عضويتها بمجلس السلم والأمن الإفريقي، إذا ما فشلت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان القائمة منذ أكثر من عامين، ولم توصِّل لحل يرضي الأطراف. كما سيكون ملف السودان وحواره مع الجنوب من الملفات المطروحة في المجلس. وفي هذا الإطار طالب الخبراء مصر أن تقوم بدور لحل هذه الأزمة التي تعد من أهم التحديات التي تحيط بمصر إقليميًّا، وتحاول القاهرة الفترة الأخيرة أن تنأى بنفسها عن ملفات النزاعات والاختلافات السياسية، ولكن ستكون مطالبة بها خلال عضويتها في المجلس. وبدأت القاهرة من خلال إرسال وفد مصري إلى بورندي التوسط في حل الأزمة السياسية بها، حيث توجه السفير حمدى سند لوزا نائب وزير الخارجية اليوم إلى العاصمة البوروندية "بوجمبورا"، للالتقاء بالرئيس البوروندى "نيكرونزيزا"، وذلك للتعرف على رؤيته للوضع الراهن فى بلاده، وتقديره لسبل حلحلة الأزمة فى بوروندى، والتباحث حول البدائل المتاحة لتسويتها، والتواصل مع كافة الأطراف المعنية كوسيط فى الأزمة، فى ظل عضوية مصر الحالية فى مجلس الأمن. قرارات سابقة ومن قرارات المجلس الأخيرة صدور قرار خاص بالحوار السوداني وتفعيل دور رئيس لجنة الحوار ثامبو أمبيكي، حيث أصدر المجلس في 25 أغسطس الماضي بيانًا تضمن قرارات بشأن نشاطات آلية الحوارالسوداني والجنوب السوداني، بعد أن أحاطه الرئيس السابق ثابو أمبيكي بتقرير حول جهوده في المشاركة مع حكومة السودان والأحزاب السياسية والحركات المسلحة، دعمًا للحل السلمي للنزاعات في السودان. وفرض المجلس من قبلُ عقوبات على موريتانيا في أعقاب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس "سيدي ولد الشيخ عبد الله"، وتمثلت العقوبات في منع عدد من المدنيين والعسكريين في المجلس العسكري الذي تولى الحكم في موريتانيا عام 2009، من السفر ومراقبة الحسابات المصرفية. وفي عام 2013 وبعد ثورة يونيو علق مجلس السلم والأمن الإفريقي مشاركة مصر في المنظمة الإفريقية، وهو القرار الذي عدل عنه بعد مرور 11 شهرًا، وبالتحديد في يونيه 2014. وفي ديسمبر2015 أقر مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي مبدأ إرسال قوات إفريقية إلى بوروندي مكلفة بحماية المدنيين، بعد اندلاع احتجاجات بها، عقب إعلان الرئيس نكورونزيزا ترشحه لفترة رئاسية ثالثة.