تزايدت وتيرة الهجمات الإرهابية التي ينفذها تنظيم القاعدة في إفريقيا خلال الفترة الأخيرة، فمنذ العملية الإرهابية التي ضربت مالي في نوفمبر الماضي؛ إثر اقتحام مجموعة من التنظيم لإحدى الفنادق واحتجاز العديد من الرهائن، فلم يقتصر الأمر على مالي فقط، بل بدأت القاعدة في توسيع عملياتها بالقارة، وكان آخرها تنفيذ التنظيم عملية أخرى في بوركينا فاسو مستهدفُا فندق به جالية أوربية كبيرة. تشابهت العمليات الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو، في أهدافها وأسبابها، لاسيما أن المسؤول عنها تنظيم القاعدة في شمال وغرب إفريقيا، الذي حاول بكل قدرته الترويج بأنه مازال متواجدًا ب«المشهد الجهادي»، خاصة وأن عبد المالك درودكال، زعيم التنظيم في شمال إفريقيا، أعلن أنه انضم إلى جماعة المرابطون ومقرها مالي، واصفًا الهجمات في مالي أنها إعلان للوحدة بينهما. وقال درودكال، في تسجيل صوتي سابق: تنظيم المرابطون اندمج بشكل كلي مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وأصبح يحمل اسم كتيبة المرابطون، مؤكدا في التسجيل أن عملية احتجاز وقتل عدد من الرهائن الغربيين بفندق راديسون بالعاصمة المالية باماكو كانت من تنفيذ مشترك وبداية لتدشين اندماجهما، على حد قوله. أسباب التفجيرات بمالي وبوركينا فاسو جاءت هذه العمليات لاستهداف المصالح الفرنسية في الأساس، فالمتابع للعمليتين يلاحظ أنهما في فنادق يسكن أغلبها جاليات فرنسية، وقبل انتهاء عملية احتجاز الرهائن في باماكو، وضع تنظيم القاعدة شرطا لإطلاق سراحهم هو تحرير المسلحين التابعين للتنظيم من سجون باماكو، ووقف الضربات الفرنسية في شمال مالي. العمليتين الأخيرتين في باماكو وبوركينا رسالة من القاعدة واضحة للحكومة الفرنسية مفادها أننا قادرون على استهداف رعاياكم، وأن تفوقك العسكري في مالي لن يوفر لهم الحماية، وهو ما نجح فيه التنظيم ببث الرعب والقلق بين الرعايا الفرنسيين في الفترة الأخيرة. ومن الأسباب التي كانت حاضرة في خلفية هذه العمليات صعود وبروز تنظيم داعش الإرهابي على الساحة والهالة الإعلامية الضخمة التي صاحبت عملية باريس الأخيرة، فليس من المستبعد أن يكون تنفيذ تنظيم المرابطون هذه العمليات توصيل رساله لأنصاره أنه تحت قيادته سيكونون قادرين على استهداف الغرب وإجبارهم على سحب قواتهم من إفريقيا. لماذا فرنسا؟ منذ تدخل فرنسا في مالي بدافع مواجهة المتشدين منذ بدايات عام 2013، وضعت باريس نفسها في مواجهة على الخطوط الأمامية مع عدة تنظيمات إرهابية، والتي كثيًرا ما تصدر بيانات تتوعد فيها فرنسا، وتهددها بهجمات ضد مصالحها داخليا وخارجيا. من بين ذلك، ما جاء في بيان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بعد عملية باماكو: إنه بعد مرور قرابة ثلاثة أعوام على بدء الحملة الفرنسية ضد «الجماعات الجهادية» في مالي، لاتزال هذه الجماعات قادرة على ضرب الفرنسيين حيثما أرادت، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم وجهوا ضربة للفرنسيين في أشد المناطق تحصينا وفي قلب بماكو عاصمة دولة مالي. لماذا يتم استهداف الفنادق؟ أرجع بعض المحللين استهداف التنظيمات الإرهابية للفنادق مؤخرًا في إفريقيا، إلى صعوبة تحولها إلى مناطق عسكرية؛ لأنها سياحية ترفيهية، ويتواجد بها جنسيات مختلفة، مما يجعلها هدفًا رئيسيًا للتنظيمات الإرهابية، ففي أعقاب التدخل العسكري الفرنسي بمالي وتراجع قدرات التنظيمات الموالية للقاعدة، بحثت هذه التنظيمات عن أهداف أخرى ليست عسكرية لتؤكد وجودها وأنها باقية، مستندة إلى هجمات مماثلة كانت ناجحة، كما حدث في منتجع سوسة بتونس، وهجمات تكررت مرارا من قبل حركة الشباب الصومالية. ومن بين أهداف توجه المسلحين إلى تنفيذ عملياتهم بالفنادق، هو كثافة وضخامة التغطية الإعلامية، التي بحسب هذه التنيظمات تزيد من شعبيته، وتمكنه من استقطاب العديد من الأنصار الجدد.