رغم اقتراب الموعد المحدد لعقد مؤتمر جنيف 3 المزمع في 25 يناير الجاري، إلا أن القوى الدولية لاتزال منذ شهور وحتى الآن عاجزة عن التفريق بين التنظيمات الإرهابية وفصائل المعارضة المعتدلة التي يجب إشراكها في الحوار مع النظام السوري، ولايزال وفد المعارضة قيد التحضير، في ظل اختلاف وجهات النظر بين القوى الدولية حول انتماء أعضاء وفد المعارضة. لقاءات تحضيرية انطلقت اللقاءات التحضيرية لبحث سير الاستعدادات لاستئناف المفاوضات السورية والتطورات الأخيرة في الأزمة، وتداعيات التوترات السعودية الإيرانية على المفاوضات، وما نتجت عنه اللقاءات السابقة خاصة مؤتمر المعارضة في الرياض، الذي رفضته روسياوإيران وبعض فصائل المعارضة السورية، ودعمته أمريكا والسعودية. لقاء ثلاثي روسي أمريكي أممي في جنيف، كان نقطة الانطلاق للتحضير المفاوضات السورية بين وفدي النظام والمعارضة المقرر في 25 يناير الجاري، وقد حضر هذا اللقاء نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط، آن باترسن، والمبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا. وبحث الدبلوماسيون خلال اللقاء الذي جرى أمس الأربعاء، المسائل المتعلقة بتطبيق الاتفاقات التي توصلت إليها مجموعة دعم سوريا خلال اللقاءين في فيينا يومي 30 أكتوبر و14 نوفمبر الماضيين، والتي تبناها مجلس الأمن كقرار دولي في 18 ديسمبر الماضي. عراقيل أمام جنيف3 قالت مصادر ديبلوماسية غربية، إن الاجتماع الثلاثي الذي عقد في جنيف أمس، لم ينجح في الاتفاق على قائمة موحدة للمعارضة السورية، حيث تتمسك روسيا بحضور وفدين للمعارضة السورية، وتعتبر أن الوفد المنبثق عن مؤتمر الرياض لا يمثل جميع فصائل المعارضة، وهو ما اتضح في تصريحات غاتيلوف، التي قال فيها إنه لا مكان لأحرار الشام وجيش الإسلام في قائمة المعارضة السورية، واصفًا إياهما بالإرهابيتين، فيما يصر الأمريكيين على حضور وفد الرياض فقط دون إجراء أي تعديل أو ضم أو توسيع في الوفد، الأمر الذي وضع مصير مؤتمر جنيف3 في مهب الريح، واستدعى اجتماعًا إضافيًا بحضور ممثلي بقية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن هذا اللقاء فشل أيضًا في التوصل إلى تسوية تفتح الطريق أمام بدء إطلاق الدعوات للحكومة السورية ووفد المعارضة، وهو ما دعى إلى احتمالية عقد لقاء بين وزيري الخارجية الأمريكي والروسي في جنيف الجمعة المقبلة، إضافة إلى عقد لقاء بين كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف لحل العقد التي تقف أمام المفاوضات السورية. حضور وفد المعارضة السورية المنبثق عن مؤتمر الرياض وحيدًا في المحادثات، يعني التضحية بالجانب الكردي المتمثل في حزب الاتحاد الديموقراطي وزعيمه صالح محمد مسلم؛ لأنه لم يتم دعوته في مؤتمر الرياض، وهو ما يعني عدم وجود مقعد كردي في محادثات جنيف3 المقبلة، الأمر الذي دفع ممثلي الأكراد إلى إبلاغ الجانب الأمريكي بأنهم لن يلتزموا بأي اتفاق يصدر عن أي اجتماع لا مقعد لهم فيه، وإذا لم يشاركوا في صياغة أي تسوية فهم يعتبرون أنفسهم في حل من أي التزام تجاه ما سيصدر من جنيف. التوافق حول وفد موحد للمعارضة لم يعد العائق الوحيد أمام إطلاق الدعوات لحضور مؤتمر جنيف3، بل جاء تعنت فصائل المعارضة لتزيد الأمر تعقيدًا، حيث رهنت بعض الفصائل مشاركتها في محادثات جنيف3 بتطبيق بنود إنسانية من قرار مجلس الأمن 2254، معتبرة أن على دمشق اتخاذ خطوات لإبداء حسن النية، بما في ذلك إطلاق السجناء قبل الذهاب للمفاوضات. مصير الأسد لم يعد عائقا رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم لم يعد يمثل عائقا كبيرا في المحادثات الدولية حول سوريا، أو على الأقل لم يعد محور اهتمام الدول الغربية التي أنهت شوطًا كبيرًا من المفاوضات سواء في جنيف أو فيينا، فأمريكا التي اعتادت على الحديث عن انتهاء دور الأسد في سوريا، والتي رفضت مرارًا القبول بأي دور للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية المفترضة، لم تعد الآن مهتمة بمصيره، وهو ما ظهر جليًا في تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي للسياسة الخارجية بن رودس، أمس الأربعاء، حين قال إن تنحي الأسد لا يمكن أن يحدث في بداية عملية التسوية، لكن هناك حاجة إلى الوضوح بشأن هذا التنحي المستقبلي، مضيفًا أن الولاياتالمتحدة نبهت إيرانوروسيا أن عكس ذلك سوف يفشل العملية. من جانبه، كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قال قبيل لقاء نيويورك الدولي الذي عقد في منتصف ديسمبر الماضي حول سوريا، إنه من غير المقبول تعليق الحل السياسي في سوريا على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، قائلًا: «مبدئيًا يعود للشعب السوري اتخاذ القرار بشأن مستقبل الرئيس الأسد، لكني أعتقد أيضًا أنه من غير المقبول أن يرتهن حل هذه الأزمة بمصير رجل واحد». وترى صحيفة الجارديان البريطانية، صعوبة تنحي الرئيس السوري في الوقت الحالي، فقالت إنه ليس هناك قوى سياسية أو عسكرية تستطيع أن تحل مكان الرئيس الأسد الآن، وأشارت إلى أن المطالب الغربية حول تنحي الرئيس السوري، بالإضافة إلى إعلانات المعارضة حول استحالة تسوية النزاع في سوريا مع الأسد ليس لها أية علاقة بالواقع، طالما أنه ليس هناك أحد قادر على أن يحل مكانه. وثيقة أسوشيتد برس تربك الحسابات نشرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، وثيقة مسربة تتضمن جدولًا زمنيًا لخطة أمريكية تعالج العملية السياسية في سوريا، تتضمن موعدًا لرحيل الأسد في مارس من العام المقبل 2017، وتضمنت الوثيقة تشكيل لجنة أمنية من النظام والمعارضة في إبريل المقبل، وإعلان عفوا عام وإطلاق سراح معتقلين لدى الطرفين، بالإضافة إلى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وخلال مايو المقبل سيتم حل البرلمان لدى انتهاء ولايته، وتسمية مجلس تشريعي مؤقت بالتزامن مع اعتراف مجلس الأمن بالهيئة الانتقالية، وعقد مؤتمر للمصالحة والإعمار. وخلال يونيو وديسمبر من العام الحالي، سيتم صياغة دستور جديد يطرح لاستفتاء في يناير عام 2017، وفي مارس من نفس العام يتخلى بشار الأسد عن سلطاته لتمارس حينها الهيئة الانتقالية صلاحيات تنفيذية كاملة، لتجري بعد ذلك انتخابات برلمانية ورئاسية في آغسطس 2017، وتشكل حكومة جديدة في الشهر ذاته يتم الإعتراف بها دوليًا. جنيف3.. هل يرى النور؟ من المفترض أن يعلن المبعوث الأممي عن لائحة الوفد المعارض، وأن يوجه الدعوات لحضور المؤتمر السبت المقبل، كموعد أخير، لكن المؤشرات الحالية تدل على صعوبة التوصل إلى هذه القرارات، وهو ما قاله دي ميستورا، حين أكد أنه لن يستطيع توجيه الدعوات إلى حضور المؤتمر 25 من الشهر الحالي، في ظل المأزق الحالي واستمرار الخلاف على تشكيلة الوفد المعارض، الأمر الذي ينتفي معه الحديث عن عقد اللقاء في موعده، أو في أفضل الأحوال، الالتزام بما سيخرج به اللقاء في حال عقده، وبذلك تصبح فرصة الوصول لحل سياسي شبه مستحيلة.