سد الألفية، سد حداسة، سد تثاقلي، كلها أسماء أطلقت على سد النهضة الإثيوبي، الذي يجري تشييده بنهر النيل الأزرق بقدرة 6.000 ميجاوات؛ ليصبح بذلك أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا عند اكتماله، ويصبح الثالث عشر في العالم، بعد سد كراسنويارسك، الذي تبلغ سعة خزانه 63 بليون متر مكعب. الاقتراح والتصميم الأمريكي سد النهضة اقتراح أمريكي عُرف باسم سد بوردر في الدراسة الأمريكية التي أجريت على حوض النيل الأزرق "أبي". وبعد أن اطمأنت إثيوبيا لمصدر التمويل والدعم الأمريكي والدولي، أعلنت الحكومة الإثيوبية في الثاني من إبريل 2011 تدشين مشروع سد النهضة غربي بني شنقول – قماز؛ لتوليد الطاقة الكهرومائية بولاية جوبا بإثيوبيا، وعلى بعد نحو 20-40 كيلومترًا من حدود إثيوبيا مع السودان، بتكلفة تبلغ نحو 4.8 مليار دولار. تضاربت الأقوال حول سد النهضة، فالحقائق العلمية من خلال الدراسة الأمريكية عام 1964 وما تلاها من أبحاث ذكرت عديدًا من الأرقام لسعة الخزان، وهي: 11.1، 13.3، 16.5، 24.3 مليار متر مكعب. فيما جاءت تصريحات المسؤولين الإثيوبيين بأنها 62، ثم 67 مليار متر مكعب، إلا أن هذه الأرقام لا يوجد ما يؤكدها علميًّا. بدأت الولاياتالمتحدة بشكل فعلي في التخطيط لسد النهضة الإثيوبي منذ قرار مصر بإنشاء السد العالي، وفي أغسطس 1957 كُلِّف مكتب الاستصلاح التابع لوزارة الداخلية الأمريكية بالمشاركة في المشروع المشترك بعنوان "البرنامج التعاوني للولايات المتحدةالأمريكية وإثيوبيا لدراسة حوض النيل الأزرق"، واستمرت تلك الدراسة المكثفة للمشروع لمدة خمس سنوات (1958-1964)، وذلك إبان بناء السد العالي في مصر 1960- 1970. وانتهت تلك الدراسة بتقديم تقرير شامل عن الهيدرولوجيا ونوعية المياه، وشكل سطح الأرض، والجيولوجيا والموارد المعدنية، والمياه الجوفية، واستخدام الأرض، وأخيرًا الحالة الاجتماعية والاقتصادية لحوالي 25 حوضًا فرعيًّا، وأعلنت الدراسة من خلال 7 مجلدات مكونة من تقرير رئيسي بعنوان "الموارد الأرضية والمائية للنيل الأزرق" 6 ملاحق عام 1964. جيولوجيا وتقنية السد يتوقع العلماء انهيار السد بعد فترة وجيزة من إنشائه؛ لأنه يقع في منطقة تغلب عليها الصخور المتحولة لحقبة ما قبل الكمبري، والتي تشبه في تكوينها جبال البحر الأحمر الغنية ببعض المعادن والعناصر الهامة، مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، بالإضافة إلى محاجر الرخام. تلعب الجيولوجيا دورًا رئيسيًّا في مجالات التنمية الإثيوبية، والتي تقف حائلًا أمام نجاح كثير من المشروعات المائية بدول منابع نهر النيل عامة وإثيوبيا بصفة خاصة، منها صعوبة التضاريس، حيث الجبال المرتفعة والأودية الضيقة والعميقة؛ مما يتبعها صعوبة نقل المياه من مكان إلى آخر في حالة تخزينها، وكذلك انتشار الصخور البركانية البازلتية، خاصة في إثيوبيا، وهي صخور سهلة التعرية بواسطة الأمطار الغزيرة، كما أنها ضعيفة هندسيًّا لتحمُّل إقامة سدود عملاقة التوزيع غير المتجانس للأمطار سواء زمانيًّا أو مكانيًّا،وأيضاً زيادة معدلات البخر، والتي يصلمتوسطها إلى 80% من مياه الأمطار، كما هو الحال في معظم القارة الإفريقية. تصميم السد – حسب قول الحكومة الإثيوبية – سيرفع إنتاج الطاقة الكهرومائية في البلاد إلى 10 آلاف ميجاوات خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن المتوقع أن ينتج السد 5250 ميجاوات، يحجز خلفه 62 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعد تقريبًا ضعف بحيرة تانا. وطبقًا لتصريحات وزير الموارد المائية الإثيوبي فإن إرتفاع السد سوف يصل إلى 145 م، بسعة تخزينية 62 م3، ازدادت إلى 67 م3 في تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، لكن لا توجد أي دراسة علمية منشورة تؤكد هذين التصريحين حتى الآن. تكوين السد عبارةعن سد مزدوج، يتكون من قطعتين منفصلتين تمامًا، الأولي هي السد الرئيسي الذي يولد ستة آلاف ميجاوات من الكهرباء عن طريق 16 توربينًا فرنسي الصنع، ولا تزيد سعة بحيرته على 14.5 مليار متر مكعب من المياه مهما بلغ ارتفاعه. وهذه الكمية من المياه تكفي لتوليد الكهرباء المشار إليها دون نقصان. والجزء الثاني من السد هو السد الفرعي، وهو مبنى خرساني صخري منفصل تمامًا عن الجزء الأول، ويبلغ ارتفاعة 45 مترًا وطوله 4800 متر، ويقوم بإغلاق ممر جانبي لمياه البحيرة إذا ما زاد حجمها على 14.5 مليار متر مكعب عبر مسافة بين جبلين، وبما يضيف 60 مليار متر مكعب لسعة البحيرة، دون أي داعٍ ودون أن تضيف قدرات كهربية أو مياهًا للري؛ لخلو المنطقة الصخرية للسد من الأراضي الزراعية، كما لا توفر مياه شرب لسكان الجبال في إثيوبيا؛ لأنها تقع في أدني منسوب علي الحدود السودانية مباشرة، ولا يمكن رفعها لمسافة 700 كيلومتر مثلًا؛ حتى تصل إلى أديس أبابا العاصمة. وعلى ضوء ما سبق يعتبر هذا السد الفرعي عديم الفائدة وليس له أي فائدة إلا صفة عدوانية فقط، وهي قطع المياه عن مصر والسودان، وجعل كل نقطة مياه تنصرف إليهما بأمر وتحكم كامل من إثيوبيا، وهو ما يخالف القانون الدولي الذي ينص على عدم السماح لدول منابع الأنهار الدولية المشتركة بالتحكم في تصرفات النهر وتغيير طبيعة تدفق مياهه أو تغيير مواعيد وصولها إلى بلدان المصب، وهو ما يقوم به فعلًا هذا التصميم غير المقبول من سد ضخم يمكن أن يكون صغيرًا لتحقيق الغرض كاملًا من إنشائه. ويؤكد تصميم السد بشكله المعلن أن الغرض منه ليس أبدًا توليد الطاقة الكهرومائية، كما أن عدم دراسة المشروع بشكل دقيق وعدم وضوح الجانب الإثيوبي في مواصفات السد التقنية الحقيقية سيجعلان من عمر السد قصيرًا، لا يتراوح بيين 25 و50 عامًا؛ نتيجة الإطماء الشديد (420 ألف متر مكعب سنويًّا)، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجيًّا. مخاطر السد خطورة بناء سد الألفية تكمن في أن السعة التخزينية له تفوق 70 مليار متر مكعب، وهي نسبة خطيرة في منطقة قابلة للتعرض للزلازل والهزات الأرضية، بجانب تحكم إثيوبيا في مياه النيل الأزرق المغذية للسودان بنسبة 86% من حصتها المائية، فضلًا عن نقل المخزون المائي من أمام بحيرة ناصر إلى الهضبة الإثيوبية. وفي حال تعرض السد للتدمير أو القصف، ستمتد آثاره الكارثية إلى مصر والسودان، كما سيؤدى لإحداث خلل بيئي، بتحريك النشاط الزلزالي في المنطقة، نتيجة الوزن الهائل للمياه المثقلة بالطمي والمحتجزة أمام السد، وسيبلغ العجز المائي لمصر 94 مليار متر مكعب عام 2050، أي سيحرم مصر من مياه النيل كاملة لمدة عامين، حيث تبلغ حصة مصر من مياه النهر 55 مليار متر مكعب سنويًّا.