في هدوء تام وسط الأزمات والصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يبدأ الكيان الصهيوني في تنيفذ مخططه الاحتلالي بهدف تثبيت أركانه في المناطق العربية المحتلة، فبعد العملية الاستيطانية الواسعة في الأراضي الفلسطينية، يتخذ الكيان الصهيوني الآن خطوة نحو أرضًا عربية أخرى وهي الجولان السوري المحتل. قالت صحف صهيونية إنه من المتوقع أن يتضاعف الاستيطان اليهودي في هضبة الجولان خلال 5 سنوات، حسب مخطط بلدية "كتسرين" والمجلس الإقليمي لمستوطنات الجولان، الذين قالوا إن بإمكانهم بلوغ ضعف عدد المستوطنين في عام واحد، وأكدت بلدية مستوطنة "كتسرين والمجلس الإقليمي الصهيوني" أن الطلبات زادت بكثرة حتى قبل الإعلان عن مستوطنات الجولان كمناطق تستحق تخفيضات ضريبية. يتواجد اليوم في مستوطنة "كتسرين"، أكبر مستوطنات الجولان، 8 آلاف مستوطن، ومن المخطط أن يبلغ عددهم 20 ألفًا خلال عام 2020، وبحسب أقوال رئيس البلدية، ديمتري أفرتساف، جاءت زيادة الطلبات بعد التعنت الأممي والانحياز لصالح الكيان الصهيوني لعدم عودة هضبة الجولان إلى سوريا مرة أخرى، وأضاف" أفرتساف" أن الحكومة قررت توسيع الاستيطان في الجولان ومنحت بلدية "كتسرين" 65 مليون شيكل كميزانية للتوسع واستيعاب المزيد من اليهود الذين ينوون الإقامة في المستوطنة. يتضح من خلال هذه التقارير، أنّ التصريحات الإسرائيلية بخصوص عدم التدخل في الحرب السورية، كانت مجرّد ستار لتسريع وإطلاق مشاريع ومخططات بناء استيطاني مكثف في هضبة الجولان المحتلة، وتتم هذه العمليات تحت ستار النشاط الاعتيادي لمجلس سلطات المستوطنات في الجولان المحتل. تعمل سلطات المستوطنة، بدعم من الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، على تعزيز وتطوير مختلف الخدمات في مستوطنات الجولان، وفي مقدّمتها توفير فرص عمل وترشيد نظام التعليم ومؤسسات التعليم في هذه المستوطنات حتى تكون جاهزة لحملة تسويق 800 شقة سكنية جديدة في مطلع العام 2016، تمهيداً للعمل على إقامة وبناء وتأهيل 3800 شقة سكنية، علماً بأن عدد الشقق السكينة في مستوطنة كتسير حالياً هو نحو 2500 شقة فقط. وبحسب ما نقل موقع "واللا" الصهيوني عن مصادر في المستوطنة، فإنه يتم حالياً إنشاء اتحاد إقليمي لمستوطنات الجولان ومستوطنات الجليل الأعلى بهدف تطوير أماكن عمل ومجالات تعاون استراتيجي تساهم في تشجيع الاستيطان اليهودي في الجليل الأعلى والجولان، وفي تطوير الزراعة لتتحول إلى محرك نمو اقتصادي في المنطقة. سيتم بموجب هذه الخطط إقامة مراكز أبحاث لتطوير الزراعة وتطوير مجال "الزراعة الصحية" التي تُعنى بزراعة محاصيل تستخدم في صناعة الأدوية والتطبب يتم تسويقها وتصديرها لمختلف أنحاء العالم، وعلى ما يبدو، فإن هذا النشاط لدمج منتجات الجليل الأعلى والجولان في بوتقة واحدة، عبارة عن محاولة للالتفاف على القرار الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والجولان المحتلين، وعدم الاعتراف بالجولان جزءا من إسرائيل. يعتمد القرار الأوروبي على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 الصادر في عام 1981 رداً على سن حكومة الاحتلال في ديسمبر من العام نفسه قانوناً بفرض وتطبيق القانون الإسرائيلي في الجولان المحتل، وأثار القرار في حينه انتقادات دولية، ودفع الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجن إلى وقف مذكرة التفاهم الاستراتيجي الأمريكي – الإسرائيلي. وترتبط هذه المخططات الإسرائيلية بتصريحات تدعو علناً إلى وجوب الاعتراف الدولي والأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، كما قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال لقائه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض أوائل نوفمبرالماضي، وصدرت تصريحات مماثلة عن وزير التربية والتعليم، نفتالي بينت، والذي دعا إلى استغلال الظروف الدولية الراهنة لفرض السيادة الإسرائيلية على الجولان وعدم الاكتفاء بالوضع الحالي. سبق لسكرتير الحكومة الإسرائيلية السابق، تسفي هاوزر هو الآخر، أن نشر مقالة في صحيفة "هآرتس" تدعو إلى التحرك نحو تكريس السيادة الإسرائيلية في الجولان، والعمل على فرض حقائق على أرض الواقع تؤدي في نهاية المطاف إلى تسليم المجتمع الدولي بالوضع القائم.