- الجنوب يستعد بتوزيع البطاطين.. والشمال يصرف تعويضات للمهجرين يواجه أهالي سيناء الفقراء الشتاء بأطراف جمدها الصقيع، وأنامل مرتعشة وأنفاس متلاحقة بين الكفين لعلها تبعث فيهما بعضًا من الدفء المنشود، حيث لا يجدون الأموال لشراء تلك الكماليات في الحياة فهم يتحصلون على قوت يومهم بصعوبة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة. الأمطار والسيول بدأت مبكرا في سيناء، وبدأت الحكومة في مواجهة الأزمة بتوزيع البطاطين والأقمشة والتعويضات للمتضررين من السيول والمهجرين من منازلهم الذين يتنقلون في ترحال مستمر بحثًا عن الدفء والأمان لأسرهم. تنتشر في قرى شمال سيناء العشش والمنازل المسقوفة بألواح "الاسبستوس"، لإيواء الفقراء والمشردين من منازلهم، ومع تدفق الأمطار تخترق المياه أسقف تلك المنازل والعشش ويغرق أصحابها، بل وكثيرًا ما تقتلع الرياح العاتية أسقف تلك المنازل، ولم تتوصل الدولة لأي حل آخر لمساعدة هؤلاء البؤساء. ويقول علي سليمان، أحد سكان رفح، إنهم هجروا من منازلهم بسبب الإرهاب وكانوا يعيشون في منازل مسقوفة بألواح "الاسبستوس"، دائمًا ما كانت تتطاير بفعل قوة الرياح، بالإضافة للعشش المبنية من الحطب وجدران بعض المنازل التي تهدمت في العمليات المسلحة، وبعدها انتقلوا إلى عشش ليس لها أسقف على الإطلاق، متسائلًا كيف سنواجه الشتاء هذا العام الذي حذر منه خبراء الأرصاد؟ وتابع سليمان البالغ من العمر 50 عاما: الطقس في سيناء لا يتخيله أحد في الشتاء، فالرياح لا ترحم، كما تطاردنا وتحاصرنا مياه الأمطار التي تصل إلى درجة السيول، ولا يوجد من نذهب إليه سوى الله لينجينا من هذا الشتاء. ويقول سيد علاء من سكان الشيخ زويد: إنهم معتادون كل شتاء على تطاير أسقف بيوتهم بل ومن الممكن أن تقتلع الرياح المنازل بأكملها، ولكن ليس بإمكانهم أن يفعلوا شيئًا "فالعين بصيرة والإيد قصيرة". وأشارت أم كمال، من سكان العشش بإحدى قرى العريش، إلى أنه مع توقعات الخبراء بأن هذا العام أشد بردا من كل الأعوام الماضية، فهم لا يعلمون كيف يستعدون لذلك، فهي وسكان العشش المجاورة لا يملكون إلا 3 بطاطين، تمر عليهم بالتناوب، مضيفة "النوم عندنا بالوردية". يقول حسن سعيد، أحد أبناء جنوبسيناء، إن الفقراء من بدو سيناء يسكنون عشش إن هبت بعض الرياح البسيطة تعصف بها وتجعل قاطنيها في العراء لا يجدون مأوى لهم ولأولادهم من الشتاء القارس الذي يجتاح سيناء ومعظم محافظات مصر خلال الأيام القادمة، موجهًا خطابه للمسوولين قائلًا، أين أنتم من هذه الكوارث وكيف تستعدون لها؟. تعتبر "الأكواخ" في سيناء منازل الفقراء من البدو الذين لا يكلفهم بناؤها سوى القليل من الحطب وأغصان الشجر القوية، ولكن الأغنياء أيضًا لا يمكنهم الاستغناء عنها، حيث يقول محمود على، أحد بدو سيناء: على الرغم من امتلاكنا المنزل الأسمنتي الكبير الذي نعيش فيه، إلا أننا لا نشعر بالدفء إلا وجميع أفراد الأسرة مجتمعين حول موقد النار المشتعل في ليل الشتاء داخل الكوخ الذي صنعته مع أولادي داخل أسوار المنزل". ولا يختلف شكل "الكوخ" بالنسبة للفقراء عنه بالنسبة للأغنياء، حيث يسود التراث البدوي فتكاد تشترك قبائل البدو في جميع أرجاء شبه جزيرة سيناء في نفس التصميم. يتم بناء الكوخ على مساحة تتراوح بين 4 – 8 أمتار، ويتكون من أربعة قوائم رئيسية وأفقية من أعمدة خشبية قوية، وتتصل المسافات الفارغة فيما بينها بأعمدة أصغر يتم تغطيتها بطبقة من النايلون لمنع تسرب البرد والمطر منها، ثم تكسى بأهداب من الحطب الأخضر وأغصان الأشجار أو جريد النخل، وتترك فتحة عبارة عن باب للدخول من أحد جوانبه. ومع استقبال فصل الشتاء أعلن الدكتور أحمد بدوى رئيس شبكة الزلازل بالمعهد القومي للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية، أن المناطق التي يحتمل تعرضها لسيول شديدة هذا العام تشمل 14 محافظة حسب درجة الخطورة من الأكثر فالأقل: "شمال سيناء، جنوبسيناء، البحر الأحمر، أسوان، الأقصر، قنا، سوهاج، أسيوط، المنيا، بنى سيوف، الفيوم، السويس، الإسماعيلية، القاهرة".، وكما نرى تأتي محافظتي شمال وجنوبسيناء في المرتبة الأولى والثانية، ما ينذر بكارثة محتملة هذا العام مع توقعات بشتاء قاسي على جميع محافظات الجمهورية. وأشار رئيس شبكة الزلازل إلى وجود خطة قومية لدى مركز معلومات مجلس الوزراء لمواجهة السيول ومخراتها وكيفية الاستفادة منها، مشيرًا إلى أنه يعمل مستشارًا بقطاع إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية بمجلس الوزراء وهو قطاع منوط بإعداد خطط قومية لمواجهة الأزمات في مصر في كافة مجالات الكوارث الطبيعية. ومن جانبه قال اللواء محمود عيسى السكرتير العام لمحافظة جنوبسيناء: إن المحافظ اللواء خالد فودة تفقد مدينة سانت كاترين لمتابعة آثار السيول وخاصة منطقة وادي السعال التي تعرضت للسيول بسبب سوء الأحوال الجوية في الفترة السابقة، مشيرًا إلى أن المحافظ قام بتوزيع بطاطين وأقمشة وتعويضات للمتضررين من الأهالي.