أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 6 أكتوبر    مفاجأة في سعر الدولار أمام الجنيه اليوم في البنوك    بدعوى تسليح «حماس» و«حزب الله».. «بينيت» يدعو لاستهداف البرنامج النووي الإيراني    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»..هل الدعم «النقدي» أفضل من «العيني»؟.. عالية المهدي تجيب.. اتحاد الدواجن يكشف سبب ارتفاع أسعار البيض    عاجل.. إسرائيل تعلن الاستعداد لضرب إيران.. و«الخارجية الأمريكية»: لا ضمانات لاستثناء المنشآت النووية.. وقائد عسكري أمريكي يزور المنطقة    ارتفاع عدد قتلى إعصار «هيلين» في الولايات المتحدة إلى أكثر من 227 شخصًا    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    تبون يثني على العلاقات بين الجزائر وموسكو    عاجل.. كواليس اجتماع محمد رمضان «الأول» مع كولر بحضور الخطيب.. وماذا جرى في لقاء المدرب مع إمام عاشور    شوقي غريب يكشف لأول مرة سبب فشل مفاوضاته مع الإسماعيلي    مدرب مصر السابق: كنت أتمنى ضم نجم الزمالك للمنتخب    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    «Take My Breathe».. أفضل فيلم عربي طويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    برج الأسد.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: لا تكن أنانيا    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم وتحذيرات من الشبورة المائية على الطرق السريعة    ملك إسبانيا: الحرب في غزة جلبت دمارا لا يوصف ويجب أن تنتهي    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    السيطرة على حريق فيلا بالتجمع الأول    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خدع «السادات» إسرائيل؟    44 ألف سيارة.. الحكومة تعلن مفاجأة جديدة بشأن ذوي الهمم    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    شعبة الدواء تكشف عن سبب ظهور السوق السوداء    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الأحد 6 أكتوبر    عيار 21 يسجل 3600 جنيها.. مفاجأة بشأن ارتفاع أسعار الذهب    «مصر للطيران» تنقل 286 مصريًا عالقين في لبنان إلى أرض الوطن.. صور    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    «زي النهارده».. وفاة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد 6 أكتوبر 2012    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة وأبرزها مرموش ضد البايرن    رئيس " الحرية المصري": انتصارات أكتوبر ستظل علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية    من أسرة واحدة.. إصابة 6 أشخاص في حادث سيارة ببني سويف    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    أحمد عبدالحليم: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي و«الجماهير من حقها الفرحة»    «مرموش» يقود آينتراخت أمام البايرن للانفراد بالصدارة    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    «المضل» في بني سويف تضم «مزامير» داود وكنوزًا زاخرة    وائل جسار: عايشين حالة رعب وخوف في لبنان.. ودعم مصر مش جديد علينا    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    « عز يرتفع والاستثماري يتراجع».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مقاومة الاستبداد ونقد الحكام
نشر في البديل يوم 15 - 11 - 2015


تمهيد
اخترت أن أعود للكتابة لصحيفة "البديل" بعدة موضوعات تتصل بالتأسيس لموضوع الاستبداد والطغيان ومعارضته، وهو عندي موضوع الساعة عند المهتمين بالشأن العام في مصر، ولكن من دون الدخول في خصوصية الوضع المصري حاليا. وستتعرض موضوعات تالية للأوضاع في مصر بصورة مباشرة وتنتهي باقتراح لميثاق لنصرة الثورة الشعبية العظيمة التي شهدنا موجتها الأولى في 25 يناير 2011، والعمل على نيل غاياتها في الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية للجميع على أرض مصر.
(1) طبائع الاستبداد للعلامة الكواكبي
لا أملّ من العودة لكتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" للعلامة الجهبذ عبد الرحمن الكواكبي، كلما خطر لي خاطر عن تجليات الحكم التسلطي في مصر أو الوطن العربي، على الرغم من مرور قرابة مائة عام على صدوره.
وقدلا يعلم القارئ أن الكواكبي، العروبي الإسلامي سوري المولد، قد أصدر عمله الفكري القيّم أولا في مصر كمقالات متفرقة بالصحف في عهد الخديوي عباس حلمي، ثم جمعها ونقحها وأصدرها في كتاب طبع بمطبعة الجمالية بحارة الروم، تحت الإسم المستعار"الرحالة ك".
وطابع الأعمال التاريخية القيمة، فعلى الرغم من مرور كل ذلك الوقت فما زال مضمون الكتاب معاصرا. وهو دليل وافٍ على عظمة المحتوى والمؤلف في آن.
وأورد فيما يلي مقتطفات من هذا الكتاب القيّم، بلغته الأصلية والتي قد يبدو بعضها مستغربا اليوم، ومن دون أي تدخل مني إلا بالانتقاء ووضع المقتطفات في قالب المقال، وإبراز بعض العبارات التي وجدتها مهمة بوجه خاص في أحوال مصر وباقي البلدان العربية، وكلها توجب على الناس مقاومة الاستبداد والطغيان. وأكاد اقرأ في المختارات التالية من النص العظيم توصيفا دقيقا لحال مصر تحت الحكم العسكري الراهن، وعلاجا شافيا للغُمة الحالة بأهل مصر من جرائه.
ويطيب لي بداية، أن أبدي الإعجاب بعنوان كتاب الكواكبي البليغ الذي جمع بين مساوئ الاستبداد وسبل مقاومته. ثم بالعنوان الفرعي للعمل: "وهي كلمات حق وصيحة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، لقد تذهب غدا بالأوتاد." في تأكيد على أهمية العمل الفكري، حتى وإن بدا قليل الجدوي في القريب العاجل.
عن هذا التضاد الفصيح في عنوان العمل ومضمونه، الطبائع والمصارع، يخبرنا الكواكبي في بدايات النص.
يقول المادي: الداء القوة والدواء المقاومة؛ ويقول السياسي: الداء استعباد البرية والدواء استرداد الحرية؛ ويقول الحكيم: الداء القدرة على الاعتساف والدواء الاقتدار على الاستنصاف. ويقول الحقوقي: الداء تغليب السلطة على الشريعة والدواء تغليب الشريعة على السلطة. ويقول الرباني: الداء مشاركة الله في الجبروت والدواء توحيد الله حقا.
هذه أقوال أهل النظر. وأما أهل العزائم – فيقول الأبيّ: الداء مد الرقاب للسلاسل والدواء الشموخ عن الذل؛ ويقول الشهم: الداء التعالي على الناس باطلا والدواء تذليل المتكبرين؛ ويقول المتين: الداء وجود الرؤساء بلا زمام والدواء ربطهم بالقيود الثقال. ويقول المفادي: الداء حب الحياة والدواء حب الموت.
ماهو الاستبداد؟ الاستبداد لغة هو اقتصار المرء على رأي نفسه فيما تنبغي الاستشارة فيه، أي في الشأن العام لعموم الناس. الاستبداد صفة للحكومة مطلقة العنان التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين.
وصفة الاستبداد كما تشمل حكومة الحاكم الفرد المطلق الذي تولى الحكم بالغلبة أو الوراثة، تشمل أيضا الحاكم الفرد المقيّد الوارث او المنتخب متى كان غير محاسب. وكذلك تشمل حكومة الجمع ولو منتخبا لأن الاشتراك في الرأي لا يدفع الاستبداد وإنما قد يعدله نوعا وقد يكون أحكم وأضر من استبداد الفرد. ويشمل ايضا الحكومة الدستورية المفرّقة فيها قوة التشريع عن قوة التنفيذ لأن ذلك أيضا لا يرفع الاستبداد ولا يخففه ما لم يكن المنفذون مسئولين لدى المشرعين وهؤلاء مسئولون لدى الأمة التي تعرف أن تراقب وأن تتقاضى الحساب.
وخلاصة ما تقدم أن الحكومة من أي نوع كانت لا تخرج عن وصف الاستبداد ما لم تكن تحت المراقبة الشديدة والمحاسبة التي لا تسامح فيها.
ومن الأمور المقررة أنه ما من حكومة عادلة تأمن المسئولية والمؤاخذة بسبب من أسباب غفلة الأمة أو إغفالها لها إلا وتسارع إلى التلبس بصفة الاستبداد ويعد ان تتنمكن فيه لا تتركه وفي خدمتها شيء من القوتين الهائلتين المهولتين: جهالة الأمة والجنود المنظمة.
ويشيد الكواكبي بالحكم الديمقراطي في انجلترا حينئذ بسبب يقظة الإنجليز الذين لا يسكرهم انتصار ولا يخملهم انكسار، ثم يسارع إلى التحذير من أن هذه حضرة الملكة فيكنوريا لو تسنى لها الاستبداد الآن لغنمته ولو لأجل عشرة أيام من بقية عمرها. ولكن هيهات أن تظفر بغرة من قومها تستلم فيها زمام الجيش.
ويخبرنا الكواكبي عن سمات المستبدين.
المستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإراداتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته.
المستبد عدو الحق عدو الحرية وقاتلهما، والحق ابو البشر والحرية امهم، والعوام صبية ايتام لا يعلمون شيئا والعلماء هم اخوتهم الراشدون إن ايقظوهم هبوا وإن دعوهم لبوا.
المستبد يتجاوز الحد لأنه لا يرى حاجزا. فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما اقدم على الظلم، وكما قيل الاستعداد للحرب يمنع الحرب.
والمستبد يريد ان تكون رعيته كالغنم دَرّا وطاعة وكالكلاب تذللا وتملقا. وعلى الرعية أن تكون كالخيل إن خُدمت خدَمت وإن ضُربت شرست. بل عليها أن تعرف مقامها: هل خلقت خادمة للمستبد أم هي جاءت به ليخدمها فاستخدمها؟
ولو كان الاستبداد رجلا واراد أن يحتسب وينتسب لقال أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر وخالي الذل وابني الفقر وبنتي البطالة ووطني الخراب وعشيرتي الجهالة.
إن الاستبداد والعلم ضدان متغالبان، فكل إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم وحصر الرعية في حالك الجهل. وكذلك بعض العلماء الذين ينبتون في مضايق صخور الاستبداد يسعون جهدهم في تنوير أفكار الناس. والغالب أن رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم وينكلون بهم. فالسعيد منهم من يتمكن من مهاجرة دياره، وهذا سب ان كل الأنبياء العظام عليهم الصلاة والسلام وأكثر العلماء الأعلام والأدباء النبلاء تقلبوا في البلاد وماتوا غرباء.
وبعد توصيف ظاهرة الاستبداد وتشريحها، يوجه الكواكبي لقومه النداء التالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.