انتخابات جديدة تنطلق في اليونان، تلك الدولة المثقلة بالديون، والتي تعتبر الانتخابات الثانية منذ بدايه هذا العام بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التي شهدتها البلاد في يناير الماضي، والثالثة مع احتساب الاقتراع على خطة جديدة للإنقاذ والتقشف من الاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي، انتخابات اليونان تحظى بمتابعة وثيقة من الخارج خاص من دول منطقة اليورو، التي من شأنها أن تقدم خطة إنقاذ لليونان بقيمة 86 مليار يورو. انطلقت في اليونان صباح اليوم الأحد، الانتخابات التشريعية المبكرة، ويأتي تنظيم الانتخابات المبكرة في اليونان بعد استقالة رئيس الوزراء وزعيم حزب "سيريزا" اليساري، "ألكسيس تسيبراس" في 20 أغسطس الماضي، بعد خسارة حزبه الغالبية النيابية عند تصويت النواب على ثالث خطة مساعدة للبلاد في غضون 5 سنوات، حيث أن جميع نواب "سيريزا" الأكثر ميلا إلى اليسار صوتوا ضد خطة الانقاذ الجديدة بقيمة 86 مليار يورو في أغسطس بسبب الشروط الصارمة المرفقة بها. منافسة محتدمة بين "تسيبراس" الذي يسعى إلى إعادة انتخابه بعد شهر من استقالته من منصبه كرئيس للوزراء، ومنافسه زعيم حزب الديمقراطية الجديدة، ورئيس سابق للبرلمان "فانغليس ميماراكيس" اليميني، الذي يتهم "تسيبراس" بالعجز في التعامل مع الدائنين الدوليين الذين كانوا يحاولون تقديم حزمة انقاد للدولة المُدانه، فيما يستبعد حزب "سيريزا" الدخول في أي تسوية مع حزب الديمقراطية الجديدة الذي يعتبره مسئولًا عن مشاكل اليونان الاقتصادية، كما تحتدم المنافسة على المركز الثالث بين حزب "باسوك الاشتراكي" وحزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف. في ذات السياق أكد رئيس الوزراء اليوناني المستقيل "ألكسيس تسيبراس"، أنه واثق من فوزه في الانتخابات التشريعية، وأضاف أن "سيريزا هو بالتأكيد الحزب السياسي الأول في بلدنا، واعتقد أن الغالبية المطلقة هدف يمكن تحقيقه"، فيما دعا منافسه زعيم حزب الديمقراطية الجديدة "فنغليس ميماراكيس"، "تسيبراس" للتعاون عقب الانتخابات في إطار حكومة ائتلافية، وبالرغم من هذه الدعوة انتقد "ميماراكيس" سياسات حزب "سيريزا"، وقال إنها فاقمت الوضع الاقتصادي. حزب "سيريزا" حقق فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية السابقة بحصوله على 36.3% من الأصوات مقابل 27.8% لليمين، وذلك من خلال إطلاق وعودًا "بإنهاء التقشف"، لكن تراجعت شعبيته بشدة، بعدما وافق على اتفاقية إنقاذ مالي مع زعماء الاتحاد الأوروبي، والتي تقضي بتنفيذ إجراءات تقشف صارمة كان حزب "سيريزا" تعهد في السابق بمعارضتها، وجاءت موافقة "تسيبراس" على الاتفاقية بعد فترة وجيزة من استفتاء رفض فيه أكثر من 60 % من اليونانيين إجراءات التقشف التي طلب الدائنون تطبيقها، وحينها حاول "تسيبراس" الدفاع عن قراره بالموافقه على الاتفاقية مبررًا ذلك بأن اليونان كانت ستفقد على الأرجح عضويتها في منطقة اليورو إذا رفضت الاتفاقية تشير نتائج آخر 4 استطلاعات للرأي أجريت الجمعة الماضية بشأن فوز أحد المنافسين في الانتخابات، إلى أن حزب "سيريزا" بقيادة "تسيبراس" سوف يفوز بتقدم بين 0.7 و3 نقاط، غير أن خسارة "تسيبراس" أمام "ميماراكيس" لن تكون مفاجئة، لكن من غير المتوقع أيضًا أن يحصل أي حزب على نسبة 38%، وهي النسبة المطلوبة لتحقيق أغلبية برلمانية واضحة في البرلمان المؤلف من 300 مقعد، ليصبح في حكم المؤكد تقريبًا أن الحكومة المقبلة ستكون ائتلافية. قضية اللاجئين لم تكن بعيدة عن المشهد، حيث أكد مراقبون أن هذه القضية ستؤثر بالضرورة على نتيجة الانتخابات، خاصة بعد عودة الخلافات بين المتعاطفين مع اللاجئين وأولئك المتخوفين من فتح باب الهجرة على مصراعيه، فمع قدوم مئات اللاجئين يوميًا إلى جزيرة "كوس" التي تبعد مسافة نصف ساعة عن السواحل التركية، راحت بعض الجهات المحلية تعرب عن قلقها إزاء موضوع الصحة العامة، حيث لا مرافق صحية لهؤلاء، كما أعرب العاملون في المجال السياحي عن تخوفهم من تأثير قدوم اللاجئين على الموسم السياحي في الجزيرة، لكن في النهاية اجتمعت جميع الجهات في الجزيرة على أنه لابد من تقديم المساعدة العملية للاجئين، بسبب الأحوال الصعبة التي يمرون بها وكي لا يتعرضوا للمزيد من المآسي في جزيرتهم. لا شك أن الانتخابات اليونانية تحظى باهتمام شعبي كبير، لكنها في الوقت نفسه تحظى بمتابعة أوروبية وثيقة، لأن الفائز سيحتاج إلى الإشراف على إصلاحات اقتصادية كبيرة وجذرية مطلوبة من أجل خطة الإنقاذ المقدرة ب 86 مليار يورو، وسيتعين على الحكومة الجديدة الترتيب لإعادة رسملة البنوك في اليونان، وإنهاء السيطرة على رأس المال التي فرضت في يونيو لمنع انهيار النظام المالي.