منحت قضية اللاجئين السوريين مؤيدي تيارات اليمين الإسرائيلي الفرصة، لشن هجوم ضد يتسحاق هرتسوغ، زعيم كتلة "المعسكر الصهيوني" المعارضة، الذي أبدى مؤخرا تأييده لاستيعاب أعداد منهم داخل إسرائيل، معتبرين أن موقف "هرتسوغ" من تلك الأزمة "يثبت أن منح أصواتهم لبنيامين نتنياهو، كان الاختيار الصحيح"، على خلاف مؤيدي اليسار الذين تفاعلوا مع دعوة هرتسوغ بشكل إيجابي. وفي هذا السياق، قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إن إسرائيل لن تقبل باستقبال أي لاجئ سوري على أراضيها، ولكنها في نفس الوقت تقوم بطرد الفلسطينيين، لاستكمال إنشاء الدولة اليهودية، ويضيف الموقع أن اللاجئين السوريين يشقون طريقهم إلى أوروبا، رغم استضافة البلدان المجاورة لسوريا، لعدد كبير من اللاجئين، موضحة أن سوريا لديها خمسة جيران، تركيا، لبنان، الأردن، العراق، إسرائيل، ووفقا للأرقام الأخيرة، تستضيف تركيا حاليا 1.8 مليون لاجئ، ولبنان ما يزيد عن 117 ألف، والأردن 630 ألف، والعراق 250 ألف. ويشير الموقع إلى أن إسرائيل لم تستقبل لاجئ سوري واحد، بالإضافة إلى أن يوم 6 سبتمبر، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" فكرة قبول اللاجئين، وقال:" إسرائيل دولة صغيرة جدا، وليس لديها أي عمق جغرافي أو ديموغرافي"، ويوضح الموقع أن قبيل تصريحات "نتنياهو" بيوم واحد، أعرب وزير المالية السابق "يائير لابيد" عن مشاعره المماثلة، وقال:" لا نستطيع التدخل في أزمة اللاجئين"، وأضاف:" يمكنها فتح الباب الخلفي لمناقشة مسألة حق العودة للفلسطينيين". ويلفت الموقع الكندي إلى أن كبار المسؤولين الفلسطينيين يحثون إسرائيل على السماح للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، الوصول إلى الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة، وذكر الموقع أن نحو 300 فلسطيني قتلوا منذ بدأ الأزمة السورية في عام 2011، ونحو 80 ألف من بين 560 ألف لاجء فلسطينيبسوريا، فروا منها، وفي مخيم اليرموك، موطن نحو 200 ألف فلسطيني، لم يعد به الآن سوى 8 الآلاف مدني، فقد أصبح مدمرا بالكامل، يفتقر للموارد الغذائية والأطباء، وينتشر به مرض التيفود. ويشير الموقع إلى أن "حنان عشراوي" العضو في منظمة التحرير الفلسطينية كررت الدعوة التي وجهها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" للمجتمع الدولي وخاصة الأممالمتحدة، لدعم الجهود الخاصة بإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين، ويقول الموقع إن تصريحات "نتنياهو" أثارت غضب بعض الاسرائيليين، مثل رئيس حزب العمل " يستخاق هرتسوغ"، والذي تحدث إلى القناة العاشرة الإسرائيلية، قائلا:" يتعين على إسرائيل استقبال لاجئين من الحرب"، وأضاف:" لا يمكن لليهود عدم الاكتراث حين يبحث مئات الآلاف من اللاجئين عن ملاذ آمن". وفتحت تلك القضية الباب أمام تفاعلات كبيرة للغاية على شبكات التواصل الاجتماعي، وشن نشطاء اليمين هجوما ضد "هيرتسوغ" وضد استيعاب اللاجئين السورين في إسرائيل. ونقلت وسائل إعلام عبرية العديد من التعليقات التي كتبها النشطاء، والتي ركزت على حالة الفقر التي تعاني منها قطاعات كبيرة في إسرائيل، فضلا عن تركيزهم على عشرات المشاكل التي تعاني منها إسرائيل والتي تحول دون فتح حدودها أمام اللاجئين السوريين. وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن غالبية النشطاء اعتبروا أن موقف هيرتسوغ يدل أن "عدم نجاحه في انتخابات الأخيرة جنب إسرائيل مشاكل عدة، وأنه من حسن حظها أن يقبع في جناح المعارضة وليس على رأس الحكومة"، مضيفة أن "المئات أبدوا إعجابهم بالتعليق الذي يقول إن مواقف هيرتسوغ أبعدته عن رئاسة الحكومة 30 عاما قادمة". وبحسب صحيفة (معاريف) الصهيونية، فقد وجد النشطاء في قضية اللاجئين السوريين ومواقف زعيم تيار المعارضة الفرصة لمهاجمته، ومنح نتنياهو الفرصة لتحفيز مؤيديه، وإحداث حراك بينهم، يعيد الثقة لحكومته التي تعاني الكثير من المشاكل، ومع ذلك، لم يقتصر الأمر على معارضي استيعاب اللاجئين السوريين، فقد دشن نشطاء اليسار حملات على شبكات التواصل الإجتماعي تؤيد مواقف هيرتسوغ، وتطالب باستيعاب اللاجئين السوريين. وظهرت الكثير من التعليقات الداعمة لمواقف هيرتسوغ، تعليقا على تغريدة كتبها على موقع (تويتر) بشأن ضروة استخلاص دروس معاناة اليهود وعدم تجاهل معاناة اللاجئين السوريين، ولكن هناك بعض التعليقات التي تحفظت على الموقفين، واستبعدت على سبيل المثال أن يكون الدروز قد تعرضوا لمذابح كما تصور وسائل الإعلام، وكتب أحد المعلقين، أن "الدروز هم الطائفة الأقل تضررا من الحرب الأهلية في سوريا"، وكتب آخر أنهم "يفرون إلى الأردن ويفضلونها مقارنة بإسرائيل". وانضم أعضاء في الكنيست الإسرائيلي إلى تلك التفاعلات، حيث كتب عضو الكنيست يوئيل حاسون (المعسكر الصهيوني) تغريدة، جاء فيها أن "المخاطر الديمغرافية الحقيقة لا تتعلق باللاجئين، مثلما يزعم حزب الليكود، ولكنها تتعلق بملايين الفلسطينيين الذين يشكلون جزء من الدولة ثنائية القومية التي ستظهر على أرض الواقع نتيجة سياسات الليكود". وكتب عضو الكنيست يسرائيل كاتس (الليكود) في تدوينه على الفايس بوك، أن "سياسات الحكومة الإسرائيلية هي السياسات الأمثل، وأن إسرائيل توفر الرعاية الطبية لأكثر من ألف مصاب سوري، ولكن يحظر عليها أن تتدخل فيما يدور في سوريا". وكان عضو الكنيست إليعازر شتيرن (هناك مستقبل) أول من طالب، الخميس الماضي، بفتح الحدود الإسرائيلية أمام اللاجئين السوريين، واستيعاب أعداد محدودة منهم، مثلما فعل مناحم بيجين قبل عقود، حين طالب باستيعاب لاجئي فيتنام، وأيده عضو الكنيست العربي عيساوي فريج (القائمة المشتركة)، وقال إنه "آن الأوان لفتح الأبواب أمام لاجئي سوريا، وأن كيلومترات معدودة من الحدود الشمالية الإسرائيلية تشهد أعمال إبادة جماعية".