بعدما بات مألوفا اقتحام اليهود المتطرفين المسجد الأقصى المبارك، تجاوزت سلطات الاحتلال هذه المرة إلى خطوات أكثر تصعيدا فاستخدم جنوده الغاز المسيل والمطاطي على المصلين المعتكفين، بعد رفضهم إخلاء المسجد للمستوطنين والمتطرفين اليهود الذين قدموا للصلاة في ساحته بمناسبة عيد ما يعرف ب«السنة العبرية»، الأمر الذي أسفر عن تحويل ساحات المسجد إلى معركة حرب، مما يعد إمعانا في إهانة العرب والمسلمين. وتعد هذه الحادثة تكرارًا لانتهاكات الاحتلال المستمرة بحق المسجد الأقصى بعد سلسلة من الاقتحامات والاعتقالات التي أقدمت عليها سلطات الكيان الصهيوني في الفترة الأخيرة، حيث أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح إثر إطلاق قوات الأمن الصهيونية الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية على المصلين. وفي تفاصيل الحادث بحسب ما تداولته الصحافة الفلسطينية، إن قوات الشرطة الإسرائيلية اقتحمت باحة المسجد بعد انتهاء صلاة الفجر بدقائق بأعداد كبيرة لإخلائه من المعتكفين فيه لتأمين دخول المستوطنين قبل ساعات من بدء الاحتفال بمناسبة ما يسمى ب "عيد رأس السنة العبرية"، مما أدى إلى اندلاع مواجهات داخل باحات المسجد وصلت حتى المصلى القبلي الذي أمطرته القوات الإسرائيلية بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف المصلين. ونقلت وسائل إعلام محلية أن القوات الإسرائيلية أغلقت أبواب المسجد الأقصى بالسلاسل والأعمدة الحديدية، كما اعتلت سطح المسجد القبلي، وقامت برش غاز الفلفل السام من خلال نوافذ المسجد بعد تحطيمها، وفرضت حصارا كاملا على المسجد. وقال مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني إن القوات الإسرائيلية حاصرت 50 مواطنا في المصلى وأمطرته بقنابل الغاز والرصاص المطاطي، ما أدى لإصابة عدد من المتواجدين فيه، واحتراق جزء من سجاده، واشتعال النيران في القصور الأموية الملاصقة له، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر في باحات الأقصى، بينهم طلاب في المدارس الشرعية. وكان عشرات من الشبان الفلسطينيين قضوا ليلتهم في المسجد منذ مساء أمس ردا على دعوات منظمات يهودية للدخول بشكل جماعي للأقصى، للاحتفال بما يسمى رأس السنة العبرية، معلنة أنها نسقت مع الشرطة من أجل ذلك، كما شارك وزير الزراعة الصهيوني أوري أرئيل، المستوطنين في الدخول إلى المسجد الأقصى. ووصف الشيخ "كمال الخطيب" نائب رئيس الحركة الإسلامية ما جرى في المسجد الأقصى ب"المجزرة". وقال الخطيب "اقتحم عشرات الجنود وأفراد الشرطة الإسرائيلية، ساحات المسجد الأقصى صباح اليوم، وشرعوا في تحطيم نوافذ المسجد القبلي، وإطلاق النار على المصلين داخله". وأضاف الخطيب المتواجد على بوابات الأقصى "تأكد لدينا إصابة العشرات في الأقصى، حتى الساعة، كما تم الاعتداء بالضرب على حراس المسجد، ومديره الشيخ عمر الكسواني"، وتابع نائب الحركة الإسلامية "أناشد الأمة التحرك الفوري، لنصرة الأقصى، كما أناشد الدول الإسلامية والعربية أخذ موقف جدي لوقف الإجرام الصهيوني في الأقصى". ووجه الخطيب رسالة إلى الحجاج في المملكة العربية السعودية قائلًا "أوجه رسالة إلى حجاج البيت الحرام، شقيق مسجدكم الذي تحجون فيه، ينزف دمًا، ومحرابه مصاب برصاص الاحتلال، أبلغوا الأرض من حيث أنتم، أن الأقصى في خطر، وأن الرجال والنساء فيه، الآن تحرقهم دولة الاحتلال، في ظل صمت لم يسبق له مثيل من الأمة". ويرجع محللون اقتحام الكيان الصهيوني لمسجد الأقصى بصورة متكررة لعدة أسباب أولها التقسيم حيث ينتهج الكيان الصهيوني سياسة ممنهجة تجاه القدس، والمسجد الأقصى، فمنذ سنوات قليلة تطورت السياسة الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى، فتبنى الاحتلال فكرة التقسيم الزمني داخل المسجد، حيث تقتحمه خلالها من آن لآخر ومنع المصلين الفلسطينيين المسلمين من أداء شعائرهم، وإقامة شعائر يهودية لفرض واقع التقسيم. السبب الآخر وراء اقتحام الاحتلال المسجد الأقصى يرجع إلى سياسة صهيونية جديدة لجعل التواجد الأمني المكثف في القدس والمسجد الأقصى لقوات الاحتلال أمر معتاد وطبيعي عند الفلسطينيين، وذلك في إطار خطة التهويد الإسرائيلية، كما أن هناك سببًا يتعلق بتهويد القدس، في ظل انشغال العالم العربي والمجتمع الدولي بالمشاكل الداخلية والصراعات الخارجية، كما أن الصمت العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية ومسجد الأقصى أعطى إسرائيل الجرأه في استباحة المسجد واعتباره ملكاً لهم ليقيموا فيه شعائرهم.