كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن تجدد الخلافات مرة أخرى بين مصر وإثيوبيا في ما يخص ملف سد النهضة، فبعد التوقيع على إعلان المبادئ بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا مارس الماضي، يرى محللون أن أديس أبابا تماطل في المفاوضات من أجل كسب مزيد من الوقت لفرض واقع الانتهاء من بناء السد على الإدارة المصرية، الأمر الذي يضعف من قوة المفاوض المصري ويكسب نظيره الإثيوبي الثقة وفرض شروطه. مشهد ربما نراه مرتبكًا وضبابيًا في كثير من الأحيان خاصة في الفترة الأخيرة الماضية، ففي الوقت الذي خرج علينا رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب ليتحدث عن أنه لا خوف من بناء سد النهضة على مصر، تشير أغلب التقارير التي تستند إلى آراء خبراء لهم باع في هذا المجال إلى تزايد المخاوف جراء بعض الأمور الفنية التي تخص عمل المكاتب الاستشارية الخاصة بدراسة الآثار السلبية من بناء السد على دول المصب، وذهب بعض الخبراء إلى أبعد من ذلك بأن هناك تلاعب إثيوبي من أجل إعطاء المكتب الفرنسي الصفة الرئيسية لإصدار كافة الدارسات الخاصة بآثار السد، الأمر الذي آثار شكوك حول التمسك والتعنت الإثيوبي، وبالتالي هناك تخوفات من أن تعمل الشركة الفرنسية لصالح إثيوبيا. وفي التفاصيل تمثلت الخلافات في أن إثيوبيا ترى أن المكتب الفرنسي هو المكتب الرئيسي، وأن المكتب الهولندي مكتب فرعي، ومن ثم عليه أن يتقدم في نقاط إلى المكتب الاستشاري الفرنسي الرئيسي، ولكن مصر رفضت هذا العرض، ورأت أن كلا المكتبين مستقل بذاته، وأن يكون العرض على المكتبين في كل النقاط بحيث توجه الأسئلة إلى المكتبين في نفس الوقت، ويجيب كل من المكتبين عليها خلال 11 شهرًا، كما رفضت إثيوبيا مبدأ أن يكون هناك شخصية اعتبارية للمكتب الهولندي، إلا أن مصر تمسكت بأن يكون للمكتب الشخصية الاعتبارية. وفي نهاية المفاوضات التي عقدت بالسودان تم التوافق على خارطة طريق وهى أن المكتب الفرنسي له نسبة 70% والمكتب الهولندي 30%، ونفس الوقت كل الأسئلة موجهة للمكتبين بنفس الدرجة، لأنه عندما يكون هناك رأيان في الإجابة على نفس الأسئلة تستطيع أن تستبين أيهما أدق، ويمكن أن نأخذ بتوصياته عند عرض التقرير النهائي ولكن إثيوبيا كانت تريد أن يكون الرأى واحدًا. وكان من المفترض أن تبدأ الدراسات في أغسطس 2014، وتنتهي مارس الماضي، وهو ما يعني أن هناك ما يقرب من عام تأخير في بداية الدراسات الفنية، ومن المقرر أن تتلقى الدول الثلاث العروض المحدثة من المكتبين الاستشاريين الفرنسي والهولندي، يوم 12 أغسطس القادم، واتفقت الدول الثلاث على خارطة طريق تحدد طريقة العمل خلال الفترة القادمة، على رأسها عقد الجولة الثامنة من المفاوضات خلال الفترة 20-21 أغسطس 2015 بأديس أبابا تمهيداً لتوقيع علي العقود مع المكتب. ويرى أغلب خبراء السدود أن ما يجري الآن هو نوع من أنواع التعتيم، بشأن ما يحدث من مواجهة مصرية إثيوبية خاصة بسد النهضة، وعليه فإن التسليم بما تفعله إثيوبيا من محاولات فرض الأمر الواقع وتأسيس قواعد جديدة بين دول حوض النيل من شأنه إلحاق أضرارًا جسيمة على مستقبل مصر المائي، مؤكدين أن الخطأ الأكبر هو تسليم مصر بهذه القواعد. أعربت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية سابقا، عن قلقها بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي، مؤكدة أن إثيوبيا أنجزت 50% من إنشاءات السد ما يمثل إشكالية كبرى مع استمرار المفاوضات، وقالت «عمر»، إن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أكد أنه لا قلق من سد النهضة، وهو لديه من المعلومات ما تجعل كلماته مصدر ثقة، إلا أنها أشارت إلى تخوفها من مماطلة إثيوبيا عقب انتهاء الدراسات الخاصة بالسد والمقرر مدتها ب11 شهرًا، مطالبة بتنفيذ بنود اتفاقية إعلان المبادئ التي وقعها رؤساء الدول الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) في الخرطوم. من جانب آخر لم يبدِ المفاوض السوداني أي اعتراض على المطالب المصرية أو الإثيوبية، وبدا ظاهرًا وكأنه على حياد بين الطرفين على الرغم من أنه تقع عليه نفس الأضرار، الناتجة عن إنشاء سد النهضة بالسعة التخزينية المعلن عنها من الجانب الإثيوبي وهي 74 مليار متر مكعب ، إلا أنه قد تكون التقارير التي تداولتها الصحافة السودانية في الفترة الأخيرة توضح بما لا يدع مجالًا للشك الاستفادة السودانية من إنشاء هذا السد، حيث وقعت السودان وأثيوبيا عقد الأعمال الاستشارية لخط الربط الكهربائي على مستوى 500 كيلو فولت والذي يمكن السودان من الاستفادة من الكهرباء المنتجة من سد النهضة، وطبقا لوكالة السودان للأنباء فان مدير الشركة السودانية لنقل الكهرباء وقع مع نظيره الأثيوبي عقد الأعمال الاستشارية للربط الكهربائي بين البلدين مما يمكن السودان التي تبلغ عجز الكهرباء 40% فيها من احتياجات الدولة، من الاستفادة من كهرباء سد النهضة واختارا شركة ايطالية للقيام بالأعمال الاستشارية للخط.