الحماقي: تزايد الدين العام يعني "تكتيف" الاقتصاد شلبي: الموازنة العامة بحاجة لإعادة نظر أعلنت وزارة المالية في منشور موازنتها للعام المالي 2015/2016، عن استهدافها خفض معدلات الدين العام بين 91 حتي 90% من الناتج المحلي الإجمالي، ويستمر في الانخفاض ليصل إلي ما بين 80 حتي 85% من نفس الناتج في العام المالي 2018/2019، في الوقت الذي زاد فيه إجمالي الدين إلي أكثر من 2.1 تريليون جنيه، خلال النصف الأول من العام المالي الماضي؛ نظرا لتوسع الحكومة في إصدار سندات وأذون الخزانة، الأمر الذي يجعلها غير قادرة علي الوفاء بالتزامتها ويتسبب في ترك إرث هائل من الديون للأجيال المقبلة، مع تحمل الفئات الحالية وتحديدا من الفقراء ومتوسطي الدخل تلك الأعباء في ظل ارتفاع الدين المستمر. خبراء الاقتصاد أكدوا أن ارتفاع مؤشرات الدين العام أصبحت مقلقة، الأمر الذى ينم عن عدم وجود خطة أو ملامح حكومية للسيطرة عليه سوي تصريحات إعلامية ففقط، موضحين أن الفقراء وحدهم من يتحملون تكاليف تلك الديون. قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إن الحكومة لم تعلن حتي الآن عن آلياتها في خفض الدين العام، مستنكرة وصول فوائد الديون بالموازنة العامة للعام المالي 2015/2016 الجاري بنحو 200 مليار جنيه وبما يساوي ثلث الموازنة. وأضافت "الحماقي" أن تلك المؤشرات تؤكد أن الوضع الاقتصادي خطير وحرج، خصوصا أن ارتفاع فاتورة الدين العام تعني استمرار عمليات "تكتيف" الاقتصاد القومي وتراجع التنمية، متابعة أن الحكومة لم تستطع تحصيل المستحقات الضريبية كاملة خلال السنة المالية الماضية، كما أنها لن تقدر علي خفض عجز الموازنة كما صرحت نظرا لارتفاع النفقات العامة. وانتقدت "الحماقي" التصريحات الحكومية المتكررة بخفض الدين العام وعجز الموازنة، واصفة إياها ب"مباراة" لا تنتهي، لافتة إلى أن الحكومة لم تقدم أي شيء لتحقيق الانضباط المالي والاقتصادي كما زعمت، مضيفة أن ما تشهده مصر من تراجع اقتصادي سببه مراحل ما قبل ثورة 25 يناير التي كانت متوقعة. وأوضحت أستاذ الاقتصاد والضرائب أن تكلفة ارتفاع الأسعار والتضخم، سيتحملها في النهاية محدودو ومتوسطو الدخل، وأن الحل يتمثل في زيادة الإيرادات وخفض النفقات للسيطرة علي العجز. وأشارت "الحماقي" إلى أن وزارة المالية أعلنت عن تطبيقها لموازنة البرامج والأداء، إلا أنها لم تنفذها، خصوصا أن مصر ملتزمة أمام صندوق النقد الدولي بتفعيلها، معتبرة أن تلك الأمور تضع علامات استفهام وتساؤلات بشأن عدم تنفيذ تلك الموازنة، باعتبارها تضبط النفقات وتكافح الفساد وتدير موارد الدولة بشكل منظم ودقيق. من جانبها، قالت الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن القوانين الدولية ومواثيق الاتحاد الأوروبي، وضعت حدودا لنسب عجز الموازنة بما لا يتعدي 3% من الناتج المحلي والدين العام بواقع 60% من ذلك الناتج، مشيرة إلي أن تفاقم الدين العام في مصر لأكثر من 95% حاليا يعني أن الدولة لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها نظرا لسوء أوضاعها الاقتصادية. وأكدت "شلبي" أن الحكومة أمامها حل لتدبير الفجوة التمويلية "عجز الموازنة"، من خلال الاقتراض من الداخل عن طريق سندات وأذون خزانة أو الخارج، معتبرة أن تلك الخطوة تعد بمثابة مزاحمة القطاع الخاص في الحصول علي أموال البنوك وتوجيهها لسداد العجز، بدلا من الاقتراض بهدف الاستثمار وإقامة المشروعات. ولفتت "شلبي" إلي أن الموازنة العامة متاخمة بالأعباء، خصوصا أن أكثر من 26% من نفقاتها توجه للأجور، و25% لخدمة الدين وفوائده، وأكثر من 25% للدعم، مما يعني أن جزء ضئيل يوجه لجميع النفقات الأخري شاملة الاستثمارات، مؤكدة أن الموازنة العامة وقانونها يحتاجان لإعادة نظر، خاصة أن تلك السياسيات تؤثر وبشكل رئيسي علي المواطنين وتحديدا الفئات الفقيرة ذات الدخل المنخفض، مما يعني تراجع الإنفاق علي الخدمات الصحية والتعليمية وزيادة معدلات الفقر والتضخم والأسعار، وبالتالي تقل معدلات النمو الاقتصادي. وطالبت أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بضرورة الحد من إصدار سندات وأذون الخزانة، وتوجيه أموال القطاع المصرفي لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع الإصلاح التدريجي للتشريعات لجذب الاستثمارات وتفعيل مبادئ الحوكمة، وإلزام وزارة المالية بالإفصاح والشفافية عن بيانات الموازنة العامة وحل مشكلات الاختلالات الهيكلية وتفعيل دور الرقابة عليها، مشددة علي ضرورة إجراء إصلاحات ضريبية شاملة، وتفعيل ضريبة القيمة المضافة للحد من ظاهرة التهرب الضريبي وزيادة الإيرادات العامة للخزانة الحكومية.