توجيه عاجل من رئيس جامعة الإسكندرية بشأن الطلاب المتعثرين في المصروفات- صور    اختتام فعاليات اليوم العلمي للعلاج الطبيعي ب"صدر المنصورة"    فيصل مصطفى يكتب: عبدالناصر| الزعيم الذي صنع التاريخ    حزب المؤتمر: التحول للدعم النقدي خطوة جوهرية لتحسين الأوضاع المعيشية    بمرتبات مجزية.. «الشباب والرياضة» تعلن عن وظائف جديدة (خبرة وبدون)    بتخفيضات 30%.. توجيه مهم من وزير التموين بشأن أسعار الخضر والفاكهة    رئيس الوزراء يتفقد مشروع الفندق الجبلي المُطل على دير سانت كاترين وجبل التجلي    رئيس الوزراء يُتابع المنصة الجغرافية لمحافظة جنوب سيناء    7 خطوط إنتاج جديدة.. وزير الصناعة يفتتح توسعات مصنع «كرافت هاينز» العالمية    رئيس جهاز السويس الجديدة تبحث مع مستثمري منطقة عتاقة تنفيذ السياج الشجري بطول 7 كيلو    "إسكان النواب": عودة العمل بقانون البناء يقضي على المخالفات ويُحيي سوق العمل    «عربي وإنجليزي».. «الضرائب» تتيح 62 اتفاقية «تجنب ازدواج» عبر موقعها الإلكتروني    بعد اغتيال حسن نصر الله| نقل المرشد الإيراني لمكان آمن وتشديد الإجراءات الأمنية    11 شهيدا و10 جرحى بغارات إسرائيلية على الطيبة ودير سريان جنوب لبنان    آخرهم حسن نصر الله.. قائمة طويلة من الاغتيالات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر    عبدالحليم قنديل يكتب: حرب لبنان.. حساب الدم المسفوح    خامنئي: مصير هذه المنطقة ستقرره قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله    شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي على النصيرات والمغازي    بطل السوبر الأفريقي.. بعثة الزمالك تصل القاهرة في هذا الموعد    "على طريقة ثنائي الأهلي".. جماهير الزمالك تحتفل في الشوارع بالتتويج بالسوبر الأفريقي (صور)    بايرن ميونخ يلتقي باير ليفركوزن في مواجهة ثأرية بالدوري الألماني    25 كيلو مخدرات وأسلحة.. الأمن يداهم بؤرة إجرامية لتجارة الكيف بأسوان ودمياط    بقيم درجات حرارة أعلى.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    طعنة غادرة.. مقتل شاب على يد جاره بالغربية    الإسكان تُعلن تفاصيل استعدادات 5 مدن للتعامل مع أمطار الشتاء    «الداخلية»: ضبط 258 قطعة سلاح و381 قضية مخدرات وتنفيذ 90139 حكمًا خلال 24 ساعة    «الداخلية»: ضبط 26899 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تامر حسني يكشف حقيقة تغيير موعد عرض فيلم «ريستارت»    وصول جثمان زوجة الفنان إسماعيل فرغلي لمسجد الشرطة بالشيخ زايد (بث مباشر)    إنجي المقدم تعلق على حصد الزمالك بطولة السوبر الإفريقي من الأهلي    حكيم يشعل المنيا الجديدة باحتفالية ضخمة بمشاركة فريق مسار اجباري (التفاصيل والصور الكاملة)    «مصر مسرحا للأحداث في روايات لوفينو».. صالون ثقافي بدار الأوبرا غدا    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    وزير الصحة الأسبق: وضع توصيات مؤتمر الأهرام للدواء أمام الجهات التنفيذية    في اليوم العالمي لداء الكلب.. خطوات سريعة تفعلها عند التعرض ل«العض»    وكيل صحة البحيرة يحيل 7 من العاملين بوحدة المجد ببدر للتحقيق    حذاري تقص أظافرك .. تحذير من الدكتور حسام موافي لهؤلاء الأشخاص (فيديو)    نقل خامنئي إلى مكان آمن وسط تدابير أمنية مشددة    بعد خسارة السوبر.. راحة أسبوع للاعبي الأهلي    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    ضبط 4 متهمين بالحفر والتنقيب عن الآثار في القاهرة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    بحضور وزير التعليم العالي، جامعة حلوان تستقبل الطلاب الجدد باستعراضات وأنشطة خدمية    حالة الطرق اليوم، انتظام حركة السيارات بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    كولر: لم نستغل الفرص أمام الزمالك.. والخسارة واردة في كرة القدم    صور مشرفة للكرة المصرية.. رياضة النواب تهنئ الزمالك بفوزه بالسوبر الافريقي    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اختفاءات سعاد حسني الثلاثة».. في وثيقة سينمائية جريئة
نشر في البديل يوم 15 - 05 - 2015

انطلاقا من هوسها الشخصي بسندريلا الشاشة العربية، قدمت المخرجة اللبنانية رانيا اسطفان، وثيقة سينمائية شاعرية عن زمن نجوم، حفظه شريط السينما، في فيلمها الوثائقي التجريبي "اختفاءات سعاد حسني الثلاثة" 69 دقيقة، إنتاج 2011، عرض في سينما زاوية الأسبوع الماضي، مفتتحًا فعاليات برنامج "مزج" للفيلم الوثائقي.
اعتمد بحث المخرجة في تحليل شخصية سعاد حسني، من خلال أدوارها المختلفة، على التداخل بين الواقع والخيال، لتلغي المسافات بينهما، ولم تنشغل بتصنيف فيلمها وثائقي أو تجريبي، باعتماد كلي على أفلام السندريلا، فلم تستعن بأي مادة من خارجها، عدا شريط الصوت أو الصورة والموسيقي، كما أنها اعتمدت على شرائط الفيديو التي توقف استخدامها حاليًا، فيما تعاملت مع الأفلام بحرية كبيرة، في إعادة التركيب للمشاهد المتداخلة وللصوت والموسيقي لتقديم مشاهد جديدة تحكي من خلالها عن «سعاد» وترصد تحولات شخصية الممثلة في أدوارها المختلفة، وتقدم سيرة خيالية للسندريلا، تراوح في وجدان الجمهور مابين مسيرتها الفنية كممثلة وشخصياتها المختلفة وسيرتها الشخصية انتهاءً برحيلها المأساوي في لندن.
استعانت «اسطفان» بأصوات من أفلامها التي ناقشت قضايا ذات أبعاد نفسية، فنشاهد «سعاد» على سرير العلاج النفسي، تتساءل عن ذاتها في مشاهد من أفلام "أين عقلى"، "الحرمان" و"الاختيار"، فيما تتواصل الأحلام والكوابيس على مدار الفيلم، انتهاءً بالموت بمشهد السقوط ثم المشرحة ،كأن الممثلة تطل من سرير علاجها النفسي علي حياتها الشخصية من الخارج.
يقوم الفيلم على بناء فني يمثل التراجيديا بالمفهوم المسرحي الإغريقي القديم، إذ تتكون من 3 فصول ومقدمة وخاتمة، في الجزء الأول منها مرحلة/ صورة الفتاة المنطلقة المرحة المقبلة على الحياة، في مرحلتها الأولى سينمائيًا، وهي المرحلة التي تحتفي بكل صور البدايات.
الجزء الثاني يصور مرحلة الوسط في مسيرتها الفنية، وتقديمها سينمائيًا بشكل يعتمد بدرجة أكبر على الحفاوة بالجسد، فيما تحتفي المخرجة بمشاهد القبلات كأنها رد على الرقابة التي تفرضها الفضائيات عند عرض الأفلام القديمة على المشاهد العاطفية، وهي مرحلة فنية شهدت عدة تناقضات، ما بين استغلال «سعاد» كجسد يتمتع يالجاذبية الجنسية، وفي الوقت ذاته، تشير إلى استنزاف الممثلة في هذا النوع من الأفلام، وحصارها في صورة الجسد المثير، وفي هذا الجزء تناولت المخرجة حالات مختلفة من الانتهاكات التي تعرضت لها جسديًا في مشاهد من أفلامها، كالتعذيب والاغتصاب، ومهدت ذاكرة المشاهد العنيفة إلى الكابوس الذي تعيشه في الجزء الثالث من الفيلم، والذي يركز على أفلام قدمتها بشكل أفضل فنيًا، وقدمت فيها حالات وشخصيات مختلفة ومعقدة، وهو جزء ذو طابع وجداني، يحفل بالقلق والتوتر في شخصية «سعاد» وتنتهي مشاهده بالموت، فيما حرصت المخرجة في خاتمة الفيلم على الاحتفاء باقتباسات من فيلم "خلي بالك من زوزو"، حيث نودعها حاملة دعوى المستقبل.
يحمل هذا البناء طابع وملامح الذاكرة في استعادات متكررة لعدد من المشاهد، وإعادة قرأتها، والحيرة والقلق أمام غيرها، والذكريات التي شوهتها الخدوش، وهنا يتجلى إبداع المخرجة في اختيار مواد فيلمية من تقنية الفيديو، التي حققت التأثير المادي والوجداني للذاكرة على مستويين، فكأنها ذاكرة الممثلة الراحلة، وكذاكرة شعبية لجمهور عاش ومايزال مع أفلامها.
اختيار شرائط الفيديو يأخذنا لمستوى آخر من الفيلم، في تحية عصر اندثر بتقنياته ومفرداته مع اندثار شرائط الفيديو، بما يجعله وثيقة لنوع مختلف من الصورة عما نعرفه اليوم، لذا حرصت المخرجة على الصورة التي تقدمها الشرائط حتي بعيوبها الفنية كوثيقة وتحية لهذه التقنية التي أتاحت إمكانية التوزيع الواسع للأفلام، حيث كانت الوسيلة الوحيدة لتداول الأفلام خارج صالات السينما قبل عصر الفضائيات.
اختارت المخرجة التركيز على ما قدمته أفلام سعاد حسني، من توثيق للتغيرات في الواقع الاجتماعي المصري، ورغم أن الفيلم لم ينشغل بتوثيق التغيرات السياسية خلال 30 عامًا هي عمر سعاد حسني على الشاشة، حيث شهدت تغيرات مسيرة يوليو1952، من مرحلة الصعود القومي في الستينات إلي السبعينات وماتلاها من انقلاب على مشروع يوليو وتوجهه القومي التحرري، إلا أن الفيلم طمح لنوع آخر من التوثيق للتحولات الاجتماعية والثقافية في الشارع المصري، فيما قدم تحية للسينما المصرية ولعصر مضي فنيًا وثقافيًا، شهد ثراءً وانفتاحًا انعكس على شاشة السينما، ولنجمة جسدت أدوار المرأة العربية العصرية في تعدديتها وتناقضاتها على مدار ثلاثة عقود، واستعادة لأجيال من نجوم السينما المصرية، شاركت سعاد، مثل عبد الحليم حافظ، يحيي شاهين، عادل إمام، وأحمد زكي، قبل أن تنسحب من المشهد السينمائي في وقت شهد انحسار عام في الإنتاج المصري، وتدهور ثقافي وقيمي ثم ظهور الفضائيات وسطوة الدراما.
عنوان الفيلم يداعب فكرة الإثارة، لكنه في المقابل يبدأ لعبة مراوغة مع جمهوره، تتواصل طوال الفيلم، حتى يمكن تفسير المقصود باختفاءات سعاد بأكثر من تأويل، من اختفاء للممثلة عن شاشة السينما في مرحلة طويلة تسبق رحيلها امتدت عشر سنوات منذ آخر أفلامها «الراعى والنساء» 1991، أو اختفاء الوسيلة الفنية التي اعتمد عليها الفيلم شرائط الفيديوكاسيت، والأهم اختفاء لنماذج شخصية الفتاة المنفتحة والمتحررة من سينمانا، وكذلك اختفاءها الأخير برحيلها الذي يصاحبه الغموض أيضًا، فيما يتجاهل الفيلم تمامًا كل الجدل الذي أثير حول وفاتها، والسجال حول جهات قتلتها وعلاقتها بالمخابرات وغيرها، ليعيد الاعتبار إلى إسهامها على الشاشة، وحضورها في وجدان أجيال عاصرتها أو لم تعاصرها.
بدأت رحلة رانيا اسطفان مع السندريلا خلال دراستها للسينما وأطروحتها التي قدمتها عن صورة الممثلة في السينما العربية لجامعة «لاتروب» الأسترالية، حينها كانت صورة سعاد حسني هي التي اخذت بيدها ودفعتها للاهتمام بالسينما العربية، ولإعادة اكتشاف شغفها بالسينما المصرية، التي شكلت الوجدان العربي على مدار عقود، ووجدت في شخصية السندريلا المنفتحة ما شكل هوسًا استمر معها أكثر من 10سنوات، هي عمر إنجاز الفيلم، الذي بدأ التفكير فيه مع خبر وفاة ال«سندريلا» في لندن عام 2001، والجدل الذي صاحبه حول وفاتها انتحارًا أم قتلًا، حينها قررت المخرجة التي فقدت فرصتها في مقابلة السندريلا، أن تقدم فيلمًا لتكريمها، واختارت أن تعيد التعريف بها من خلال أفلامها، فكأنه لقاء معها من نوع مختلف، وعلى مدار ال10سنوات، جمعت شرائط فيديو ل72 فيلمًا من أفلام سعاد ال82، وواصلت العمل عليها بشكل بحثي، كأنها دراسة عملية تستكمل أطروحتها الأكاديمية، فقامت بتفريغ أفلامها كتابة وتحويلها إلي مادة ديجيتال في جهد بحثي غير مسبوق، ولأن فيلمًا من هذا النوع هو شخصي جدًا، عملت عليه على مدار 10 سنوات، تأليفًا وإخراجا وكذلك المونتاج والتمويل، حتى حصلت على دعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق" في مراحله الأخيرة.
وإكمالًا للمفارقات الغريبة في هذا الفيلم، انتهت المخرجة من المونتاج بالتزامن مع ذكرى عيد ميلاد السندريلا في 26 يناير عام 2011، ليتزامن أيضا مع انطلاق ثورة يناير، فيما كانت سعاد حاضرة فيها باقتباس من أحد مشاهدها وجملتها الشهيرة "أنا رايحة على الميدان".
نال الفيلم جوائز من مهرجان الفيلم الوثائقي في مرسيليا، بينالي الفن الحديث في الشارقة، جائزة رينوفيكتور من المركز السينمائي الفرنسي التي تتيح عرضه في المكتبات السينمائية الفرنسية، كما حصلت مخرجته على جائزة أفضل مخرجة وثائقية في مهرجان الدوحة ترايبيكا 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.