يكونون دائمًا مادة للضحك والسخرية، في مجتمع يدعم العنصرية، ولا يهتم لمشاعر أناس لم يمنحهم الله نعمة الطول، ما يدفع معظمهم إلى الانطواء والانعزال؛ لحماية أنفسهم من نظرات الآخرين التي تكون بمثابة السكين التي تخترق جدران قلوبهم الرقيقة. إنهم قصار القامة "الأقزام" ممن لا يصنفون كأصحاء أو ضمن فئات ذوي الإعاقة، إلا إنهم لا يعرفون سوى التهميش في مجتمعنا المصري، فمن يقترب منهم ويتحدث معهم يجد بداخلهم حزنا وألما وحسرة من نظرة المجتمع لهم، ويلمس بين كلماتهم هموما لا تستطيع الكلمات التعبير عنها، ورغم كل ذلك يضحكون ويسعون لإسعاد الآخرين. رئيس جمعية الأقزام: نعيش فى عزلة وننتظر مجلس النواب لتحقيق مطالبنا يقول عصام شحاتة، رئيس جمعية رعاية الأقزام بالإسكندرية، إن الجمعية متواجدة منذ سنوات، بعدما فكر في عمل كيان للأقزام يهتم بهم ويدافع عنهم، متابعا: «عندما سافرت الكويت، كنت أعمل في مطعم "عالم الأقزام"، وكان يأتيه قصار القامة من مختلف أنحاء العالم العربي خلال فترات إجازاتهم، وكانوا يستمتعون بوجودهم فيه، فأدركت أهمية ذلك، وقررت إنشاء كيان يرعاهم في مصر» . وأضاف ل"البديل": «على الرغم من مرور 3 سنوات على إنشائه، إلا إن الأزمات لا تزال توجهنا»، موضحًا أن الأقزام طوال عمرهم مهمشون وفي عزلة عن المجتمع؛ خوفا من الاستهزاء بهم والسخرية منهم، لافتُا إلى أن أهم أهداف الجمعية، رعاية وخدمة الأقزام في مجال الصحة والتعليم، وكذلك مجالات العلم والثقافة، وأيضا في المجال الرياضي، خاصة أنهم أبرموا بروتوكول تعاون مع مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية، يسمح لأطفالهم بممارسة الرياضة فى نادي سموحة مجانا. واستطرد: «نعمل من خلال الجمعية علي توفير فرص عمل للأقزام، وتوجهنا لوزارة القوي العاملة لتوظيف الأقزام، لكنهم للأسف يوفرون لنا أعمالا بالقطاع الخاص، ولا تتناسب مع ظروف الأقزام وقدراتهم، مناشدا رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، والرئيس عبدالفتاح السيسي، بتوفير فرص عمل مناسبة للأقزام. وأوضح: «بذلت الجمعية جهدا كبيرا من أجل أن وضع مادة فى الدستور الجديد تضمن الحفاظ علي حقوق الأقزام ورعايتهم، ونجحنا وتم إدراجنا في المادة 81 من الدستور، التي تنص علي "تلتزم الدولة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والأقزام"، بما يعني أن للأقزام نفس حقوق المعاقين، ونحن ننتظر بشغف مجلس الشعب الجديد؛ حتي يتم تفعيل المادة في صورة قوانين تطبق علي الأرض حتي يجني الأقزام ثمارها ويشعرون بأنهم جزء من هذا الوطن». «القزم» كاهن في العصور الفرعونية وصعلوك في حكومة «محلب» كان القزم المصرى في الدولة الفرعونية يعلو المناصب، ويقوم بأعمال دقيقة بسبب أصابعه الصغيره وحجمة الضئيل مثل صناعة المشغولات الذهبية وصناعة النسيج، والقزم "سنب" كان كاهنا مهما فى مجموعة الملك الجنائزية، وكان مسئولا عن الخزانة الملكية، وكان من المقربين جدا للملك، ويرأس جميع الأقزام المعهود إليهم بالملابس الملكية، وكانوا يتزوجون من الأميرات أحيانا. لكن فى الوقت الحالي، يلقى الأقزام جميع أنواع المعاناة، يروى عبد الله حسن، أحد قصار القامة بالجمعية المصرية لرعاية المعاقين، أنه يحمل بكالويورس إعلام جامعة القاهرة، وكان يريد أن يعمل في مبنى الإذاعة والتليفزيون، وتقدم بأوراق التحاقه، لم يُرد عليه. ويضيف "حسن": «ذهبت إلى لمقابلة رئيس مجلس الوزراء، لكن العاملون هناك رفضوا إدخالي، وقال لي أحد الموظفين: رئيس الوزراء لا يقابل الصعاليك أمثالك»، متابعا: «نحن لا نطالب سوى بحقوقنا المشروعة في مصر، بأن نجد مكانا نجلس فيه كمقاهي أو مطاعم مخصصة لذوي الإعاقة، وأن يتم إدرجنا ضمن ال5% من المعاقين الذين يتم تعينهم في الوظائف الحكومية». من جانبه، يقول الدكتور أحمد أبو مسلم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، إن الأقزام غالباً ما يكونون عرضة للعقد النفسية، ومن أصعبها سوء تقدير الذات والشعور بالدونية إزاء نظرة المجتمع الناقصة لهم، لافتًا إلى أن الأقزام أكثر الناس عرضة للعقد النفسية لمدة طويلة، باعتبار أن مشكلة النمو الجسدي تبدأ لديهم منذ سنوات الصغر. وطالب "أبو مسلم" الدولة المصرية بضرورة ترسيخ أهمية هذه الفئة فى المجتمع؛ نظراً لمتطلباتها الحياتية الخاصة جداً، مشيرا إلى أن النظرة الدونية للأقزام دفعت البعض للانتحار. وأكد أنه من الظلم اعتبار الأقزام معاقين، وحصرهم في العمل بوظائف بعينها، مشيرًا إلي ضرورة خضوعهم لاختبارات المهارات المطلوبة لأي وظيفة وفقا لمعايير موضوعية دون استثناء حالاتهم.