«حقوق الطفل»: قرار القضاء الإدارى يحمى «مجهولى النسب» من التشرد «حقوق الإنسان»: اعتراف الدولة ب«مجهولى النسب» فى صالح المجتمع «المرأة العربية»: مجهولو النسب نتاج الجيل الثانى والثالث لأطفال الشوارع آمنة نصير: الاعتراف بمجهولى النسب قرار إنسانى وفى قمة الرحمة يعيش فى مصر أكثر من 80 ألف طفل مجهولى النسب وفقا لإحصائيات غير رسمية صدرت عن بعض المنظمات الحقوقية العاملة في مجال الطفولة، حتى أصبحوا وقودا متدفقا لأطفال الشوارع، الذين تم استغلالهم خلال السنوات الأربع الماضية في أحداث العنف السياسى والمظاهرات بالشارع المصرى. وإذ يكفل الدستور المصرى في مادته 81 حقوق الطفل، لكن الأمر يحتاج إلى ترجمة تفصيلية قانونية على أرض الواقع، أهمها الاعتراف بالأطفال مجهولى الهوية وإدراجهم تحت رعاية الدولة وفى سجلاتها الرسمية، الأمر الذى نفذته محكمة القضاء الإدارى مؤخرا تطبيقا للقرار الرئاسى بتعديل قانون التضامن الاجتماعى لتوسيع التعريف بالطفل اليتيم ليشمل مجهولى النسب. قالت أميرة عبد الحكيم، نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة وحقوق الإنسان، إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعديل إحدى فقرات قانون التضامن الاجتماعى لتوسيع تعريف اليتيم ليشمل مجهولى النسب، أحد حقوق الطفل الذى نص عليها القانون والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مضيفة أن استخراج كل الأوراق الثبوتية التى تخص الطفل سوف تمكنه من الحصول على جميع الخدمات والرعاية التى تكفلها الدولة للمواطنين، بدلا من تركهم واستغلالهم فى العنف أو تجارة الأعضاء أو البشر. وأوضحت "عبد الحكيم" أن اعتراف الدولة بمجهولى النسب واعتبارهم أيتاما، سيكون له تأثير على الناحية النفسية لهؤلاء الأطفال، ويعمل على تغيير نظرة المجتمع السلبية لهم، ما يؤدى إلى امتصاص غضب الأطفال وتغيير نظرتهم الحادة للمجتمع، مشيرة إلى أن القرار يحتاج إلى التفعيل على أرض الواقع لمعرفة العدد الصحيح للأطفال مجهولى النسب بالشوارع، عن طريق تكاتف الجميع من إدارة الدفاع الاجتماعى بوزارة التضامن، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، ومنظمات المجتمع المدنى، إضافة إلى ضرورة توعية المواطنين بضرورة المساهمة فى مساعدتهم حال رؤية أحدهم. وطالبت بضرورة تعاون وزارات الصحة والتعليم والتضامن الاجتماعى والعدل، إضافة إلى المجلس القومى للطفولة والأمومة، عبر استراتيجية قومية لحماية الأطفال المجهولي النسب وتمكينهم من استخراج الأوراق الثبوتية لهم من شهادات ميلاد وبطاقات الرقم القومى. من جانبه، قال هانى هلال، الأمين العام للائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إن قرار محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الذى ألزم وزارة الداخلية بإصدار بطاقة الرقم القومي لطفلة مجهولة الأبوين، استكمالاً للقرار بقانون الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 15 لسنة 2015 لتعديل الفقرة "ج" من المادة الثانية من أحكام قانون الضمان الاجتماعى 137 لسنة 2010 الذى توسع فى تعريف اليتيم، لافتا إلى أن التعديل يعتبر أطفال الشوارع مجهولى الهوية، أيتاما، ما يساعد على تعديل النظرة والثقافة المجتمعية السلبية السائدة تجاههم. وأكد "هلال" أن قرار محكمة القضاء الإدارى يتوافق مع التعديل والقانون، فمن حق مجهولي النسب الدستوري، الاعتراف بهم واستخراج بطاقة الرقم القومي لهم؛ حرصا على إنسانيتهم وحفاظا على آدميتهم من التشرد والضياع، موضحا أن القرار تطبيقا لنص المادة "20″ من قانون الطفل المصرى الذى نص على "كل من عثر علي طفل حديث الولادة في المدن أن يسلمه فورا بالحالة التي عثر عليه بها إلي إحدى المؤسسات المعدة لاستقبال الأطفال حديثي الولادة أو أقرب جهة شرطة التي عليها أن ترسله إلي إحدي المؤسسات، وفي الحالة الأولي يجب علي المؤسسة إخطار جهة الشرطة المختصة". كما نص "وعلي الشرطة في جميع الأحوال أن تحرر محضرا يتضمن جميع البيانات الخاصة بالطفل ومن عثر عليه ما لم يرفض الأخير ذلك، ثم تخطر جهة الشرطة طبيب الجهة المختصة لتقدير سنه وتسميته تسمية ثلاثية، وإثبات بياناته في دفتر المواليد، وترسل الجهة الصحية صورة المحضر وغيره من الأوراق إلي مكتب السجل المدني المختص خلال سبعة أيام من تاريخ القيد بدفتر مواليد الصحة". وفى نفس السياق، تقول منصورة الراوى، عضو رابطة المرأة العربية والمدير التنفيذى لجمعية رعاية الأمومة والطفولة بنجع حمادى، إن القرار إيجابى وسوف ينقذ الأطفال مجهولى النسب المحرومين من رعاية وخدمات الدولة، مضيفة أن مجهولى النسب، نتاج الجيل الثانى والثالث لأطفال الشوارع، والحل يكمن فى احتضانهم واحتوائهم وليس معاملتهم بمزيد من الإقصاء؛ لأن النتيجة السلبية يدفع ثمنها المجتمع بأكمله من العنف السياسى الذى شهدته البلاد خلال السنوات الأخيرة، واستغلال الأطفال فى المظاهرات وحمل الأسلحة والمولوتوف، وواقعة حريق المجمع العلمى خير دليل على ذلك. وتابعت: «حتى لا يتحول القرار إلى حبر على ورق، يحتاج إلى تنفيذه من خلال تفعيل دور المجلس القومى للطفولة الذى مازال يعانى من قصور فى معالجته لمشكلات الطفولة فى مصر، بالإضافة إلى الرقابة الحقيقية على دور الرعاية، بعد أن تحول أغلبها إلى سجن صغير للأطفال يفتقر للمناخ المناسب لهم، وغياب التأهيل للقائمين على إدارته، فضلا عن غياب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بهذه الدور»، لافتة إلى أن ظاهرة أطفال الشوارع ومجهولى النسب غير موجودة بالصعيد؛ نظرا لطبيعة المجتمع المحافظ المتمسك بالعادات والتقاليد والقيم، الذى يتمتع بسيطرة القبائل والعائلات التى تعرف بعضها البعض. ومن الناحية الدينية، قالت آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة، إن القرار إنسانى، وفى قمة الرحمة أن يرفع القانون عن إنسان مذلة لم يشارك فيها، خاصة أن الأطفال مجهولى النسب فى مصر دائما مايحملون عارا ليس لهم ذنب فيه ولم يرتكبوه، مضيفة: «هؤلاء الأطفال مجنى عليهم، ويحتاجون للحماية، وليس مزيدا من اللفظ والطرد المجتمعى، فكلما تمكنت مؤسسات الدولة ودور الرعاية من حمايتهم وتوفير التعليم والصحة؛ لاستفادت منهم فى بناء الوطن».