شم النسيم باللغة القبطية (المصرية القديمة) اسمه "شوم إنسم"، وهو مهرجان يقام سنويًّا في فصل الربيع، إلا أنه ينسجم مع موروث ثقافي أقدم، حيث كان من أعياد قدماء المصريين، ويحتفل فيه جميع المصريين بزيارة المنتزهات وتلوين البيض وأكل الفسيخ. وقال الباحث الأثري أحمد عامر إن الحضارة المصرية القديمة خلَّفت الكثير من الأعياد التي تطابقت مع عصرنا الحالي، مثل عيد الكريماس وعيد فيضان النيل الذي يُعرف حاليًّا بإسم عيد وفاء النيل وعيد الحب وعيد شم النسيم. ويرجع بدء احتفال الفراعنة بعيد "شم النسيم" رسميًّا إلى عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة. ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة "أون"، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات. واضاف عامر "نجد أن عيد شم النسيم عادة ابتدعها الفراعنة. وبالفعل كان له اسم آخر، فنجد أن كلمة "شم النسيم" ترجع إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي هيروغليفية قديمة، ويرمز هذا العيد عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان أو بدء خلق العالم كما كانوا يتصورون. وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم"؛ لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وطيب النسيم وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة. وقد احتفل المصريون القدماء به في هذه الفتره تحديداً؛ لأنه يتم التوافق مع الحصاد، وقد أطلق عليه اسم "شم" من الفصل "شمو". أما كلمة "نچم" بمعني "طيب" أو "عطر" كرمز لتفتح الأزهار". وأشار إلى أنه من منظور إسلامي لا يوجد ما يسمى بعيد "شم النسيم"؛ باعتبار أن المسلمين يحتفلون بعيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى. أما في الدين المسيحي فجاء عيد القيامة موافقاً لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان الاحتفال بعيد الفصح أو عيد القيامة يوم الأحد، يليه مباشرةً عيد شم النسيم يوم الاثنين، وذلك فى شهر "برمودة" من كل عام. وكلمة "فصح" أو "بصخ" تشير إلى النجاة عندما قام المسيحيون بذبح الخروف ورشوا دمه علي ديارهم، ولا تزال الكلمة تستخدم في المسيحية. وبالنسبة لليهودية، ذكر عامر أن اليهود أخذوا عن المصريين القدماء احتفالهم بهذا العيد، فقد كان وقت خروجهم من مصر فى عهد سيدنا موسى عليه السلام مواكبًا لاحتفال المصريين بعيدهم، واختار اليهود على حد زعمهم ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر؛ حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم، حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم؛ لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم. مشيرًا إلى أن "سفر الخروج" من "العهد القديم" يصف ذلك، حيث إنهم "طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهباً وثياباً. وأعطى الرب نعمة للشعب فى عيون المصريين حتى أعاروهم، فسلبوا المصريين". ومنذ ذلك اليوم واليهود يحتفلون به، وجعلوه رأساً للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم "عيد الفصح"؛ حيث إن كلمة "فصح" بالعبرية تشير إلى النجاة. وأكد عامر أن احتفال المصريين القدماء بشم النسيم لم يتغير رغم مرور آلاف السنين، حيث كانوا يأكلون الأسماك المقددة والمملحة والبيض والبصل والخس وغيرها، بالإضافة إلي أنهم كانوا يقومون بحمل الأزهار وشمها وركوب القوارب المصنوعة من البردي والخروج لصيد الأسماك والطيور، وكانوا يغنون بقولهم "متع نفسك ما دمت حيًّا ودع العطر على رأسك، والبس الكتان الجميل، ودلك يدك بالروائح الذكية المقدسة، وأكثر من المسرات، ولا تدع الأحزان تصل إلى قلبك". وعن سر تناول المصريين القدماء للبيض فيرجع لاعتقادهم بأنه يمثل البيضة الأزلية التي جاء منها الإله الأول الخالق بكلمة "سا"، وتعني "ابن"، حيث إن البيضة ترمز للبعث والحياة الجديدة، بالإضافة إلى أنهم كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد. وعن فكرة تلوين البيض بألوان مختلفة فلم تكن هذه العادة موجودة أيام الفراعنة، ولكن مع دخول المسيحية أصبح تلوين البيض أمراً أساسيًّا، فمثلاً اللون الأحمر على البيض يرمز إلى دم المسيح عليه السلام الذي سال فوق الصليب، حسب اعتقادهم. أما عن سر تناول المصريين القدماء للبصل وتعليقه حول رقابهم وعلى أبواب ديارهم، فقال الباحث الأثري أحمد عامر إن هذا يرجح لرائحته النفاذة التي تفيق الغائب (الميت) من غيبوته (موته)، وهذا يتربط بالبعث والانتصار على الموت، ويتفق هذا مع عيد الإله "سوكر" وعيد "النتريت" يوم 29 كيهك في الربيع، كما أنهم عرفوا الخس وتناولوه، وكان يُعرف عندهم باسم "عبو"، وهو رمز للجنس والإخصاب، وكان يُعد رمزاً للإله "مين".