«فندق بارون».. رواية تحمل ذاكرة مدينة حلب صدر حديثًا، ضمن مطبوعات دار الآداب البيروتية للنشر، طبعة جديدة من رواية «فندق بارون»، للكاتب السوري عبدو خليل. في فندق بارون الذي يحمل جزءًا من ذاكرة مدينة حلب، تحطّ هيلين، الفتاة اللندنيّة التي كانت ثمرة حبّ عابر بين والدتها كاترين وبين أحد زبائن الفندق من سكّان المدينة، في سبعينيّات القرن المنصرم، وهناك، تتعرّف إلى العجوز الأرمني كارو الذي لم يبارح الفندق منذ عدّة عقود، فتحاول نكش ذاكرته علّه يساعدها على معرفة ذلك السرّ الذي كشفته والدتها في رسالة كتبتها لها قبيل وفاتها بأيّام. من أجواء الرواية: «لم تتوقع هيلين أن يمتلك هذا الرجل الضخم، ذو الشوارب العريضة والشعر الكثّ، إرثا غنيا من التجربة والحنكة والدهاء. للوهلة الأولى، ظنّته رجلا عاديا عندما التقت به جالسا لوحده في إحدى زوايا مطعم العندليب، يحتسي الخمرة لساعة متأخّرة من الليل، مثله مثل باقي الرجال، ثم يعود مترنّحا الى منزله، يتوسّد سكرته، وينام مطروحا من السهر. ليس ل"أبو الريح" ذي الوجه العريض والتجاعيد القاسية، زوجة ولا حتى ولد. قضى نصف عمره متنقلا من سجن الى آخر، بين دمشق وحلب، الى أن أُفرج عنه منذ بضع سنوات، بعد أن ساءت حالته الصحّية لدرجة جعلته يبدو في العقد السادس، مع أنه بالكاد تخطّى الأربعين. إلا أنّ قسوة السجن والضغط والتعذيب لم تخمد بريق عينيه ونظرته الحادّة التي استمرّت توغل بعيدا، مربكة كل من يجالسه. لذا ابتعد عنه الأصدقاء وتحاشاه الأقرباء، وهرب كل من تعرّف إليه من جديد. لم يعرف الناس عن أبو الريح الشيء الكثير، سوى أنه دخل السجن بعدما طعن أعزّ أصدقائه وأرداه صريعا لأنه كال الشتائم لزعيم حزبه السياسي. ثمّة من قال إن أبو الريح أمهله يوما كاملا ليتراجع عن شتائمه ويقدّم اعتذاره، إلا أنه استهتر بالأمر. فما كان من أبو الريح إلا أن ذهب إليه، طرق بابه، وعاجله بطعنة واحدة كانت كافية لقتله. وهناك من أكّد أن أبو الريح لم يمهله يوما ولا حتى لحظة، إذ غرز سكّينه الحادّة في صدره صارخا بمن كان حاضرا في المجلس: هذه هي نهاية الخونة! ثم مضى». سبق وقدمت الكاتبة والناقدة زهور كرام، قراءة نقدية عن الرواية، في سبتمبر 2014، قالت فيها: فندق بارون تعد من الروايات التي أنجزت في إطار الدورة الثانية (2013-2014) من مشروع «محترف نجوى بركات» الذي يهتم بالكتابة الروائية، ويشجع المبدعين فيها من الوطن العربي، تطرح مسألة ذاكرة المكان، بكل تفصيلاته التاريخية، وعلاقاته الاجتماعية، وتضعه روائيا أمام مشهد التحولات الراهنة، فهل يثبت المكان في زمنه التاريخي؟ وهل تحظى الذاكرة الجماعية بحصانة تاريخية؟ أم يحتاج الوضع إلى ذاكرة التخييل الروائي حتى لا يفقد المجتمع ماضيه، ولا يصاب الشعب بالإحباط الوجودي؟ يستهل عبدو خليل روايته برسالة وجّهتها امرأة بريطانيّة إلى ابنتها، تكشف لها فيها عن جذورها الشرقيّة، وتبوح لها بجانب من اللغز الذي ظلّ يؤرقها ويدفعها إلى السؤال والنبش دوماً، فندق بارون يكون مسرح أحداث الرواية مكانيّاً، يشكّل البؤرة المركزيّة للتقاطعات بين الشرق والغرب، وهو بدوره يؤرّخ للمغامرات والرحلات التي خاضها القادمون من الغرب وبعض من أبناء الشرق. «زهور» توضح أن عنصر التحول الذي تعرفه حكاية البحث عن الأب في الرواية، يأتي من وضعية السرد الذي يخضع لطبيعة الشخصيات الساردة، والفضاءات ذات العلاقة بالفندق مثل «القبو»، ووضعية السارد الذي يسرد بضمير الغائب، ويبدو أن زمن العتبة يؤثر في طريقة سرده، لهذا، تتشابك الحكاية عند منعرجات حكايات الشخصيات، والسارد، وتصطدم بحكايات عن الأرمن (العجوز كارو)، والأكراد (أبو الريح)، وحكاية سر القبو الذي يلازم حياة العجوز بالفندق.