صدر حديثا عن دار الآداب اللبنانية للكاتب عبده خليل ، رواية " فندق بارون " .. في فندق بارون الذي يحمل جزءًا من ذاكرة مدينة حلب، تحطّ هيلين، الفتاة اللندنيّة التي كانت ثمرة حبّ عابر بين والدتها كاترين وبين أحد زبائن الفندق من سكّان المدينة، في سبعينيّات القرن المنصرم. وهناك، تتعرّف إلى العجوز الأرمني كارو الذي لم يبارح الفندق منذ عدّة عقود، فتحاول نكش ذاكرته علّه يساعدها على معرفة ذلك السرّ الذي كشفته والدتها في رسالة كتبتها لها قبيل وفاتها بأيّام. و نقرأ من الرواية : "كانت هيلين تترنّح تحت ثقل حقيبتها المعلقة على ظهرها وهي تسير في الاتجاه الذي دلتها عليه الممرضة لتستقلّ سيّارة أجرة باتجاه فندق بارون. للمرّة الأولى بحياتها، شعرت أن لأشعّة الشمس رؤوسا مدبّبة تنغرز في جسدها، فيصير الدم يغلي في العروق وتتحول العظام إلى آجر مشويّ لا تطيقه العضلات ولا الأعصاب. وقفت في زاوية الشارع المطل على ساحة الجامعة، رفعت يدها نحو حاجبيها ورمت بنظرها بعيدا. طلبة يسيرون مسرعين في اتّجاهات مختلفة يحملون كرّاساتهم الدراسية، وآخرون في الطرف المقابل لها يستظلّون بسور واطىء، وبضع سيّارات تقطع الدوار في اتّجاهات متعامدة. مشت هيلين باتّجاه الدوار وعينها على السيّارات الصفراء، كما أفهمتها الممرّضة، رفعت يدها لإحداها فتوقّفت قرب ناصية الرصيف. فتحت هيلين الباب بعد أن أنزلت عن ظهرها الحقيبة، رمتها على المقعد الخلفي وارتمت إلى جانبها. مدت إلى السائق قصاصة من الورق كانت قد كتبتها الممرّضة، ودقّقت النظر في وجهه تتأمل جذور شعر لحيته النابتة من تجاعيده القاسية. مرّت صورة ليزا أمام عينيها تحذّرها من الشرق. لكن السائق محاها حين بدّد مخاوفها بعد أن رماها بابتسامة عبر المرآة وتمتم بصوت خفيض: - فندق بارون ... أوكيه..."