أنشأت الحكومة الصينية المركزية مجموعة خاصة للإشراف على تنفيذ مبادرتي الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن ال 21، وفقًا لبيان صادر عن مكتب المجموعة أمس الأول الأحد. وجاء البيان بعد يوم واحد من إعلان الصين لرؤيتها الكاملة بشأن المبادئ والأطر والأولويات والآليات الخاصة بالمبادرتين التابعتين لطريق الحرير، حيث قالت المجموعة إنها ستكون مسئولة عن توجيه وتنسيق العمل الخاص بالمبادرتين. وعلى ما يبدو فإن الصين بدأت بالفعل في الخطوات الفعلية لتنفيذ طريق الحرير، والذي تتضمن خطته اعتماد الصين على الثروات البترولية المتوافرة في منطقة الشرق الأوسط، ورغبة الصين في دعم صادراتها وتعزيز تبادلها التجاري مع دول المنطقة؛ لتطوير روابط مالية قوية، بحيث يكون "اليوان" العملة المختارة لتسوية التعاملات التجارية بين الدول القائمة على طول طريق الحرير الحديث، وهو ما قد يؤثر بالسلب على مصر، خاصة على محور قناة السويس الجديدة. طريق الحرير من نقل الحضارات إلى خطط صينية لمحو قناة السويس تاريخ طريق الحرير كان سبيلاً قديماً في نقل الحضارات بين الصين ودول العالم، ومن بينها مصر. يرجع تاريخ وجوده إلى عام 3000 ق.م، وكان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة تسلكها السفن والقوافل؛ بهدف التجارة أو نقل المعارف والثقافات بين الحضارات المختلفة في ذلك الوقت، فانتقلت عبره الديانات، وعرف العالم البوذية، وعرفت آسيا الإسلام، وانتقل عبره البارود، فعرفت الأمم الحروب المحتدمة المدمرة، كما انتقل عبره الورق، فحدثت طفرة كبرى فى موروث الإنسانية مع النشاط التدوينى الواسع الذى سَهَّل الورقُ أمره، وانتقلت عبره أنماط من النظم الاجتماعية التي كانت ستظل لولاه مدفونة فى حواضر وسط آسيا. وترجع تسميته إلى عام 1877م، حيث كان يربط هذا الطريق بين الصين والجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند، وكانت الصين فى عالم العصور القديمة أول دولة تزرع التوت وتربي ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية، حيث تعد المنسوجات الحريرية الصينية من أهم المنتجات التي تقدم لشعوب العالم حتى اليوم، لذا أطلق عليه اسم الحرير؛ نسبة إلى أشهر سلعة تنتجها الدولة التي أطلقته. وتمر السنوات، ويعلن الرئيس الصينى فى سبتمبر 2013 خلال خطاب ألقاه بجامعة "ظار باييف" فى "كازاخستان" مبادرة جديدة فى السياسة الخارجية تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون الدولي والتنمية المشتركة في مختلف أنحاء أوروآسيا، تتمثل في حزام طريق الحرير الاقتصادي، ثم يجدد دعوته في أكتوبر من العام نفسه، ولكن لإنشاء شبكة الممرات البحرية القديمة؛ لخلق طريق الحرير البحري، وذلك في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإندونيسي، مؤكدًا أنه يستهدف من ذلك الطريق السيطرة على الطرق في الشرق الأوسط ومحو قناة السويس من على خارطة العالم. السيسي يحول خطة الصين لصالح مصر.. والبرلمان الصيني يحاول هدم قناة السويس كان هذا المخطط سيتم بالفعل، لولا زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة للصين، والتي حولت مبادرة طريق الحرير من القضاء على مشروع قناة السويس إلى دعمه، فخلال زيارته للصين ظهرت فكرة أن مصر مركز وركيزة لطريق الحرير الجديد، خاصة مع المشروعات العملاقة، مثل قناة السويس الجديدة ومحور قناة السويس الذي سوف يتطلب العديد من المشاركات لدول عملاقة اقتصاديًّا مثل الصين. وقدم الرئيس الصيني "شى جين بينغ" مبادرة لإحياء طريق الحرير من خلال مصر وأكثر من 50 دولة يمر فيها الطريق، ومن جانبه رحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمبادرة، خاصة أن مصر في حاجة إلى الاستثمارات الخارجية الكبيرة في هذه المرحلة. وعلى الرغم من أن السير في هذا الاتجاه قد يجعل لمصر العديد من الفوائد الاستراتجية والسياسية من طريق الحرير، ويعد أهمها الشراكة الاستراتيجية مع أكبر دولة في العالم حاليًّا من حيث التعداد السكاني وأكبر دولة اقتصاديًّا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، فهذه الشراكة ستفتح الطريق للعديد من المشروعات العملاقة، وتضع مصر أقدامها كدولة محورية فاعلة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولكن يظل التخوف من التلاعب الصيني، خاصة بعد أن جاءت تصريحات "هان مي باينوغ" بالبرلمان الصيني تؤكد أن الطريق لن يستفيد من قناة السويس بقدر ما سيستغلها كمحطة في البداية، ومن ثم يحصل عليها بحق الانتفاع، ويستطيع الاستيلاء والسيطرة عليها. اتفاقية مبادئ بين الطرفين حل أمثل لضمان الحفاظ على قناة السويس وحول التخوفات من طريق الحرير وقناة السويس المصرية ومشروع القناة الجديدة تقول سلوى المهدي، أستاذ التخطيط بجامعة عين شمس، والخبيرة في شئون الطرق الدولية، إن الطريق الجديد لن يؤثرعلى مصر طالما أنه ستكون هناك اتفاقية مبادئ بين الطرفين، لافتة إلى أن الصين لا تنوي العداء مع أي دولة بقدر ما تحاول السيطرة على العالم بشيء من الحنكة والذكاء عن طريق المشروعات والتجارة والاقتصاد. وتابعت المهدي أن الطريق سيكون إفادة لمصر في المجال الاقتصادي بشكل كبير، لافتة إلى أن تصريحات المسئولين في الصين وتهديدات قناة السويس ليس لها أساس من الصحة، ففي زيارة السيسي الأخيرة للصين، أكد رئيس الصين له على التعاون بين البلدين. كلام عضو برلمان بالصين لا يعني أنه توجه للدولة وقال المستشار مجدي الجوهري، الخبير في القانون الدولي، إنه في حالة التعاون الحقيقي بين مصر والصين، سيكون في ذلك إفادة للبلدين، لافتًا إلى أن كلام عضو بالبرلمان الصيني عن السيطرة على قناة السويس ليس مؤشرًا على خطط الدولة، لافتًا إلى أن الصين من مصلحتها أن تكون قناة السويس فعالة حتى تحقق مكاسب لها. وأوضح الجوهري أن تاريخ التعاون بين البلدين يؤكد أن طريق الحرير لن يضر بقناة السويس إذا تم استغلاله الاستغلال الأمثل، مستدلاًّ بفبراير 1960، حينما وقعت حكومتا مصر والصين بروتوكول ملحق الاتفاقية التجارية في بكين، وتم تجديد البروتوكول التجاري بين البلدين لعام 1961. وفي أكتوبر عام 1982 تأسست اللجنة المصرية الصينية المشتركة للتعاون الفني والكهربائي في القاهرة. ومع نهاية عام 2005 بلغ عدد المشروعات الاستثمارية الصينية في مصر حوالي 35 مشروعاً، وهو ما يؤكد أن الصين لا تنوي خديعة مصر. وأشار الجوهري إلى أن الحل الأمثل لسد المخاوف التي من الممكن أن تلحق بطريق الحرير وقناة السويس هو توقيع اتفاقية مبادئ بين الدولتين، تكون ذات بنود توافقية تحافظ على مصالح مصر في الأساس الأول وعلى تواجد قناة السويس، وبالتالي يكون ذلك الضمان الحقيقي والقانوني أمام العالم أجمع بالنسبة لمصر ولقناة السويس. ومن الناحية الاقتصادية يؤكد صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، أن طريق الحرير لن يضر بقناة السويس مثلما يردد البعض، بل على العكس، فهو سوف يخدم مصر من خلال عدة محاور، أهمها أن جميع تجارة الصين التي تخرج إلى الدول العربية والإفريقية يتم إحياؤها عن طريق قناة السويس مرة أخرى. وتابع جودة أن استفادة مصر لن تقتصر على هذا الجانب فقط، فصناعة الحرير على مستوى العالم تقدر ب 18 مليار دولار، تحتكر الصين منها ما لا يقل عن 85% بعد سحبها من اليابان؛ بسبب زيادة أجور العمالة، والآن بعد أن ارتفع سعر العامل الصيني أيضاً، فمن الضرورة أن تنتقل تلك الصناعة منها.