بعد إعلان الرئيس عبد السيسي خلال جولته الأخيرة بالصين عن دعمه لمبادرة الرئيس الصيني لعودة طريق الحرير من جديد بعد توقف يقارب قرنين من الزمان، بعدما كان سبيلاً قديماً في نقل الحضارات بين الصين و دول العالم من بينهم مصر، فيرجع تاريخ وجوده إلى عام 3000ق.م وكان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة تسلكها السفن والقوافل بهدف التجارة أو نقل المعارف والثقافات بين الحضارات المختلفة في ذلك الوقت، فانتقلت عبره "الديانات"، فعرف العالم البوذية وعرفت آسيا الإسلام وإنتقل عبره "البارود" فعرفت الأمم الحروب المحتدمة المدمرة، وإنتقل عبره "الورق" فحدثت طفرة كبرى فى موروث الإنسانية مع النشاط التدوينى الواسع الذى سَهَّل الورقُ أمره، وإنتقلت عبره أنماط من "النظم الإجتماعية" التي كانت ستظل لولاه، مدفونة فى حواضر وسط آسيا.
واذا بحثنا حول سبب تسميته بهذا الإسم فترجع تسميته لعام 1877م، حيث كان يربط هذا الطريق بين الصين والجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند، وقد كانت الصين فى عالم العصور القديمة، أول دولة تزرع التوت وتربي ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية، حيث تعد المنسوجات الحريرية الصينية من أهم المنتجات التي تقدم لشعوب العالم حتى اليوم، لذا أطلق عليه إسم "الحرير" نسبة إلى أشهر سلعة تنتجها الدولة التي أطلقته.
وتمر السنوات و يعلن الرئيس الصينى فى سبتمبر 2013 خلال خطاباَ ألقاه بجامعة ظار باييف فى كازاخستان مبادرة جديدة فى السياسة الخارجية تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون الدولي والتنمية المشتركة في مختلف أنحاء أوروآسيا تتمثل في "حزام طريق الحرير الاقتصادي"، ثم يجدد دعوته في أكتوبر من العام نفسه ولكن لإنشاء شبكة الممرات البحرية القديمة لخلق "طريق الحرير البحري" وذلك في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإندونيسي.
ثم قام الرئيس السيسي خلال زيارته للصين بإعلان دعمه لمبادرة عودته من جديد لتطرح تلك المبادرة أسئلة أهمها كيفية العمل على تقوية العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين ؟ وهل هناك معوقات أمنية ستواجه إعادة هذا الطريق؟ ومدى إستفادة مصر من الطريق ؟ وتأثيره على نشاط قناة السويس ؟
فيقول السفير جمال بيومي- السفير السابق للإتحاد الأوروبي، إن عودة "طريق الحرير" لن يضيف بجديد للعلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين أو الدول التي تستخدم الطريق، لافتاً إلى أن وجود الطريق ضروري لفتح سبل جديدة للتجارة والتعارف بين الشعوب .
وأضاف بيومي ل"الفجر" أن لديه تخوفات بعد عودة طريق الحرير "البري" أن يلحق ضرر بدخل قناة السويس إذا فرضت عليه رسوماَ أقل مما تفرضها القناة، مضيفاً أنه يتفائل من عودة الجزء الآخر من الطريق وهو الجزء "البحري" قائلاً أنه يختلف في التأثير تماماَ على القناة فيساعد في زيادة حركة الملاحة وبذلك سيعمل على إرتفاع دخل القناة .
الطريق يخدم مصر بعد إستغلاله جيداً
ورأى الدكتور صلاح جودة- الخبير الاقتصادي، أن الطريق سوف يخدم مصر عند إستغلاله بالشكل السليم من خلال عدة محاور أهمها، أن جميع تجارة الصين التي تخرج إلى الدول العربية والإفريقية يتم إحيائها عن طريق قناة السويس مرة أخرى، مضيفاً أن إستفادة مصر لن تقتصر على هذا الجانب فقط، وأن صناعة الحرير على مستوي العالم تقدر ب 18 مليار دولار، وتحتكر الصين منها ما لا يقل عن 85% بعد سحبها من اليابان بسبب زيادة أجور العمالة والآن بعد أن إرتفع سعر العامل الصيني أيضاً فمن الضرورة أن تنتقل تلك الصناعة منها.
وأضاف جودة ل"الفجر" حول الأسباب التي ستجعل مصر أهم الدول التي ستستقطب صناعة الحرير من الصين أنها تتمثل في أن مناخ زراعة التوت متوفر في مصر بشكل كبير، ووجود نسب بطالة بين ربات البتوت، لافتاً إلى أن ذلك سيوفر العمالة اللازمة للصناعة وبذلك تكون مصر استفادت من طريق الحرير.
لا قلق من وجود "داعش"
وقال اللواء طلعت مسلم- الخبير العسكري والإستراتيجي، إن وجود "داعش" لن يؤثر في الطريق لأن عند إكتماله ستكون داعش قد إنتهت لأنها ظاهرة فقط ، مضيفاً أن الخوف ليس من داعش ولكن من ظهور عناصر إجرامية أخرى هدفها الإستيلاء على تلك القوافل التجارية التي تعبره.
وأضاف في تصريحه ل"الفجر"، أنه لا توجد نسبة أمان 100% على مستوى العالم، ولكن عند ظهور تلك العناصر يمكن السيطرة عليها بسهولة، مضيفاً أن مصر ستستطيع إحكام القبضة الأمنية عليه ولن تسمح بدخول أي عناصر إجرامية عن طريقه لأن خط سيره محدود داخل مصر .
