يتعمد أغلب السلفيين في مساجدهم تأخير وقت إقامة صلاة الفجر نصف ساعة أو أكثر؛ اعتقادًا منهم أن توقيت صلاة الفجر عند المصريين باطل، ومن ثم لا يجوز صلاة الفجر على حسب التوقيت الرسمي للدولة، وللأمانة فقد خرجت بعض الآراء تؤيد هذا الرأي كتلك التصريحات الأخيرة المنسوبة للدكتور ياسر عبد الفتاح، الباحث في المعهد القومي للبحوث الفلكية، بأن المصريين يصلون الفجر بتوقيت خطأ منذ 100 عام، ولكننا هنا لسنا في معرض الترجيح في هذا الأمر الذي يجب أن يتصدى له المتخصصون من علماء الفقه والفلكيين، بيد أننا نتحير من أمر بعض مشايخ السلفية الذين يُعرف عنهم منهجهم المنبطح من إطاعة الحاكم وإن جلد ظهورهم أو سرق أموالهم أو ضربهم بالسيف لكنهم في هذه النقطة خالفوا عقيدتهم ونكثوا على أنفسهم، وضربوا بالنصوص التي يتعبدون بها عرض الحائط، والتي دلت كما في العقيدة الطحاوية على إجماع سلف الأمة أن ولي الأمر وإمام الصلاة والحاكم وأمير الحرب وعامل الصدقة يطاع في مواضع الاجتهاد، وليس عليه أن يطيع أتباعه في موارد الاجتهاد، بل عليهم طاعته في ذلك وترك رأيهم لرأيه، فإن مصلحة الجماعة والائتلاف ومفسدة الفرقة والاختلاف أعظم من أمر المسائل الجزئية. ولأننا نعلم أن مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف وولي الأمر ووزير دفاعه لم يختلفوا في وقت صلاة الفجر؛ فَلِم إذن نزَع السلفيون المبايعون لكل حاكم متغلب على السمع والطاعة يدهم هذه المرة من الطاعة وشذوا وفارقوا في هذه الجزئية أمر الجماعة؟! هل يجب أن نصدق أن فعلهم هذا تنسك وتعبد وحفظ لبيضة الدين وإعلاء لشريعة رب العالمين؟ أم أن معارضتهم تلك ليس لها أدنى صلة بجرم الفعل وقبحه أو صغره أو كبره عند الله، ولكنها فقط المساحة التي يُسمح لهم أن يتحركوا فيها أمام مريديهم، حتى يفرغوا بعضًا من طاقات شبابهم المكبوتة، لكن من غير أن تؤذي حاكمًا أو تقترب بسوء من سلطة؛ لأنهم هم أنفسهم الذين يرون أن القرارات والسياسات التي تحارب الإنسانية، وتشوه الفطرة السوية كظلم الشعوب ونهب أقواتهم وقتل إرادتهم وتكميم أفواههم هي "فتن" يتحير فيها عباده الصالحين، وبالمثل فموالاة الأعداء ومعاداة الأتقياء وخذلان المستضعفين وحصار المقاومين "قضايا سياسية" ليست من اختصاصات علماء المسلمين. أما بالنسبة لتمسكهم بتوقيت صلاة الفجر؛ فليصدر فقط قرار سياسي من أصغر مسؤول بتوحيد وقت إقامة صلاة الفجر في كل المساجد المصرية، وحينها سيتحول فورًا نشيد "إلَّا صلاتي" إلى أغنية "الفجر لاح.. الفجر لاح.. آن الأوان آن الأوان." التقوى عِندي تَتلوّى ما بينَ البَلوى والبَلوى حَسَبَ البَخْتِ إن نَزلَتْ تِلَكَ على غَيري خَنَقَتْ صَمْتي. وإذا تِلكَ دَنَتْ مِن ظَهْري زَرعَتْ إعصاراً في صَوْتي! وعلى مَهْوى تِلكَ التّقوى أَبصُقُ يومَ الجُمعةِ فَتوى فإذا مَسَّتْ نَعْلَ الأَقوى أَلحسُها في يومِ السَّبتِ! الوسَطِيَّةُ: فِفْتي .. فِفْتي. أعمالُ الإجرامِ حَرامٌ وَحَلالٌ في نَفْسِ الوَقْتِ! هِيَ كُفرٌ إن نَزَلَتْ فَوقي وَهُدىً إن مَرّتْ مِن تَحتي! "أحمد مطر"